يشارك رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، في القمة الثانية للاتحاد الأوروبي- إفريقيا المقرر انعقادها اليوم وغدا والتي ستعكف على إنعاش الشراكة الاستراتيجية بين القارتين المرتبطتين بتصور "مشترك" حول مستقبل "أفضل" لشعوبهما· وكان وزراء خارجية أكثر من 60 بلدا إفريقيا وأوروبيا قد عقدوا الأربعاء الماضي بشرم الشيخ المصرية، اجتماعا تشاوريا حول استراتيجية أورو- إفريقية من شأنها دعم التعاون بين الجانبين، وذلك تحسبا لقمة اليوم حيث درسوا الوثائق المقرر أن تطرح على رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوربي في لشبونة منها الوثيقة المتعلقة بالشراكة الاستراتيجية التي تؤكد أهمية السلم والأمن كشرطين ضروريين لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والدعوة إلى تحسين مجال الاستثمارات بالبلدان الإفريقية ورفع قدراتها الإنتاجية وحل إشكالية الهجرة السرية ومكافحة انعكاسات التغيرات المناخية· ومن المفترض أن يؤكد التصريح الختامي الذي سيتوج قمة لشبونة على ضرورة مواصلة الحوار الإفريقي- الأوروبي والتركيز مجددا على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين الكتلتين حيث إلتزم المجلس الأوروبي مع نهاية سنة 2006 بتعزيز هذه الشراكة وتحويلها إلى استراتيجية مشتركة في قمة لشبونة، كما أدرجت هذه الشراكة التي تم اقتراحها بباماكو سنة 2005 وتمت المصادقة عليها بأديس أبابا سنة 2006 في شكل خارطة طريق تعرض للمناقشة بانتظام· ويضع البرتغال الذي يشرف على الرئاسة الدورية للإتحاد الأوروبي نجاح هذه القمة الثانية على رأس أولوياته كما يسعى الاتحاد الأوروبي ليجعل من هذه القمة بينه وبين إفريقيا انطلاقة تجديد الشراكة التي لا تقتصر على العلاقة بين المانحين والمستفيدين بل تقوم على الشراكة الإستراتيجية التي ستصادق عليها 53 دولة إفريقية (كل الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي والمغرب)، حيث تتركز هذه الأخيرة على مجموعة واسعة من المواضيع التي سيتم تقييمها خلال القمة القادمة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا· وسيتم عرض مخطط عمل ملموس للفترة 2008 -2010 بهدف تعزيز ثماني شراكات أوروبية إفريقية تتمثل في الأمن والسلم، الحكم الراشد الديمقراطي، حقوق الإنسان، التجارة والتكامل الإقليمي، أهداف الألفية للتنمية، الطاقة، التغيرات المناخية، الهجرة والتنقل، التوظيف، العلوم، مجتمع الإعلام والفضاء· ويرى الاتحاد الأوروبي أن هذه القمة ينبغي أن تشكل مرحلة جديدة تتجاوز ثقل الماضي وتفتح المجال لتجديد الرؤية المتعلقة بالتعاون على أساس المساواة والامتلاك المشترك، حيث أوضح رئيس المفوضية الأوروبية السيد خوسي مانويل باروسو ومحافظ التعاون للتنمية السيد لويس ميشال خلال ندوة صحفية نظمت أول أمس،"أنه ينبغي العمل على التغيير الجذري للمقاربات ذات الصلة بالتعاون" و أن "إفريقيا ينبغي أن تكون من ضمن الأولويات الرئيسية للاتحاد الأوروبي"· وأشار رئيس المفوضية الأوروبية إلى أنه على الرغم من استمرار الوضعيات "غير المقبولة" (الفقر المدقع والنزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان) فقد حققت القارة الإفريقية تقدما ملموسا خلال السنوات الأخيرة كما تحسن الحكم الراشد بالنظر إلى العدد المتزايد من الانتخابات الديمقراطية التي يتم تنظيمها وانحصار عدد النزاعات المسلحة· ودعا المتحدث إلى توسيع الشراكة إلى الشباب (قمة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا للشباب تقام بلشبونة) والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والمقاولون والبرلمانات والمنتخبون المحليون والجامعات ووسائل الإعلام· من جانبه أوضح "صديق إفريقيا" الاتحاد الأوروبي السيد لوي ميشال أن فكرة "تغيير" طبيعة التعاون "مرغوب فيها سواء من الاتحاد الأوروبي أو من البلدان الإفريقية، مشيرا إلى أن العلاقة بين المانحين والمستفيدين لا يمكنها إلاّ أن تؤدي إلى علاقة تبعية تؤول بدورها إلى "الحرمان والمهانة" · وقد أضحت إفريقيا التي يبلغ عدد سكانها 5ر1 مليار نسمة ونظرا لجوارها الجغرافي والتاريخي والثقافي "رهانا جيواستراتيجيا" على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني وكذلك "التوازن العالمي"، حيث أكد المحافظ الأوروبي للتنمية والمساعدة الإنسانية في هذا الصدد أن "التحالف السياسي بين إفريقيا وأوروبا يمكن أن يؤثر على التوازن العالمي إذا ما كانت لنا استراتيجيات مشتركة"، مضيفا أنه ينبغي أن نخرج من التصور المأساوي لإفريقيا التي عرفت تغيرا جذريا حيث شهدت ما لا يقل عن 12 دولة خلال السنتين أوالثلاثة الأخيرة تغيرات ديمقراطية وأن آلية التقييم من قبل النظراء في إطار الاتحاد الإفريقي تعد في هذا الصدد جديرة بالاهتمام إلى جانب تشابه هياكل الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي· وأكد السيد ميشال على ضرورة نسيان كليا فكرة أن إفريقيا محمية أوروبية ولومها على تكثيف تعاونها مع الصين وشركاء آخرين بل يجب تشجيعها على ذلك بما أنه يعود عليها بالفائدة وهذا في الوقت الذي تتنافس فيه الدول الأوروبية على الأسواق الصينية· ويبقى الاتحاد الأوروبي منذ 40 سنة أكبر المانحين لإفريقيا بتبرعات وليس قروض تصل إلى 30 مليار أورو سنويا بالإضافة إلى أن "الجالية الإفريقية الكبيرة بأوروبا تقوم بإرسال مبالغ جد معتبرة" لبلدانها الأصلية كما أن الاتحاد الأوروبي يبقى الشريك الأول لإفريقيا·