اختُتم بقصر الثقافة "مفدي زكريا" معرض صور خاص بالعادات والتقاليد والثقافة الإسلامية عموما في أكثر من 65 دولة. المبادرة من توقيع الجمعية الصينية "نينغشيا الإسلامية لترقية الاقتصاد الثقافي والصداقة الدوليين". كما تهدف هذه التظاهرة إلى إظهار البعد الثقافي لمبادرة الصين المسماة "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير والطريق البحري للقرن 21". ويحوي المعرض صورا من مجتمعات وثقافات إسلامية عبر ثلاث قارات. ويقف على العلاقات التاريخية المتميزة مع الجزائر البلد الصديق للصين. يضم المعرض ما يقارب مائة صورة فوتوغرافية مميزة من عدة دول إسلامية تقع في قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، تعكس الثقافة الإسلامية وعادات المسلمين وتقاليدهم ومناظر طبيعية في تلك الدول. حرصت جمعية نينغشيا الإسلامية على ترويج الاقتصاد الدولي والثقافة والصداقة على أن يكون هذا المعرض متنقلا بين عدد من الدول الإسلامية التي تقع على طريق خط الحرير، الذي يضم طرقا مترابطة كانت تسلكها القوافل والسفن المحمّلة بالحرير والتوابل والبضائع التجارية الأخرى، والتي تمر عبر جنوب آسيا، رابطة بين تشان في الصين ومدن في آسيا الوسطى وتركيا وشبه الجزيرة العربية. يهدف هذا المعرض الدولي للصور الفوتوغرافية إلى التعريف بعادات المسلمين في الصين وإقليم نينغيشيا الصيني، وتعزيز التعاون بين الدول الإسلامية، وإظهار المعالم الدينية المختلفة والعادات والتقاليد التي تتميز بها الدول الإسلامية عن غيرها من الدول الأخرى بما فيها من عبادات وسلوكات أخلاقية وعادات وتقاليد ومعالم طبيعية وجمالية، وسمات مشتركة تعكس حياة الناس في الدول الإسلامية. على عتبات المعرض تستقبلك منطقة نينغشيا (شمال غرب الصين) في أجوائها الإسلامية، من خلال المآذن الجميلة لمساجد المنطقة، التي مزجت النمط الصيني بفنون المعمار الإسلامي، وبالسمة المميزة لأزياء مسلمي شرق آسيا، ومشاهد النساء المحجبات في طرقات ينينشوان عاصمة المنطقة وحاضرتها الكبرى. بنينغشيا أكبر تجمّع لقومية "هوي" المسلمة، ويبلغ عدد المسلمين في المنطقة مليونين و140 ألفا، يمثلون ما نسبته 36% من حجم سكان نينغشيا البالغ 6,7 ملايين نسمة. وفي المنطقة أكثر من 3800 مسجد، وحوالي 8600 إمام. ويُعد جامع نانقوان من أقدم وأكبر المساجد هناك، إذ يعود تأسيسه إلى القرن الرابع عشر الميلادي، ويمثل هذا الجامع التاريخي شاهدا حيا على عراقة الحضارة والثقافة الإسلامية في الصين. وفي شهر رمضان يستقبل المسلمون الشهر المبارك بتزيين منازلهم بلوحات قرآنية جدارية، وفرش المساجد بسجاد جديد. من جهة أخرى، فإن المعرض مناسبة لإحياء إرث طريق الحرير التاريخي، عبر بناء محطة استراتيجية لهذا الطريق في منطقة نينغشيا، ويهدف إلى تعزيز انفتاح منطقة نينغشيا نحو الغرب، وإثراء مقومات المنطقة الاقتصادية والثقافية والسياحية. حقق المعرض في دوراته السابقة حضورا لافتا على الصعيد الإقليمي. والمعرض تجديد لطريق الحرير الذي بدأ منذ أكثر من 3000 سنة، والذي جعل الحضارات العريقة تتبادل وتتأثر بعضها ببعض. وتلاقي الثقافات والشعوب تبادلا للمعارف العلمية والفنية والأدبية، فضلا عن الحرف اليدوية والأدوات التقنية وازدهار اللغات والأديان والثقافات. ومواصلة لطريق الحرير العجيب، الذي منذ أن انطلق في القديم مازال يربط البلدان العريقة وحضارات الشعوب المتنوعة، التي تثري الأفكار وتكشف الستار بين الشرق والغرب. للإشارة، فإن من ضمن ما تم عرضه يوميات الأسر الصينية المسلمة المتميزة بالدفء وبالالتزام بالتقاليد، خاصة في المأكل والملبس، إضافة إلى إحياء الأعياد الدينية والولائم، منها الأعراس التي لا تبدو مختلفة كثيرا عن باقي الشعوب الإسلامية في طريقة الطبخ الجماعي الذي تتكفل به النسوة ليقدمن ما لذ وطاب خاصة من الحلويات، وظهرت بالصور حلوى تشبه إلى حد كبير حلوى "القريوش" الجزائرية. هناك أيضا صور ممتعة عن عيد الأضحى وعن الفروسية، وطبعا لا يقتصر المعرض على الصين وحدها، بل كذلك على مناطق مختلفة من الدول الإسلامية، منها عدة جمهوريات مسلمة ككزخستان، وعدة أعراق كالتركمان والمغول وغيرها، ناهيك عن صور من يوميات دول كثيرة، منها البنغلداش والهند وباكستان وتركيا وعمان وقطر؛ حيث ظهرت حياة الصيادين البسطاء وتجار الخضر والفواكه المنتشرين عبر أنهار الهند، وصيادي اللؤلؤ والسمك في الخليج ولعبة الفرسان المغول، وموائد الشواء الشعبية، منها الشوارما التركية التي لا يعلى عليها. ينجذب الزائر إلى صور تكاد تنطق من فرط واقعيتها (تصوير ضوئي)، منها ترويض قطعان الثيران، وقاعات الوضوء بالصين، والصلاة الجماعية بآلاف الحشود في بعض المدن، منها بكين العاصمة (على الثلج)، وحضرة الرقص الصوفي والحرم المكي الذي يجلب الحشود من كل حدب وصوب. صور أخرى عن ألعاب الخفة والسيرك وتجارة الأرصفة بدولة البنين في عمق إفريقيا، ثم عالم المرأة البدوية بصحراء مصر، وصور الطفل والأم التي تتكرر في كل بقعة من هذه المناطق الممتدة في عالمنا الإسلامي، مع تسجيل دائم لابتسامة عريضة تحمل روح التحدي وحب الحياة، متمثلة في الأفراح ولعب الصبيان، كرة القدم في السهول وبجمال الحسان، وبفرق الغناء التقليدية وبالعرسان المحتفلين في صقيع الثلج. ركنٌ لتاريخ مشترك مع الجزائر ضمت بعض الصور جانبا من تاريخ الصين المعاصر من خلال الزعيم ماوسيتونغ، وقد خصصت له صورا مع الراحل فرحات عباس الذي استقبله في بكين سنة 1960، إضافة إلى صورة تبين الدورة 26 للجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر 1971، ساندت بالأغلبية الصين لاستعادة جميع حقوقها الشرعية، وكانت الجزائر من الدول التي رفعت مشروعا عن هذا القرار إلى الجمعية العامة. وأظهرت صورة أخرى الرئيس بوتفليقة يصفق ويبتسم مع المندوبين بعد حيازة هذا القرار. كما تضمّن المعرض عدة صور عن معالم الجزائر المعمارية التاريخية الإسلامية خاصة بالعاصمة وتلمسان، إضافة إلى الطبيعة وغيرها من المعالم السياحية الخلابة. ❊مريم . ن