أكد الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، السيد عبد القادر مساهل، اول أمس، أن بناء الصرح المغاربي "لم يعرف تقدما كبيرا" وأنه لا يمكن تصور اتحاد المغرب العربي "خارج بعض الاعتبارات السياسية المتعلقة بتسوية نزاع الصحراء الغربية". وقال السيد مساهل خلال حصة "ليفنمون أ لا أون" (الحدث في الواجهة) التي تبثها القناة الثالثة للإذاعة الوطنية أن "بناء الصرح المغاربي لم يعرف تقدما على الصعيد السياسي" مشيرا في هذا الصدد إلى وجود مسائل تحول دون تصور اتحاد المغرب العربي خارج بعض الاعتبارات السياسية المتعلقة بتسوية نزاع الصحراء الغربية". وقال في السياق "إنها مسألة أساسية في بناء الصرح المغاربي، كما أن هناك مسائل ينبغي تسويتها" مضيفا أن العائق الثاني الذي يعرقل بناء الصرح المغاربي هو أن كل بلد من بلدان المنطقة رسم سياساته الاقتصادية لوحده". ومن جهة أخرى، أشار إلى أن الجزائر ما فتئت تعمل من أجل بناء الصرح المغاربي الذي يعود إلى مطلع القرن الفارط والتي اعتمدت "دوما تصورا ربطت فيه مستقبلها بمستقبل بلدان المنطقة". وأضاف أن "بناء الصرح المغاربي يعد خيارا يتفق عليه الجميع، كما أن تجسيده يتم عبر مراحل". وبخصوص مسألة الصحراء الغربية ذكر السيد مساهل أن الجزائر "لها موقف لم يتغير منذ 1965". وسجل أن "الجزائر تبقى متمسكة بمبدأ تقرير مصير الشعب الصحراوي وهو نفس موقف المجتمع الدولي ومنظمة الأممالمتحدة". وأوضح الوزير قائلا "لقد شجعنا دوما البحث عن حل لهذا النزاع على أساس ممارسة شعب الصحراء الغربية لتقرير مصيره". وبعد أن أشار إلى أن مسار المفاوضات بين جبهة البوليزاريو والمغرب لم يعرف تقدما"، دعا السيد مساهل إلى تعيين "وفي أقرب الآجال" لممثل شخصي للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة مكلف بالصحراء الغربية. وأعرب الوزير عن أمله في استئناف المفاوضات تحت رعاية منظمة الأممالمتحدة قصد "تطبيق مبدأ تقرير مصير الشعب الصحراوي". وقال في هذا السياق "آن الأوان أن تمارس الأممالمتحدة ضغوطا على الأطراف حتى تتقدم المفاوضات وتتوصل إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي" مشيرا إلى أنه للأمم المتحدة "واجب أخلاقي" وهي من "يضمن" حق الشعوب في تقرير المصير. وبخصوص العلاقات الجزائرية التونسية اعتبر السيد مساهل أن الإتفاق التجاري التفضيلي الذي وقع مؤخرا من قبل الجزائر وتونس "سيفتح المجال لمنطقة التبادل الحر بين البلدين في آفاق 2009 -2010". ويفتح الإتفاق الموقع خلال الدورة ال17 للجنة المختلطة الكبرى الجزائرية التونسية المنعقدة بتونس "الطريق أمام منطقة التبادل الحر حيث يمكن للسلع أن تمر من بلد إلى آخر دون حقوق أوضرائب باستثناء بعض السلع التي ستكون محل قوائم واتفاقات بين البلدين". واعتبر في نفس السياق أن الإتفاق التفضيلي "سيعمل على دفع المبادلات التجارية أكثر بين البلدين التي تفوق 500 مليون دولار" حسب بعض مصادر هيئات جزائرية وتونسية. وتجدر الإشارة إلى أن الدورة ال17 للجنة الكبرى المختلطة الجزائرية التونسية كانت قد توجت بالتوقيع على 8 اتفاقات. وقال في هذا الصدد "هناك اتفاق ثان يبعث على الأمل وقع من قبل وزيري التعليم العالي إذ يفتح الآفاق لباحثي البلدين للعمل ضمن مشاريع مشتركة". وأكد السيد مساهل وجود اتفاقات بين البلدين هي "قيد الاستكمال من بينها الإتفاق المتعلق بالاستيطان الذي يعود إلى سنة 1963 والذي يتوجب تحيينه". وأوضح أن "الإتفاق يتكفل بالجالية الجزائرية بتونس والجالية التونسية بالجزائر من أجل العيش في ظروف جيدة" مشيرا إلى برمجة سلسلة من الإجتماعات بداية سنة 2009 من شأنها أن تخرج بنتائج خلال الدورة ال18 للجنة المختلطة الكبرى التي ستعقد بالجزائر خلال السداسي الثاني من سنة 2009. وفيما يتعلق بالقمة الساحلية الصحراوية بباماكو (مالي) أكد الوزير أن هذا اللقاء سيتطرق إلى خطر الإرهاب والتنمية بهذه المنطقة من إفريقيا. وبخصوص دور الجزائر في الحد من النزاعات بإفريقيا، أكد السيد مساهل أنه بخصوص مالي والنيجر فإن الجزائر "تتدخل بطلب من الأطراف". وأضاف "نحن نقوم بذلك في إطار البحث عن حلول سلمية للأوضاع مثلما هو الحال بالنسبة لشمال مالي ولكننا نقوم بذلك أيضا- كما قال- في ظل احترام الوحدة الترابية وسيادة الدول". وأضاف "نحن نقدم يد العون لإخواننا الماليين والنيجيريين لتجاوز مشاكلهم بالحوار والتشاور" مؤكدا أن الجزائر "تنتهج ايضا سياسات إزاء المناطق الحدودية". وأوضح في هذا السياق أن الجزائر تحاول من خلال آليات التعاون "تنمية المناطق الحدودية عبر تمويل بعض المشاريع" مضيفا أنها تساهم في تنمية شمال مالي والنيجر". وبخصوص الوضع السياسي في موريتانيا، أكد الوزير أن موقف الجزائر يتطابق مع موقف الاتحاد الأفريقي، معربا عن أمله في إيجاد حل للوضع في إطار الحوار بين الموريتانيين. وذكر السيد مساهل بالمصادقة بالإجماع للقمة ال35 للاتحاد الأفريقي المنعقدة في جويلية 1999 بالجزائر العاصمة على القرار 142 الذي ينص على أن "كل نظام يصل إلى السلطة بطرق منافية للدستور يتم تعليقه من هيئات الاتحاد الأفريقي". وأكد الوزير أن الجزائر تأمل في أن يجد "الانسداد الذي آل اليه المسار في موريتانيا حلا له في إطار الحوار بين الموريتانيين" وأوضح أن الهدف من ذلك يتمثل في "العودة الى مسار ديمقراطي على اساس الحوار بين الموريتانيين وبين كل الحساسيات السياسية في موريتانيا". واضاف السيد مساهل قائلا "نحن على يقين من أن ذكاء كل الموريتانيين وارادتهم سيساهمان في إيجاد التسوية التي نأمل ان تكون في أقرب الآجال لأن لهذا البلد مكانته في إفريقيا وفي الاتحاد الأفريقي." وفي الختام اكد السيد مساهل أننا "نثق بإخواننا الموريتانيين ونحن نعلم أن لهم القدرة على ايجاد مخرج لهذا الطريق المسدود".