تحضر هذه الأيام قبائل وأعراش فليتة خمس خماس لوعدة "التويزة" التي تقام على مدى أكثر من أسبوع بين أهالي المنطقة، حيث تعتبر واحدة من المناسبات الراسخة في عادات وتقاليد قبيلة فليتة خمس خماس التي تنتشر من منطقة وادي السلام، بمحاذة الرحوية في ولاية تيارت إلى حدود سيدي محمد بن عودة، في الحدود مع منطقة وادي الأبطال. تقام الوعدة مرة في السنة خلال فصل الصيف، وتقيمها كل العائلات الفليتية، حتى تلك التي استوطنت المدن، تبركا بالوالي الصالح سيدي محمد بن عودة، حيث تقول بعض الروايات بأنه كان أول من أسس لها واعتاد عليها الأولون. يعود تاريخ "التويزة" إلى قدم السنين، حيث أسس أهل المنطقة لهذه الوعدة، وكانت تمثّل رمزا من رموز الكرم والجود من طرف جل أغنياء المنطقة، مع انطلاق حملة الحصاد اليدوية، تعبيرا عن كرم العائلة وحنكة المرأة التي تقوم بتحضير الأكل في ساعته. في هذه الفترة، لم تكن هناك حصادات ولا آلات جمع التبن، ولا غيرها، وكانت كل العملية تتم بوسائل تقليدية، بما في ذلك حملة الحرث، حيث يجتمع شباب ورجال الدوار لمباشرة العملية تطوعا كلّ مرة عند أحد الفلاحين، ضمن "التويزة"، ويعمد الفلاح الذي تنطلق عنده العملية إلى جمع كمية من السنابل ودرسها وتصفيتها وجمع القمح وطحنه بواسطة الطاحونة التقليدية، ثم بعد ذلك يصفى ويحضر منه طعام الغذاء لأوّل يوم تبركا بانطلاق عملية الحصاد، وبعد ذلك يشرع في عملية حصاد كل مرة عند فلاح من العرش، إلى انتهاء موسم الحصاد في عمليات تآزر بين الفلاحين، تقام الوعدة جماعيا وتحضر كل عائلات القبيلة الطعام للضيوف القادمين من مختلف أرجاء الولاية من القبائل الأخرى، بداية من يوم الأربعاء إلى غاية الأحد مساء. اليوم مع التقدّم الحضاري وظهور آلات الحصاد وغيرها من الوسائل المتطورة في شتى المجالات واختفاء وسائل الحصاد والدرس التقليدية، أصبحت "التويزة" تقام مع انتهاء حملة الحصاد، حيث تقيم كل قبيلة "التويزة" في نفس الموعد، وفي نفس الأيام وبنفس الطريقة والاحتفالات بالطعام والمدعوين، مع اختفاء أسس وعادات ظهورها، وأصبحت احتفالية أكثر منها روحية. كما غابت أيضا عملية التآزر بين المواطنين إلا في الوعدات والأكل. ورغم كل هذا، لم تختف "التويزة" من عادات وتقاليد قبيلة فليتة خمس خماس، حتى وإن غاب طعمها، خاصة بعد سنين الجمر التي عاشتها البلاد وغيرها من الأحداث التي عصفت بعادات وتقاليد المجتمع.