ينظم قسم علم الاجتماع بجامعة البويرة، بالتنسيق مع مديرية السياحة، المؤتمر الدولي الأول حول «صناعة السياحة بين متطلبات التنمية وترقية المجتمع»، خلال أيام 12 و13 و14 مارس المقبل، تحت شعار «من أجل خلق ثقافة سياحية». يظهر الاهتمام بتنظيم هذا المؤتمر بالنظر إلى ما أصبحت تمثله اليوم السياحة كبديل حيوي عن المحروقات، حيث أضحت ظاهرة اجتماعية وثقافية واقتصادية، بل وأصبحت تعتبر أكبر صناعة في العالم، لما حققته من نتائج معتبرة من حيث الإيرادات ومناصب الشغل التي تحدثها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لارتباطها مع العديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لذلك أصبح من الضروري في الجزائر إعادة النظر على المستوى الإستراتيجي للسياسات التسويقية المتعلقة بالمنتج السياحي وتطويرها، بما يضمن تحقيق أهداف ترقية وجهة الجزائر السياحية داخليا وخارجيا للوصول إلى سياحة مستدامة تساهم في التنمية الاقتصادية. لم تعد السياحة اليوم مجرد نشاط ترفيهي للإنسان، ينحصر بين المأكل والمشرب والتنزه فقط، بل أصبحت تمثل صناعة تصديرية قائمة بذاتها، تلعب دورا مهما في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما تمثل السياحة الدولية في ظل العولمة إحدى الرهانات الأساسية بين البلدان ذات الطابع السياحي وبين مختلف المتعاملين الاقتصاديين، هذا ما يفرض على هذه البلدان الانفتاح الاقتصادي على الاستثمار المحلي والأجنبي. وفي المقابل نجد أن العنصر السياحي في الجزائر لم يرتق بعد إلى المستوى الذي يكفل بلوغ الأهداف المرجوة منه، وبقيت إنجازاته جد محدودة إذا ما قورنت بالبلدان المجاورة، بالرغم من امتلاك الجزائر لمناطق خلابة وشريط ساحلي يمتد على مسافة 1200 كلم، وتنوع المناخ الذي يجعل من السياحة في الجزائر تستمر على مدار السنة، إلى غير ذلك من المناطق التي تحتاج فقط إلى قليل من العناية لتصبح بذلك قطبا سياحيا عالميا. يعتبر الرخاء الاقتصادي والإنساني الهدف الأساسي لكل الجهود التي تستهدف التنمية، ولا يقتصر الرخاء على رفع مستوى المعيشة في المناطق النامية فحسب، بل يشمل أيضا نشر القيم الإنسانية التي تساهم في تحقيق التنمية، ومن هنا تتضح حقيقة أن السياحة تحقق رسالة إنسانية عظيمة إلى جانب هدفها الاقتصادي. سطر القائمون على المؤتمر جملة من الأهداف، أهمها التطرق لأهمية ترقية السياحة في الجزائر، خاصة أمام المفارقة بين المقومات والمؤهلات المعتبرة التي تزخر بها من جهة، والمؤشرات التي تضعها في مراتب متأخرة في هذا المجال، من جهة أخرى، إلى جانب توضيح الرؤية الإستراتيجية التي تعكس مجهودات الجزائر بهذا الخصوص، من خلال المخطط التوجيهي للتنمية السياحية، وتسليط الضوء على واقع ترقية تسويق المنتج السياحي بين المؤهلات المعتبرة والتحديات التي يواجهها القطاع ورصد واقع السياحة في الجزائر، مع الوقوف على أهم النقائص والمعيقات التي تعاني منها السياحة الجزائرية عامة والعربية خاصة، وكذا العمل على تسويق صورة الجزائر السياحية في الداخل والخارج والاستفادة من تجارب البلدان العربية والغربية في التعامل مع القطاع السياحي، وتحقيق مساهمة مؤسسات التنشئة الاجتماعية في غرس قيم الثقافة السياحية لدى أفراد المجتمع. يجري توزيع المداخلات على عدد من المحاور، حيث يتناول المحور الأول البعد الاجتماعي والثقافي للتنمية السياحي من حيث مفهومها، أنواعها، أبعادها ومقوماتها. بينما يتناول المحور الثاني، العولمة والتنمية السياحية في مجال التسويق السياحي المحلي والدول، ليخصص المحور الثالث لمناقشة إشكالية السياحة والتنمية المستدامة والمؤشرات الاقتصادية للعمل السياحي ودورها في التنمية المستدامة، وأخيرا يتناول المحور الرابع واقع السياحة في الجزائر، مقومات ومعوقات السياحة في الجزائر من خلال عرض نماذج لتجارب سياحية عربية ناجحة. ❊ رشيدة بلال