عطّاف يستقبل عزيزي    حاجيات المواطن أولوية الأولويات    اختتام زيارة التميز التكنولوجي في الصين    حشيشي يتباحث مع وفد عن شركة عُمانية    هيئة بوغالي تتضامن مع العراق    اعتداء مخزني على صحفي صحراوي    إعادة انتخاب دنيا حجّاب    ندوة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة    توقيف مُشعوذ إلكتروني    الشرطة توعّي من أخطار الغاز    المنظومة القضائية محصّنة بثقة الشعب    نتنياهو وغالانت في مواجهة سيف القضاء الدولي    مناشدة لحماية النساء الصحراويات من قمع الاحتلال المغربي    الجزائر تدعو إلى فرض عقوبات رادعة من قبل مجلس الأمن    الرئيس تبون رفع سقف الطموحات عاليا لصالح المواطن    آفاق واعدة للتعاون الاقتصادي وشراكة استراتيجية فريدة قاريا    رسميا.. رفع المنحة الدراسية لطلبة العلوم الطبية    الجزائر تسير بخطوات ثابتة لتجويد التعليم    دروس الدعم "تجارة" تستنزف جيوب العائلات    اتفاقيات بالجملة دعما لحاملي المشاريع    العميد يتحدى "الكاف" في اختبار كبير    استذكار أميرة الطرب العربي وردة الجزائرية    التجريدي تخصّصي والألوان عشقي    اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي تشارك في الندوة ال48 لل"إيكوكو" بلشبونة    منظمة الصحة العالمية:الوضع في مستشفى كمال عدوان بغزة مأساوي    اكتشفوا أحدث الابتكارات في عدة مجالات.. اختتام "زيارة التميز التكنولوجي" في الصين لتعزيز مهارات 20 طالبا    الرئيس الاول للمحكمة العليا: الجميع مطالب بالتصدي لكل ما من شأنه الاستهانة بقوانين الجمهورية    المجمع العمومي لإنجاز السكك الحديدية : رفع تحدي إنجاز المشاريع الكبرى في آجالها    انخراط كل الوزارات والهيئات في تنفيذ برنامج تطوير الطاقات المتجددة    إبراز جهود الجزائر في مكافحة العنف ضد المرأة    مخرجات اجتماع مجلس الوزراء : رئيس الجمهورية يريد تسريع تجسيد الوعود الانتخابية والتكفل بحاجيات المواطن    دراجات/الاتحاد العربي: الاتحادية الجزائرية تفوز بدرع التفوق 2023    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    وفد طبي إيطالي في الجزائر لإجراء عمليات جراحية قلبية معقدة للاطفال    تواصل اجتماعات الدورة ال70 للجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال الأطلسي بمونتريال    كأس الكونفدرالية الإفريقية: شباب قسنطينة يشد الرحال نحو تونس لمواجهة النادي الصفاقسي    مجلة "رسالة المسجد" تنجح في تحقيق معايير اعتماد معامل التأثير والاستشهادات المرجعية العربي    كرة اليد/بطولة افريقيا للأمم-2024 /سيدات: المنتخب الوطني بكينشاسا لإعادة الاعتبار للكرة النسوية    الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي : مشروع "غزة، من المسافة صفر" يفتك ثلاث جوائز    الحفل الاستذكاري لأميرة الطرب العربي : فنانون جزائريون يطربون الجمهور بأجمل ما غنّت وردة الجزائرية    الجَزَائِر العَاشقة لأَرضِ فِلسَطِين المُباركَة    عين الدفلى: اطلاق حملة تحسيسية حول مخاطر الحمولة الزائدة لمركبات نقل البضائع    الوادي: انتقاء عشرة أعمال للمشاركة في المسابقة الوطنية الجامعية للتنشيط على الركح    "تسيير الارشيف في قطاع الصحة والتحول الرقمي" محور أشغال ملتقى بالجزائر العاصمة    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    باكستان والجزائر تتألقان    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة        قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة صحية لكن بشروط
عن حركية «الكُتاب الشباب»، أدباء ونقاد جزائريون يتحدثون ل«المساء»:
نشر في المساء يوم 18 - 10 - 2017

كثر الحديث عن مشاركة الكُتاب الشباب في الطبعة المقبلة للصالون الدولي للكتاب بالجزائر، بين متحمّس لهذه المشاركة الغزيرة ومشكك في مستوى هذه الأعمال. وفي هذا، اتصلت «المساء» بنخبة من الأدباء والنقاد الجزائريين، وطرحت عليهم ثلاثة أسئلة حول نظرتهم لهذه المشاركة الواسعة، هل المعرض الدولي للكتاب فرصة لإبراز مواهب هذه الفئة أم أن همها الأكبر، بيع منتجاتها. وفي الأخير، إمكانية إرساء موسم أدبي في الجزائر، فكان هذا الموضوع.
الدكتور حبيب مونسي: على العمل الأدبي أن يمر بدائرة جميلة
قال الدكتور حبيب مونسي بأن الكتاب ظاهرة صحية، لكن يجب ترشيدها، قبل أن ينزل الكتاب بشكل نهائي إلى المعرض الدولي، مضيفا أنه يجب أن يعلم كل شاعر وروائي أنّ هناك خطوات يجب العمل بها بعد الانتهاء من التأليف، والتي اعتبرها صاحب كتاب «نظريات القراءة في النقد المعاصر»، ضرورية يلتزم بها كل مؤلف في العالم تقريبا، وهي أن يقوم بعرض عمله على مدقق لغوي، يأخذ أجرته ولا يتدخّل في العمل لا من الناحية الشكلية ولا من الناحية الفنية، وإنّما يلتزم بضبط اللغة التزاما دقيقا. كما أنه في العادة، يكون موظفا لدى الدار التي تتولى نشر هذه الكتب، مضيفا أنه حينما ينتهي العمل من التدقيق اللغوي يجب أن يعود إلى صاحبه مرة أخرى قبل النشر، هذا ما يسمى بالمراجعة الأخيرة، في هذه الحالة يُسند الأمر سواء كان رواية أو ديوان شعر، إلى قارئ يلتمس فيه صاحب العمل، قدرا من المعرفة العلمية والمعرفة الفنية وكذا الاستبصار النقدي، وهذا يعطي المسحة الأخيرة للكتاب قبل أن يلج الكتاب إلى الجانب المطبعي.
المطبعيون عادة يسيئون إلى الكتاب
في هذا السياق، يطالب الدكتور بعدم تسليم الكتاب فريسة للمطبعة، لأن المطبعيين عادة يسيئون إلى الكتاب، من خلال حجمه وطبيعة الورق والغلاف والعنونة واختيار الخط، مؤكدا على ضرورة أن تدرس كل هذه القضايا بشكل دقيق، لأننا «في هذا المستوى دخلنا في المجال التسويقي للكتاب، فعنوان المكتوب بخط جميل وفني يساهم في الترويج للكتاب. كما أن الصورة التي تكون مثبتة على واجهة الكتاب تشارك كذلك في الإعلان له، وهي المنوط بها ابتداء من إمساك القارئ بالكتاب». مشيرا إلى أن «القارئ، أول ما يشده حينما يمر على واجهة في المكتبة، هو عنوان الكتاب، ثم شكل الغلاف، فإذا كان شكل الغلاف مدروسا وكان للكاتب أثر في تشكيله، وكان للفنان الذي يقوم بما يسمى ب»الديزاين» دور في هذه العملية أيضا، يصبح هذا الشكل جزءا من الرواية، يعني أصبح المحتوى دالا على الرواية».
ويضيف الدكتور «نحن كثيرا ما قرأنا في رواية مثلا، لبطلة يكون شكلها مرسوما على الغلاف، وحينما نقرأ الرواية تبقى تلك الصورة، عالقة في أذهاننا لشخصية نراها على غلاف الصورة». كما اعتبر الدكتور أنّ الأعمال الأدبية حينما تنزل إلى المعرض الدولي للكتاب، يجب أن يصاحبها رجلان اثنان، الناشر وصاحب الكتاب، مضيفا أنه يجب أن لا يغيب صاحب الكتاب عن كتابه لأنّ حضوره جانب عمله، استقباله للناس، حديثه عن مؤلفه، وكذا حديثه عن مشروعه في الكتابة، مهم جدا. معتبرا أن هذه الرواية تمثّل خطوة داخل مشروع معين، فقد تمثل مرحلة ينتقل فيها الكاتب من روايته التي كتبها في السنوات الماضية إلى رواية يكتبها الآن، إلى رواية يكتبها لاحقا، وهذا هو الذي يغري القراء على القراءة ويعطي للكاتب نوعا من المصداقية، ليؤكد أن العمل الروائي ليس طفرة في حياة الناس، وإنّما هو عمل يبنى، استنادا إلى فلسفة حياة، وإلى رؤية مجتمع أو الترويج لفكر ربما يكون عبر مراحل معينة.
لدينا مواسم لكنها ليست رسمية
دائما وفي السياق نفسه، دعا صاحب رواية «جلالته الأب الأعظم»، إلى أهمية حضور النقاد في الصالون الدولي للكتاب. مشيرا إلى أن دعوة النقاد وحضورهم في المعرض من خلال الندوات واللقاءات والجلسات مهم جدا، قائلا إنه «حينما يحضر النقاد إلى جانب الشاعر والكاتب والقارئ، تنسج ثقة بين هذه الأطراف الثلاثة، وسيتم إعادة ربط الحبل بين المبدع والمستهلك الذي هو القارئ في نهاية المطاف». مضيفا أن «القارئ حينما يرى هذه الأطراف حاضرة، سيعلم قيمة الكتاب وسيدرك أن هذا الذي بين يديه ليس لقيا خرج من المطبعة هكذا وسقط على طاولة المبيعات، وإنما هو منتوج فني استكمل دورته، مثل الفراشة التي تمر ببويضة، فشرنقة، ثم تخرج خلقا جديدا جميلا، كذلك الكتاب لا بد أن يمر بهذه الدائرة الكبيرة، حتى يكتسب شرعية وجوده، ثم يجدد تلك الثقة التي سيثمنها القارئ من خلال المصروف الذي سيدفعه مقابل الكتاب».
هل للجزائر موسمها الأدبي؟ يجيب الدكتور بأنه إلى حد الآن، لدينا مواسم لكن مشكلتها أنها ليست رسمية. كما أن المسؤولين لا يعطونها من القيمة التي يجب أن تكون لها، مشيرا إلى أننا الآن في ربيع الشعر البليدي، وهو موسم أدبي بامتياز ويحمل صبغة دولية أيضا، ولو كانت لديه تغطية ثابتة من طرف الإعلام، ومن ثمة يكون له أرشيف يعود إليه الطلبة والدارسون، باعتبار أنه جمع في فترة معينة عددا من الشعراء والكتاب ودارت نقاشات حامية حول قضايا تهم الجزائر وثقافتها، ستكون لهذه المواسم ثقلها مثلما هو موجود في دول العالم، لكن «مع الأسف الشديد، نحن نوكل هذه المواسم إلى إداريين وإلى بعض المنظمين الذين يفتقرون إلى الأدوات المهمة التي يديرون بها هذه الملتقيات، وغالبا ما تنتهي هذه الملتقيات بتوصيات لا متابعة لها، فنصرف الأموال ونجلب الناس وربما نجنّد طاقات، لكن في آخر الأمر لا نكمل الخطوات إلى نهايتها»- يتحسر الدكتور-.
كما اعتبر صاحب كتاب «سيماء النماذج البشرية في القرآن الكريم»، أنّ الصالون الدولي للكتاب هو فرصة لإبراز مواهب الكُّتاب الشباب، كما أنّه تظاهرة تجارية، مضيفا أنه يمكن للكاتب الشاب أن يلتقي بدور نشر دولية، يعقد معها صفقات، وهذا ما يحدث عادة في الكثير من دور النشر، وفي نفس الإطار، المعرض متنفس اقتصادي بالنسبة للوطن، مضيفا أنّ المعرض الآن يضخ كتبا جديدة للمكتبات الوطنية، لأن الكثير من المكتبيين الوطنيين في المدن الجزائر العميقة يأتون لشراء كميات كبيرة جدا، خاصة أنه في نهاية المعرض الكثير من دور النشر العربية تبيع منتجاتها بالجملة تقريبا، لأنها لا تريد أن تشحنها مرة ثانية إلى بلدها، فهي ربما تنزل الأسعار لهؤلاء المكتتبين الذين يأخذون كميات كبيرة من الكتب وتؤثث بها مكتبات مدنهم.
❊ل.د
الدكتور عاشور فني: نعيش عصر التدفقات وتساؤلات عن واقع النشر الحر
أكد الدكتور عاشور فني عدم حاجة القارئ إلى ناقد لغربلة الأعمال الأدبية، بل يستطيع بنفسه أن ينتقي ما يقرأ وما لا يقرأ، مضيفا أنه لاحظ في السنوات الأخيرة نشأة دور نشر يمتلكها أدباء، يُمكن لهم التمييز بين الجيد والرديء، ليعود ويؤكّد ثقته في قدرة القارئ على التمييز، فإذا كانت إصدارات جيدة وذات نوعية سيحتفظ بها، وإلا فسيتخلص منها، مشيرا إلى حاجة الجزائر للمزيد من الإنتاج، ويضيف أن السوق الدولية غمرتنا بمنتوجات رديئة جدا، لكنها تُقبل لأنها جاءت من الخارج، حيث يشفع لها شيء واحد وهي أنها أتت من الخارج، سواء من المشرق أو من الغرب، لذلك يعتقد صاحب ديوان «رجل من غبار» أن هذه القضية ليست حقيقية، ليتساءل «هل تتوفّر شروط النشر الحر في الجزائر وهل تتوفر الإمكانيات لإنتاج غزير ووفير؟، هل المؤسّسات الثقافية تقدم ما يكفي من دعم للمؤلفين والناشرين خاصة الجدد منهم؟»، كما تأسف عن بذل المؤسسات الرسمية الثقافية لأموال طائلة، لكن أحيانا لا تمضي للجهة التي ينبغي أن تستفيد منها.
الثقافة يجب أن تكون في كل المواسم
في المقابل، اعتبر الشاعر أنه مع فتح فضاءات وأساليب جديدة للنشر والتوزيع، تحرر الجيل الحالي من المؤلفين، فلم يعد الناشر يتولى كل شيء رغم أنه في الحقيقة لا يقوم بالشيء الكثير ويهتم فقط بالطبع، بينما -يضيف- الدكتور، يوجد في الوقت الحالي تنافس بين الناشرين وحتى بين المؤلفين فيما بينهم، ليتساءل من جديد عن السبب الذي أدى إلى بروز أسماء كتابية ناجحة في الخارج، تعود إلى الجزائر من باب دور النشر العربية والأجنبية، ليؤكد أن هذا الأمر مثير للانتباه، وهو ما يتطلب إعادة النظر في مسألة النشر الحر في الجزائر.
أما بالنسبة لقضية الموسم الأدبي في الجزائر، فأشار فني إلى أنه لا يريد أن يأخذ بهذا المصطلح، لأنه يرى أن الثقافة يجب أن تكون في كل المواسم، كما أنها ليست وليدة مؤسسات، بل هي المعرفة التي يجب أن تكون في شكل تدفقات، لأننا نعيش في عصر أصحبت فيه التدفقات الرمزية أكثر من التدفقات المادية، مضيفا أنه يلاحظ أن الواردات والتدفقات السلعية متوفرة، لكن التدفقات الرمزية من كتب وموسيقى وأفلام نادرة، لهذا قال المتحدث إنه يضع نفسه في سياق آخر، وهو سياق التدفقات القوية الغزيرة التي ينبغي أن تصل إلى كل مكان، ليؤكد أن ما يحدث عندنا لا يمثل الموسم الأدبي، بل هو عبارة عن أحداث بسيطة مثل معرض للكتاب المدرسي، حتى أنّها مرتبطة بموسم آخر وهو الموسم الاجتماعي والموسم الدراسي، أما الموسم الأدبي فما زلنا لم نصل إليه.
في إطار آخر، اعتبر صاحب كتاب «من الصناعات الثقافية إلى الصناعات الإعلامية» أن الصالون الدولي للكتاب تظاهرة تجارية بحتة، لكن المنظمين حاولوا أن يطعّموه بجانب ثقافي، اعتبره المتحدث شيئا جيدا، لكن لا ينبغي أن نحمله أكثر مما يطيق، مضيفا أن الصالون ظاهرة تجارية، الغرض منها تسويق المؤلفات، فهو يشكل النشاط التجاري بالنسبة لدور النشر التي تعمل له مثلما تعمل التلفزيونات من أجل المسلسلات الرمضانية، ليؤكد أن العامل التجاري أولا، ثم يأتي بعده العامل الثقافي بالنسبة للصالون الدولي للكتاب بالجزائر.
❊ل.د
محمد الأمين بحري:أطالب بموعد ثان للكتاب
يعتقد الدكتور محمد الأمين بحري أن الحراك الثقافي بين الأدباء والمثقفين والإعلاميين المرافق للصالون هو أهم مكسب، أما عن قيمة المنشورات، فيشهد فوضى عارمة، ليس للصالون ومنظميه علاقة بها، بل إن الخلل أصلا في سياسة النشر. مضيفا أن قانون الكتاب في الجزائر بقي حبرا على ورق دون تفعيله على أرض الواقع، ليتساءل «ماذا يعني أن تخصص ترسانة من القوانين بخصوص الكتاب ونشره، في انعدام أية رقابة من أي نوع، حيث تشهد حياتنا الاقتصادية مراقبين على السلع والصحة والأسواق.. الخ، فلماذا يخلو سوق الكتاب والنشر من المتابعة والرقابة وتطبيق قانون الكتاب والنشر وتفعيله»؟.
مضيفا أنه كأدنى مثال على ذلك، توجد مئات دور النشر في الجزائر (وليست في الحقيقة سوى جهات للطبع وأغلبها لا يملك حتى المطابع، وما أكثر الوهمية منها، والكل تحت قناع دار نشر). في المقابل، لا توجد سوى ثلاث أو أربع على أبعد تقدير، تملك لجان قراءة متعددة الاختصاصات، والبقية بالمئات، تطبع وتسحب كل ما يأتيها وكما اتفق، بانعدام أية لجنة قراءة أو مراجعة وتدقيق لغوي، ليتساءل مجددا «هل لنا الحق بعد هذا أن نسأل عن قيمة ما يخرج من بطونها من منشورات؟ أو نحمّل الكاتب المسكين الذي لم يجد في دور النشر (التي لا رقابة ولا وصاية عليها) من يقرأ نصه أو يدقق لغته مسؤولية قيمة عمله»؟
موعد يتيم تعلق عليه الآمال
هل يعتقد الناقد بحري وجود موسم أدبي في الجزائر؟، فيجيب إنه لحسن الحظ ولسوئه معا، فالصالون الدولي للكتاب هو الحبل الوحيد الذي يعلق عليه موسم الدخول الأدبي، ويلتقي فيه المثقفون والأكاديميون والأدباء وشركاء الميدان، ويضبط عليه الكُّتاب ودور النشر جديد منشوراتهم، وتتنفس فيه الثقافة لأسبوع أو عشرة أيام، ثم تنطفئ لمدة سنة حتى الموعد القادم، ليطالب بأن يجد شركاء الحقل الثقافي وبالأخص الوزارة الوصية على الأقل موعدا ثقافيا آخر، أو تظاهرة ثانية، ولتكن في السداسي الثاني (في عطلة الربيع) من العام، ولتكن ربيع الكتاب العربي مثلا، وتساهم فيه مؤسسات خاصة وتطرح فيه استثمارات وتظاهرات وندوات وساحات للعرض والتبادل الثقافي، ويفتح الباب لعقود اقتصادية ثقافية تساهم في إنعاش المناخ والحياة الثقافيين. ويتساءل «هل تستكثر الوصاية على الثقافة موعدين ثقافيين للكتاب في السنة؟، (موعد كل 6 أشهر مثلا)، بدل الموعد اليتيم الوحيد على مدار السنة تعلق عليه كل آمال المثقفين»؟، ويجيب أن هذا غير كاف، بل هو احتقار وعدم اكتراث أو عدم تقدير قيمة الكتاب أو عدم وعي بأهمية الاستثمار الاقتصادي في الثقافة لو تكلمنا بلغة براغماتية.
«سيلا» لا يجب أن تكون هدفا للكتابة
هل يعتبر الدكتور الصالون الدولي للكتاب فرصة لإبراز إبداع المؤلفين الشباب، أم أن الطابع التجاري غلب عليه؟، أجاب بحري بأن الطابع التجاري في ميدان الثقافة لا غبار عليه، وقد سبقتنا حتى دول العالم الثالث في الاستثمار فيه، بينما بقي بلد بحجم قارة كالجزائر، ترقب موعدا ثقافيا وحيداً على مدار السنة. فرغم وجود الجانب التجاري إلا أنه لا يعول عليه إلا من حيث الترويج، أما الربحية فلا أحد يعتقد بأن موعدا وحيدا سنويا سيدر الربح على الناشر أو المشارك، مضيفا أنه من جهة ثانية سيكون فرصة حقيقية للكتاب الشباب والمؤلفين في مختلف الفنون والعلوم والاختصاصات لأن يصدروا أعمالهم، فعلى الرغم من أن ما ينشر على مدار السنة من كتب يبقى أهم بكثير من الكتابات المناسباتية التي تكتب حصرا من أجل الصالونات والمواعيد وليس من أجل إثراء ميادينها. مؤكدا أن المواعيد الثقافية كالصالون الدولي للكتاب، يجب أن تكون وسيلة لتنمية الثقافة والكتاب، لا أن تكون هدفا للكتابة. وكثير من الكتابات التي جعلت من الصالونات أهدافا لها، هي مجرد بهرج لا يخدم حتى صاحبه، فما بالك بخدمة الثقافة التي يفترض فيه إثراؤها.
عاد بحري ليطالب بموعد ثقافي ثان للكتاب على الأقل، يفعّل الحراك الأدبي، ويقضي على المناسباتية في الكتابة، وينصف المبدعين والمؤلفين من الأقلام النشطة على مدار السنة، ويمنح متنفسا نوعيا للشراكة بين الاقتصادي والمثقف، والتعامل مع ثقافة الكتاب بأكثر احترافية. «ونبلغ ما بلغه جيراننا والعالم من حولنا في هذا الحقل الذي لم نوفيه حقه من الوعي بعد».
❊ل.د
باديس فوغالي: ضرورة الابتعاد عن التظاهرات الثقافية المناسباتية
اعتبر الدكتور باديس فوغالي، أن ما ينتج من الكتب في العشرية الأخيرة، حالة صحية ومكسب إضافي، لكن لا بد من قراءة متمعّنة لهذا المنتوج الغزير، من خلال اعتماد دور النشر على لجان مختصة للقراءة، مضيفا أن معنى ذلك أنه ليس من يتوفر على مبلغ مالي ينشر عمله الروائي، أو القصصي أو الشعري ويدفع به إلى السوق. لهذا لا بد من لجنة قراءة ومن لجنة تدقيق لغوي، وأيضا من الضروري تنظيم عملية إشهارية تواكب هذا الإصدار، وتساهم فيها كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، بالأخص المكتوبة التي ينبغي أن تخصص قسما خاصا بالمنشورات الجديدة، من روايات وقصص وأشعار وكتب نقدية وغيرها، مؤكدا أننا بهذا نقف عند الغربلة بطريقة عادية تنظيمية وليس بطريقة احتكارية لدور النشر. كما يتم التوجه الإيجابي لانتقاء الأعمال التي هي في المستوى والجديرة بالقراءة والبقاء.
أما عن وجود موسم أدبي في الجزائر أو لا، قال صاحب كتاب «ذاكرة الوشم» أن الملتقيات تنظم عندنا خلال الأعياد الوطنية، وهو ما اعتبره ظاهرة غير صحية، مشيرا إلى ضرورة توزيع الملتقيات على مدار العام، أما في مسألة الموسم، فقال الدكتور إنه ربما يعد الدخول الاجتماعي دخولا ثقافيا أيضا بعد العطلة الصيفية، وهو الشيء المعمول به، أما أن نخصص موسما معينا يرتبط ب16 أفريل يوم العلم ونجعله موسما ثقافيا، فهذا ما يرفضه الدكتور تماما.
في حين اعتبر أن الصالون الدولي للكتاب بالجزائر، يتم فيه إبراز المواهب والأقلام الجديدة، لكن طابعه بالأخص تجاري، لأن دور النشر المشاركة همها بالدرجة الأولى تسويق الكتاب، أي همها تجاري، لكن لابد أن تساهم المؤسسات والقطاعات الثقافية الأخرى الشريكة، وبقدر كاف في هذا الصالون، لتعطيه القيمة الثقافية.
الدكتور عبد الله حمادي: ڑالقارئ هو من يغربل الأعمال الأدبية
في هذا الإطار، قال الدكتور عبد الله حمادي بأن الجزائر مرّت بمرحلة تكفلت فيها مؤسسة وطنية بعملية النشر، وكانت تضم لجنة لتقييم الأعمال الأدبية. مضيفا أن آثارها السلبية كانت كثيرة، فكان من الممكن أن يضع الكاتب منشوره على مستواها ولا يصدر إلا بعد عشر سنوات كاملة، فكان هناك نوع من التعصب والانحياز لبعض الإنتاج.
الثقافة في الجزائر لا تنقطع تماما ولا تستمر أبدا
أما عن قضية غربلة الأعمال الأدبية، فأشار صاحب «السيرة الذاتية لخير الدين بربروس»، إلى أن القارئ هو الذي يغربل، فأما الزبد فيذهب جفاء وما يصلح سيبقى. مضيفا أنه حتى ولو تم نشر الكثير من العناوين، يجب ترك هذا الأمر للقارئ الذي يفترض أنه واع، فلا يمكن أن يتجه إلى عالم الكتاب إلا إذا كان يحسن القراءة، بالتالي يحسن الاختيار أيضا، معتبرا أن الكتب التي تجد صدى ستدوم وتصبح في متناول القراء. أما الكتب التي تكون ضعيفة وليست ناضجة، سيتم عزلها تقريبا وإبعادها، ليعود ويؤكد وقوفه إلى جانب حرية النشر، خاصة أننا نعيش في زمن «الحرية والديمقراطية»، لهذا اعتبر الدكتور أنه من غير الممكن تنصيب لجان الرقابة أو وضع مقص الرقابة على أعمال المبدعين، بل طالب بفتح المجال وإعطاء الفرصة للجميع، وهكذا قد يتمكن شاب من إبراز مواهبه وتكون له هذه الفرصة ليحتل مكانته في الساحة الأدبية والثقافية.
وعن وجود موسم أدبي في الجزائر من عدمه، ذكر صاحب كتاب «ابن باديس، سيرة ومسيرة»، أنه قديما قال الرحالة ومن بينهم الورتيلاني، بأن الثقافة في الجزائر لا تنقطع تماما ولا تستمر أبدا، أي أنها تزهر في ثلاثة أشهر شتاء ونظيرتها من فصل الربيع، أما في بقية الأشهر فتنعدم تقريبا، مضيفا أنه يلاحظ في الميدان أن المهرجانات الثقافية تدور في أواخر الخريف إلى أواخر الربيع، وبعدها ينتهي كل شيء، فبقي هذا التقليد مكرسا في الجزائر لأنها ليست لها قاعدة ثقافية عبر التاريخ تكون موثقة وثابتة. مشيرا إلى أن هذا التقليد يتعثر باستمرار، فأحيانا ينهض ومرات يختفي، ليؤكد على ضرورة وجود مؤسسات كبيرة وثابتة، إلى جانب رصد بعض الشيء من التشجيع للمثقفين والأدباء، لأن العمل بالمجان في النشاطات الثقافية لن يستمر كثيرا وينتهي بالفشل دائما، مضيفا أن هذا ما نشهده من خلال اختفاء ملتقيات رغم تنظيم عدة طبعات لها، ليقدم مثالا بملتقى الشعر «محمد العيد آل خليفة» الذي انقطع بعد سنوات من تنظيمه وأصبح نسيا منسيا، وكذا ملتقى الرواية والقصة، قائلا إن هذه الأمور تحدث لأن الثقافة لا تعتبر من الأولويات بالنسبة للدولة، التي بقيت تنظر إلى الثقافة على أنها نوع من الكماليات، فلا تريدها أن تختفي نهائيا ولا أن تستمر بدون توقف، مضيفا أنه لا يدري إذا كان هذا الأمر خوفا منها أو عليها، ليؤكد أن الثقافة تحتاج إلى تقليد وتكريس وأن تصبح كالخبز اليومي يتناوله الإنسان وكالهواء الذي يتنفسه يوميا، ومادام أنها لم تصل إلى هذه الدرجة وتصبح حاجة ماسة كالخبز والماء، فالثقافة تبقى عرجاء ولا تحتل المكانة التي تستحقها.
المعرض فرصة لضخ دم ثقافي جديد
في المقابل، لم يعتبر الدكتور المتخصص في الثقافة الناطقة باللغة الإسبانية، أن الصالون الدولي للكتاب فرصة لإبراز إبداع الشباب أو أنه ذو طابع تجاري محض، بل هو مناسبة لضخ دم ثقافي جديد في الساحة الثقافية في الجزائر، باعتبار أنه يضم العديد من المنشورات لدول كثيرة، بالتالي يشكل فرصة كي يطلع الجزائري بصفة عامة والقارئ بصفة خاصة عن جديد ما يطبع في العالم العربي. مشيرا إلى أن الصالون يعد الفرصة الوحيدة لتحقيق هذا الغرض، باعتبار أن قضية تداول الكتاب من دولة إلى أخرى مشكلة ما تزال مطروحة، فالكتاب الجزائري لا يصل إلى الدول العربية، والمشارقة يشتكون من هذا رغم ما طبع خاصة في المناسبات الكبرى، وهي «الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007»، و»تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011»، و»قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015»، متأسفا عن عدم تداول الكم الهائل من الكتب التي تجاوز عددها ثلاثة آلاف، حتى في الجزائر، ففي حين شجعت الدولة النشر وتحملت نفقاته، لم تواصل في عملية نشر الكتاب أفقيا وتوزيعه توزيعا عادلا على مختلف مناطق الوطن، بل بقيت هذه الكتب حبيسة أدراج المكتبات الكبرى أو حتى مكتبات البلديات، لكنها مع الأسف لا تباع في المكتبات العامة وتكون في متناول من يريد أن يشتريها، -يضيف الدكتور-.
❊ل.د


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.