يطير فريق العمل المسرحي «كارت بوسطال» الذي أنتجه مسرح معسكر الجهوي، إلى الأردن، ليشارك في مهرجانه المسرحي 24، إلى جانب ثمانية عروض تمثل سبعة دول، على أن يشارك ممثل الجزائر يوم الأحد المقبل. وتُختتم التظاهرة يوم 22 نوفمبر الجاري بعد أن استُهلت أمس الثلاثاء. بهذا الصدد ارتأى المسرح الوطني الجزائري «محيي الدين بشطارزي»، احتضان عرضين لمسرحية «كارت بوسطال» لدعمه معنويا وخوض منافسة مهرجان الأردن سهرة أوّل أمس، وكان هذا العمل شارك في أطوار المهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورة 2016. ويعرّي هذا العمل المسرحي الواقع السياسي المترهل من خلال شخصية «سي قدور الماركانتي» (محمد فريمهدي). شيّد المخرج قادة شلبي بنيته الدرامية في قالب كوميدي تراجيدي. أما كاتب النص فتحي كافي، فحاول أن يقترب من هذا الواقع بفضل الشخصيات التي ألّفها، غير أن أداءهم كان متفاوتا بشكل ملفت، وكان صوتهم الخافت حجر عثرة، عرقل وصول الحوار إلى الحاضرين. تقوم المسرحية بعملية نقدية لاذعة لشخصيات سياسية ضعيفة المستوى، قوّتهم في نفوذهم ومالهم فقط. تتلوّن خطاباتهم على حسب مصالحهم؛ فلا مبدأ إليه يحتكمون غير المصلحة الضيقة، ف «كارت بوسطال» سلّطت الضوء على هذا الجانب؛ من خلال مشهد سي قدور الماركانتي وهو على منبر مخاطبة جمهوره. وبنفس كلمات الخطاب يلوّن سي قدور كلامه على حسب توجّهات الناس؛ سياسية، دينية أو حتى رياضية، وهي توجهات تتصل بالواقع إلى حد التطابق. تتطرّق المسرحية للعلاقات الاجتماعية بين شخوصها، والتي أصبحت تتسم بالبرودة وتغلب المظاهرة عليها بشكل يهدد الرباط الأسري، إذ إن العمل يقدّم دعوة هادئة للتأمل في الذات وإعادة ربط العلاقة مع الآخر. وصوّر المخرج هذا الموضوع في صراع الأب «سي قدور» مع ابنته «سوسو»، التي طالما تمنت بعضا من اهتمامه وليس ماله، الأمر الذي جعلها تهرب في الأخير بسبب بطشه. وتقف المسرحية عند مشكل تشنج العلاقة الزوجية بسبب الأولاد، إذ تعيش شخصية «خالتي ماما» هوسا بسبب عقمها، وتحيا على أمل أن ينتفخ بطنها يوما ما وتنجب البنت التي حلمت بها، لكن زوجها واجهها بالحقيقة لما نزع الوسادة التي تتوسط جسدها، مؤكدا لها أن ما تعيشه ما هو إلا زيف لا طائل منه. جدير بالذكر أن شخصية «سي قدور» كانت الحلقة الأقوى في العرض، وهو ما يعكس، ربما، جنوح غالبية الجمهور إلى النوع الكوميدي، فقد أحسن محمد فريمهدي في نقل الشخصية السياسية الهشة التي لا تعرف الحديث ولا تستقر على جمل مفيدة وتلعثمها المتواصل، وهو أيضا وليد الواقع. سينوغرافيا العرض تتمثل في بلاطو تلفزيوني حيث تجسَّد المسرحية، لذلك كثرت الأضواء الكاشفة ومظلاتها. ويتوسط الخشبة مسار سكة على شكل قوس، بدا معرقلا لحركة الممثلين رغم أهمية هذه القطعة في العرض ككل.