قد لا يخطر ببال احد بأن إطارات العجلات المستعملة والمواد الاصطناعية المهملة يمكن أن يكون لها شأن عظيم في تحقيق جودة المشاريع القاعدية، وضمان سلامتها وأمنها، غير أن قطاع الأشغال العمومية الذي أدخل على أساليب عمله نحو 47 تقنية حديثة، استطاع إثبات هذه الفرضية التي أصبحت حقيقة متينة متانة الهياكل التي تم تدعيمها بفضل استعمال الأنسجة الاصطناعية، التي أوجدت حلولا ناجعة للعراقيل الجيولوجية التي كانت تعترض انجاز عدة مشاريع على مستوى 16 ولاية. فقد دعا وزير الأشغال العمومية، السيد عمار غول، أمس، إلى تثمين استعمال الأنسجة الاصطناعية، في انجاز الهياكل القاعدية الكبرى، وتعميمه عبر كامل ولايات الوطن بعد أن تم إثبات نجاعة هذه المواد في الأشغال الموجهة لدعم مختلف منشآت القطاع، وأوضح في افتتاحه للملتقى الوطني لاستعمال المواد الاصطناعية في مشاريع قطاعه، والمنتظم بقاعة المحاضرات لقصر المعارض الصنوبر البحري على هامش الصالون الدولي السادس للأشغال العمومية، أن التجربة التي خاضها القطاع في مجال استعمال هذه التقنيات الحديثة منذ سنة 2003، كللت بالنجاح على مختلف المستويات وذلك بعد استخدامها في مشاريع متنوعة، لاسيما من اجل دعم المنشآت الفنية الطرقية والمطارية والبحرية، حيث تجلت نجاعة هذه المواد في مجال مقاومة انزلاق الأرضية، ودعم أكوام التربة التي تنجز عليها الطرق، وكذا في مقاومة الصدأ الذي تتعرض له الهياكل البحرية، والتشققات التي تصيب أرضية المطارات بمناطق الجنوب الجزائري، مما يستدعي، حسبه، الوقوف عند محطة تقييمية للنظر في أهمية هذه التقنية الحديثة المستعملة حاليا في العديد من دول العالم، وفي إمكانية تعميم استخدامها على المشاريع الجاري انجازها عبر كافة ولايات الوطن بعد نجاح التجربة التي تعممت على مستوى 16 ولاية. وتشمل الأهداف المتوخاة من هذا الملتقى الذي أعلن بمناسبته عن التحضير لتأسيس لجنة وطنية لاستغلال المواد الاصطناعية في المشاريع الكبرى، تثمين هذه التقنية التي تضمن عامل النوعية في انجاز المشاريع، وتنظيم إطار استعمال المواد الاصطناعية، وإدراجها في برامج التكوين التي يستفيد منها الإطارات والمهندسون والتقنيون العاملون بالقطاع، لا سيما وأنها تقدم الحلول لمشاكل وعراقيل ميدانية، وتضمن كسب الرهانات الأربعة التي يعمل القطاع على تحقيقها، وهي الجودة، والآجال، والتكاليف وعامل دمج المشاريع في محيطها الشامل. كما يضمن استعمال الأنسجة الاصطناعية، على غرار العجلات المستعملة للسيارات، عامل الحفاظ على البيئة من خلال تخليصها من بقايا المواد الاصطناعية، والاستفادة منها في انجاز الهياكل والمنشآت القاعدية. وقد حضر الملتقى خبراء وأساتذة متخصصون من معاهد وطنية ودولية، من بينهم الخبير عبد المالك بوعزة الأستاذ في جامعة "موناش" الاسترالية، وممثل الجمعية الدولية للمواد الاصطناعية، والذي أشاد بقرار الوزير القاضي بإنشاء لجنة وطنية تعنى بهذه التقنية التي تحمل أبعادا بيئية وتنخرط بشكل كامل في مسار تفعيل عوامل التنمية المستدامة. كما أعلن الوزير بالمناسبة عن إستحداث دليل تطبيقي خاص باستعمال هذه المواد الاصطناعية، مع تخصيص قسم خاص بالمعهد العالي لتسيير المشاريع المهيكلة الكبرى، الجاري انجازها بالشراكة مع المؤسسة الصينية "سيتيك سي أر سيسي"، لتطوير التقنيات الحديثة التي تعتمد على هذه المواد. وبالمناسبة دعا ممثل الحكومة كل شركاء القطاع من باحثين وطنيين ودوليين إلى الانخراط في مسعى ترقية استغلال مثل هذه التقنيات الجديدة التي تندرج في إطار تحسين القدرات وكسب المزيد من الخبرة من اجل الوصول إلى أعلى درجة من الجودة والنوعية التي اعتبرها سلسلة من المحطات التي لاتنتهي.تجدر الإشارة إلى أن قطاع الأشغال العمومية، شرع منذ 2003 في استعمال المواد الاصطناعية في انجاز ودعم منشآت فنية وقاعدية متعددة، منها استخدامه لنحو 11 ألف عجلة مستعملة، لتثبيت الأرضية في مشروع طريق سريع بسكيكدة، و500 عجلة مستعملة في أشغال حماية ضفاف الساحل ببواسماعيل بتيبازة، علاوة على استخدامه لمواد اصطناعية أخرى، لتثبيت أرضيتي مطاري بجاية وعين أرنات بسطيف، وتجميع المياه التي كانت تتسبب في السابق في انزلاق التربة بموقع الرياح الكبرى بالعاصمة.