يركن قادة الأحزاب وممثلوهم للراحة ابتداء من اليوم بعد ثلاثة أسابيع ماراطونية قطعوا فيها آلاف الكيلومترات شمالا وجنوبا، شرقا وغربا لإقناع الناخبين واستمالتهم، ليدخلوا بداية من منتصف ليلة أمس، فترة الصمت الانتخابي، ومعها مرحلة الترقب وانتظار ما ستسفر عنه نتائج الاقتراع وما يفرزه الصندوق يوم الخميس القادم. أسدل الستار منتصف ليلة أمس، على الحملة الانتخابية لمحليات 23 نوفمبر بعد نشاطات مكثفة برمجتها مختلف الأحزاب والقوائم المشاركة في هذا الموعد بمختلف مناطق الوطن، لتدخل ابتداء من اليوم مرحلة الصمت الانتخابي في انتظار قرار الفصل الذي ستنطق به صناديق الاقتراع يوم الخميس القادم، بإفرازها لتركيبة المجالس الشعبية البلدية والولائية الجديدة. ودعا رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال الأحزاب السياسية والمترشحين إلى احترام مرحلة الصمت الانتخابي التي تمنع القيام بأي نشاط دعائي، في وقت واصلت فيه كل التشكيلات السياسية والقوائم الحرة والتحالفات، الحملة الانتخابية في لحظاتها الأخيرة، لتكثيف نشاطاتها لاستقطاب أكبر قدر من الهيئة الناخبة، لتوجه بداية من اليوم بوصلتها باتجاه موعد الحسم. وبغض النظر عن الشكل الباهت الذي اتخذته الحملة الانتخابية، لا سيما في أيامها الأولى، فإن كافة التشكيلات السياسية والقوائم الحرة، تمكنت خلال رحلة الإقناع التي امتدت ل22 يوما من إيصال رسالتها وتبليغ الناخبين المحاور الكبرى لبرامجها الانتخابية، لتفسح المجال الآن للناخبين الذين يعود لهم الخيار الحر والكلمة السيدة. الدعوة للتصويت بقوة، القاسم المشترك للأحزاب وإن اختلفت خطابات وبرامج التشكيلات السياسية طيلة أيام الحملة، فإن القاسم المشترك الذي جمع بينها، هو محاولة كسب ثقة الناخب وإقناعه بواجب الانتخاب خشية المقاطعة والعزوف، حيث استغل منشطو الحملة في هذا الإطار كل الأوراق لكسب ثقة المواطن سواء بارتداء لباس منطقته أو إبراز خصوصياتها ومؤهلاتها التي تحتاج إلى تثمين وترقية. وعلاوة على الوعود والمقترحات التي قدمتها لتحسين ظروف معيشة المواطن، فقد طغت الأفكار السياسية التي ظلت تدافع عنها هذه الأحزاب على خطاب القادة الوطنيين للتشكيلات السياسية، حيث لم تتوان بعض الأحزاب السياسية في الحديث عن قضايا بعيدة عن الموعد المحلي، على الرغم من أهميتها وحيويتها مثلما فعلته بعض التشكيلات التي خاضت في الحديث عن الانتخابات الرئاسية القادمة قبل أوانها. حملة هادئة اعتمدت التلميح والتشفير في المواجهة وان كانت الحملة الانتخابية هذه المرة هادئة ولم تسجل مناوشات وتجريح وقذف وتراشق بالكلام كما كان عليه الأمر في السابق، فإن بعض الأحزاب اختارت أسلوب التلميح برسائل مشفرة للرد على أفكار خصومها أو حتى حلفائها أحيانا، وهو ما تجلي في تراشق الأمين العام لجبهة التحرير الوطني مع رئيس الحركة الشعبية الوطنية حول مسألة الشرعية الثورية. كما أخذت اتهامات الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى للأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون بانتقاد السلطة وعدم تقديم حلول بديلة للأزمة الاقتصادية قسطا من هذه الحملة، في الوقت الذي لم تتوان فيه هذه الأخيرة عن توجيه أصابع الاتهام لغريمها في الأرندي بخصوص مشاريع القوانين الاقتصادية. من جهتها، أكدت الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات أن الحملة الانتخابية في عمومها كانت هادئة كونها لم تعرف تجاوزات خطيرة، حيث سجلت الهيئة 576 إخطارا، 3 منها فقط أخذت الطابع الإجرامي وتعلقت أساسا بحرق مداومات الأحزاب، وتم إحالة المتورطين فيها على العدالة. إجماع على الأمن والاستقرار وتوسيع صلاحيات المنتخبين حتى وإن اختلف الخطاب المأخوذ من اللون السياسي لكل حزب، فإن كل قادة الأحزاب ركزوا خلال حملتهم على ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم الذي تنعم به الجزائر اليوم، لجلب الاستثمارات وخدمة الاقتصاد. كما جعلوا من مشاريع القوانين التي يحضر لها حاليا مادة دسمة لإثراء تجمعاتهم وبرامجهم خاصة، ما تعلق بالمطالبة بضرورة توسيع صلاحيات المنتخبين المحليين ولا مركزية القرار، والتوقف عند أهم ما جاء به مشروع قانون المالية لسنة 2018 المطروح للمناقشة بالبرلمان، وغيره من المواضيع الاقتصادية كمخطط عمل الحكومة والتدابير اللازمة لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها بعد تراجع أسعار النفط. وهي النقطة التي أخذت هذه المرة وعلى عكس الحملات السابقة قسطا كبيرا من برامج الأحزاب. ضمانات مكفولة وجاهزية تامة لإنجاح المحليات وفيما تباينت مواقف التشكيلات السياسية بخصوص «استعجالية» مراجعة القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، حيث طالب البعض بضرورة تعديله، في الوقت الذي لم ير البعض الآخر على غرار أحزاب الموالاة ضرورة لذلك، أعلن وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي عن موقف السلطات العمومية بخصوص هذه المسألة، حيث عبّّّر عن رفضه للطرح المطالب بمراجعة القانون في الوقت الحالي، قائلا إنه «يجب إعطاؤه الوقت الكافي لإثبات نجاعته قبل الحكم عليه ولا يمكن تقييم أحكامه إلا بعد رئاسيات 2019». في المقابل، أكد وزير الداخلية تهيئة كل الظروف لإنجاح انتخابات 23 نوفمبر الجاري وجاهزية الإدارة والجماعات المحلية لهذا الحدث الوطني. وطمأن وزير الداخلية بأن القيم الدستورية تضمن حرية وشفافية الانتخابات وأن القانون العضوي لنظام الانتخابات، يجبر الإدارة وشركائها على ضمان الحياد والمصداقية بمرافقة الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات، فيما كان قد أكد في تصريح سابق بأن الدستور وقوانين الجمهورية تضمن النزاهة والشفافية التامة لهذا الاقتراع الذي سيكون فيه الفصل للمواطن وحده، السيد في قراره.