استطاعت الكاتبة مريم بودهري، ابنة الحمادنة بوادي الجمعة في ولاية غليزان، أن تشد أسماع الصغار وتجذبهم بفضل أسلوبها الشيق ولغتها السردية الجميلة والسهلة، لتأخذ الجميع في جولة عبر صفحة من تاريخ الجزائر الحافل، احتوته قصتها "أزهار الحرية" الصادرة عن "دار القدس العربي" بالعاصمة. عرفت هذه المؤلفة بأسلوبها السردي الممتع، وصدرت لها العديد من الكتب الموجهة للأطفال، ركزت فيها على عنصر المخيال، خاصة في قصة "أزهار الحرية"، حيث تمزج الكاتبة بين الأحداث الواقعية خلال الثورة التحريرية وأسلوب الحكي المبسط والمشوّق. تعرض القصة نموذجا من معاناة الشعب الجزائري، من خلال قصة عائلة يعيش كل أفرادها خدما في مزرعة المعمر جاك وزوجته جانيت، إنها حياة ذل ومهانة يعيشها سي امحمد وزوجته وأطفاله الأربعة، وتقع المأساة حين يقتل سي امحمد وأطفاله وزوجته، حيث يتهم بانضمامه إلى العمل في صفوف الثورة، وتكون مريم الإبنة الوحيدة الناجية، بالتالي تقرر الانتقام لمقتل عائلتها من طرف القائد جاك. مريم فتاة متعلمة كان يمكنها مواصلة دراستها، لكن ظروف الاستعمار دفعتها إلى الانتقام، علما أن الحس الوطني زرعه والدها مبكرا في وجدانها، لتصبح وهي في سن ال17، شعلة من الوطنية. تنقل الكاتبة شطرا من تلك الظروف القاسية التي مرت بها البطلة مريم ولقاءها بالقائد زغلول، ومنه الاستعداد لصعود "الجبل" والالتحاق بالمجاهدين، وهناك أتتها فرصة الانتقام لوالديها من القائد العسكري الذي أباد أسرتها عن بكرة أبيها، لتنال بذلك شرف الشهادة في عملية بطولية. يمكن اعتبار قصة الكاتبة مريم بودهري قبسا من قبسات التاريخ النضالي، ويمكن أن يفهم مغزاها الفتيان، فهي تخاطبهم بلغة سلسة في غير تكلف ولا تصنع ولا مبالغة، وبحبكة قصصية جميلة تنسج الأحداث في تسلسل منطقي ولغة سردية جميلة، تصل المتلقي، كما بدا جليا تأثير الأحداث على الحضور من مختلف الأعمار. السيدة مريم بودهري من مواليد 19 سبتمبر 1960 ببلدية جيلالي بن عمار، ولاية تيارت. بدايتها مع الكتابة كانت في سن السادسة عشر، بعد أن عشقت قراءة القصص، خاصة الخيالية وقصص المغامرات، وأول كتاباتها كانت عبارة عن محاولات بالحوار المسرحي والقصائد الشعرية. شاركت سنة 1979 في حصة مسرح الهواة مع المرحوم الأستاذ محمد الطاهر فضلاء بأول نص مسرحي "الزين والشين"، ولقيت تشجيعا من قبله، مما جعلها تشارك بعدة محاور مسرحي، فيما كانت محطتها الثانية عندما شاركت مع الدكتور بلقاسم بن عبد الله بحصة "دنيا الأدب" الإذاعية. صدر لها أول كتاب سنة 1993 بعنوان "حكمة الله في خلقه"، يحوي ثلاث قصص موجهة للأطفال. صدرت "أزهار الحرية" في جوان 2017، جاءت فكرة كتابتها من منطلق أن مريم تنتمي إلى عائلة ثورية؛ استشهد 8 من أعمامها و13 من أخوالها، وفتحت عينيها وتربت على القصص الثورية ومعاناة السكان الأليمة، من ظلم وتعذيب المستعمر الفرنسي الذي لم يسلم منه لا إنسان ولا حيوان ولا حتى الحجر، لذلك قالت "وجدت في نفسي رغبة كبيرة في كتابة ما عاشه أهلي خلال تلك الفترة، وسجلت ما كنت أسمعه من شهادات حية". عن مشاريعها المستقبلية، أشارت الكاتبة إلى أن لديها مجموعة من قصص قصيرة بدار النشر، سترى النور قريبا إن شاء الله. ❊خ.نافع