صنعت فرقة «اللّمة» أجواء من المتعة، مساء أوّل أمس بقاعة «ابن زيدون» بديوان رياض الفتح بالجزائر العاصمة، لتعريف الجمهور العريض بمجمل الألوان الموسيقية والغنائية في منطقة الساورة ببشار، حيث تم إصدار ألبوم جامع لبعض الإرث. وطفا جو من الإحساس المرهف عند رئيسة الفرقة سعاد عسلة، وذرفت دموع الفرح في أكثر مناسبة، ذلك أنها تعيش حلمها، الذي كان بعيدا وصعبا، يتحقق. غنت سعاد عسلة «لمتي» لشكر النساء اللواتي شاركوها المغامرة الجميلة، وهي أغنية افتتاحية للألبوم، حيث حيّت كلا من زهوة، مبروكة، خديجة، فاخيتا، مّاني، زازا، عزيزة، فاطمة، ربيعة، وحسنة البشارية. وتميزت السيدة زازا بأداء وحضور مميزين على المنصة رغم أنها، لأول مرة، تغني أمام جمهور عريض وفي قاعة، والأمر نفسه لباقي النسوة باستثناء سعاد عسلة وحسنة البشارية. ونجحن في تقديم عرض مشوق، اكتشف الحاضرون غيضا من فيض موسيقى وغناء منطقة بشار، والساورة على الخصوص. سيدات الساورة أبدعن كل الأنواع الموسيقية المندرجة ضمن تراثهن الأصيل، ففي نوع الفردة التي تُغنى بمنطقة القنادسة في بشار غنين «سيدي مولانا». وفي لون الملحون غنين «صلاة الفجر» و»بابا ميمون»، ثم انتقلن إلى طابع الحيدوس «خيري أنا»، ثم لون الديوان وأدّين أغنية «علي يا علي» و»سيدي ميمون القناوي» من أداء حسنة البشارية صاحبه عزفها المتميز على القمبري، وتابعت بأغنية «مولاي إبراهيم». صاحب العرض الغنائي عرض أقرب الى الكوريغرافيا بفضل رقصات سعاد عسلة وحركات الحاجة زازا، هذه الأخيرة (75 سنة) منذ أكثر من 30 سنة تغني الحضرة، وهي عميدة الفرقة، وغنت «رسول الله» و»الله مولانا» بأداء متفرد. وعلى هامش الحفل، أكدت سعاد عسلة أن التراث الموسيقي لمدينة بشار واسع جدا، داعية مجددا الوصاية إلى دعمها في إنتاج علبة أسطوانات تجمع كل الطبوع في أكبر قدر ممكن من الأغاني التراثية، وقالت إنه حاليا لا يوجد جولة وطنية، لكن الأمل يراودها من أجل التعريف بهذا الموروث الغنائي. وبالمقابل تستعد الفرقة لجولة دولية بداية من شهر مارس، وسينشطن في عدة مهرجانات، منها مهرجان ديتور بابل في مدينة غرونوبل الفرنسية، ويحيين حفلا بمسرح غارون بتولوز ومواعيد أخرى. تستلهم سعاد عسلة من موسيقى الصحراء وموسيقى مسقط رأسها، وتقول إن هذا الإنجاز تكريم للمرأة البشارية ولفناني المنطقة، وتأكيد على أن هذا اللون الفني ليس حكرا على الرجال. وأشارت إلى أن النسوة يغنين الديوان منذ القدم ولكن في بيوتهن فقط، وأنها أرادت أن تنقله إلى الخشبة وتقاسمه الجمهور الواسع. ❊ دليلة مالك