أكد وزير الاتصال جمال كعوان أمس، أن اعتماد الأممالمتحدة ل16 ماي يوما عالميا للعيش معّا في سلام باقتراح من الجزائر، يعد مفخرة للجزائريين، خاصة وأنه لم يأت من العدم وإنما نتيجة مسار تاريخي جزائري طويل على امتداد السنين وحتى القرون. وفي مداخلة له على أمواج الإذاعة الوطنية، بمناسبة تنظيمها أمس، ليوم دراسي حول موضوع «العيش معًا في سلام»، قال وزير الاتصال إن «الجزائر تفخر اليوم كونها صاحبة مبادرة جعل 16 ماي من كل سنة يوما عالميا للعيش معًا في سلام، والذي يحتفل العالم بأول طبعة له هذا العام». وأشار في هذا الصدد إلى أن «هذه المبادرة تبعت من أرض القديس سان أوغيستان والأمير عبد القادر والإمام عبد الحميد بن باديس وأرض نداء أول نوفمبر وقيمه الإنسانية والعالمية، وصولا إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي توج هذا المسار بمصالحة بين الجزائريين بعد عشرية دامية، قبل أن يستلهم العالم أجمع المصالحة في حل النزاعات الدولية والإقليمية». وعاد وزير الاتصال في مداخلته إلى أهم المحطات الدبلوماسية التي سبقت إعلان الأممالمتحدة وتبنيها لمبادرة الجزائر، باقتراح يوم عالمي للعيش في سلام، يتقدمها خطاب رئيس الجمهورية من منصة اليونيسكو سنة 2005، حيث دعا إلى تقبل الآخر، ثم وضعه لبوصلة مسار السلم والمصالحة وقبله الوئام المدني. وأكد السيد كعوان أن المصالحة الوطنية التي ككلت بالنجاح، أصبحت مصدر إلهام المواطن الجزائري في تعامله مع الآخرين، وولدت مبدأ القناعة الراسخة بأن العنف لا جدوى منه بعد أن كان اللغة السائدة»، مشيرا إلى أنها تعتبر أيضا مصدر إلهام في تحريك المبادرات البناءة على المستوى العالمي. وإذ دعا النظم الدينية والتعليمية والإعلامية والثقافية في الجزائر إلى محاربة منطق الانهزامية والاستسلام الذي يغذي خطاب العنف الهدام، وتدعيم الخطاب المبني على أسس القوة والمعرفة والتحيين العلمي والتكنولوجي وحب المعرفة، أكد الوزير بأن زرع ثقافة التقارب والسلم يرتبط بترقية المعرفة والعلم والوعي بنقاط الضعف والقوة، وعيا موضوعيا مبني على أسس منطقية وحجج علمية. وإلى جانب مداخلة وزير الاتصال، عرف اليوم الدراسي إلقاء مداخلات لخبراء وأساتذة جامعيين ودبلوماسيين، أجمعوا على أهمية المكانة التي أصبحت تحتلها الجزائر على المستوى الدولي بعد أن أصبحت رائدة في مجال السلم والمصالحة وتحولت تجربتها إلى مرجعية يقتدى بها العالم أجمع. وفي هذا السياق، اعتبر الدبلوماسي والوزير السابق محمد العيشوني، أنه ليس من السهل أن يتم تمرير لائحة أممية بمبادرة من دولة واحدة وبفكرة أساسية، كون ذلك يتطلب حسبه وزن وقدرة على الضغط، مؤكدا بأن تبني هذه اللائحة من قبل الأممالمتحدة يبين بأن للجزائر تواجد حقيقي وأن دبلوماسيتها محترمة. من جانبه، قدم الرئيس السابق للأساقفة كنيسة الجزائر، هنري تيسيي شهادة حية عن تجربته في العيش بسلام مع الجزائريين، معترفا بفضل الجزائر غداة الاستقلال «والتي ضمنت أمن وحرية الأقلية المسيحية التي فضلت البقاء في الجزائر وكانت جنبا إلى جنب مع الجزائريين في سرائهم وضرائهم خاصة خلال التسعينات». وفيما ثمن مساعي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في إحلال السلم والمصالحة وجهوده في حل النزاعات والأزمات سياسيا وعبر الحوار من مبدأ تقبل الآخر، عبّر السيد تيسيي عن امتنانه لتبني الأممالمتحدة لمبادرة الجزائر في محيط دولي يشهد حروبا وصراعات متعددة والاختلاف. وتطرق أستاذ القانون بجامعة الجزائر وليد العقون في محاضرته إلى أسس ومهام وأسلوب تسيير الخدمة العمومية التي اعتبرها واحدة من العناصر المهمة للعيش في سلام، حيث أشار إلى أن العيش في سلام «ليس معناه عدم وجود صراعات وأزمات فقط، وإنما يتعلق أيضا بكل مظاهر الحياة اليومية للمواطنين على جميع مستوياتها الاجتماعية والاقتصادية». واعتبر في هذا الإطار تبني اقتراح الجزائر من قبل الأممالمتحدة، «بقدر ما يشكل مفخرة لها بقدر ما يحملها أيضا مسؤوليات عليها الإيفاء بها». كما ثمن السيد عبد الحق سايحي رئيس المرصد الوطني للخدمة العمومية ومدير المدرسة الوطنية للإدارة من جانبه، «الخطوة الجبارة» التي قطعتها الإدارة في تحسين خدماتها للمواطن بفضل جهود الدولة.