أعرب العديد من المواطنين عبر موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" عن قلقهم وتخوّفهم من انتشار الأمراض، بسبب الأوساخ التي باتت تؤرق صفو حياتهم، وتهدّد الصحة العمومية، وتعالت أصواتهم من خلال دعوات لاستعمال مواقع التواصل وتشجيع بعضهم البعض وحث مختلف المواطنين على المبادرات إلى تنظيف الأحياء، في نوع من التكاتف والتطوع للمساهمة في حمل الأوساخ والنفايات دون انتظار الجهات المسؤولة عن ذلك. أشار العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى أنّ إصابة الجزائر بوباء مثل الكوليرا أمر مخز يمس بسمعة الوطن والمواطن على السواء، لاسيما بعدما باتت القضية محور نقاش العديد من دول العالم العربي والغربي تهيئت له الطاولات المستديرة، لأنه مرض ينتشر بسبب الأوساخ والنفايات في الأحياء وتلوّث المياه. لذا تجنّد الكثيرون ممن لهم وعي بخطورة الأمر وجدية الموقف الذي تواجهه الجزائر اليوم، كما أنّ بشاعة المنظر الذي آلت إليه الأحياء حتى الراقية منها، جعل بعض الواعين بالمسؤولية تجاه صحتهم وحتى المحيطين بهم، بمختلف الولايات يبادرون إلى جمع النفايات وتنظيف الأحياء، وهي الأصداء التي عكستها صور وفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك". تناقلت صور مقارنة "قبل وبعد" لأحياء مستها الحملات التطوعية من طرف شباب وأبناء تلك الأحياء، عكست مدى قوة الاتحاد والعمل الجماعي، حتى أنّ البعض قام بغسل الطرق والجدران. أشارت رائدة بموقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"انستغرام"، "س.نسرين" القاطنة بولاية وهران، إلى أنّها تطوّعت رفقة مجموعة من شباب وشابات الحي، وحتى الأطفال لتنظيف حي من أحياء المدينة، قائلة "بعض الأوبئة التي كانت تعرف على أنها أمراض تتفشى في الدول المتخلفة والتي ينتشر فيها الفقر والمجاعة، وكذا الدول التي هي في حروب وتم قصف شبكات مياهها أو تم اختلاط مياهها بقنوات الصرف الصحي أو غير ذلك، لكن انتشار تلك الأوبة في 2018، وفي دولة في طريقها إلى التطوّر أمر محيّر، يستدعي التحلي باليقظة وعدم انتظار جهات معيّنة للقيام بأمر يحمي الصحة العمومية، فصحة المواطن على المحك، وهذا يتطلّب التكاتف والعمل طوعا من أجل ذلك". من جهته، أشار هشام من ولاية بجاية، إلى أن حملات التنظيف يقوم بها الشباب من مختلف دول العالم، حتى الدول المتطورة، أو أقل تطورا، وهذا ليس عيبا، يقول "بل الكارثة هي أداء أدوار المتفرجين دون تحريك ساكن، أو دون الشعور بالمسؤولية تجاه البيئة، فلا عيب في حمل نفايات الحي، على أن يشارك في المبادرة عدد لا بأس به لتحقيق الأمر"، وقد تبنى شباب الحي طريقة لدعوة أكبر عدد ممكن من المتطوعين، وهي إعطاء موعد لشباب الحي وكل راغب في المشاركة عبر صفحة في الفايسبوك التي أنشئت خصيصا لذلك، وحملت الصفحة اسم الحي، وتمت مراسلة عدد كبير من رواد الموقع للتواصل معهم ودعوتهم إلى المشاركة في يوم التنظيف الذي يتم تحديد موعده قبل أسبوع على الأقل، حتى يستعد الأغلبية لذلك. من جهته، قال "محمد" من العاصمة، بأن استغلال مواقع التواصل الاجتماعي في العمل الخيري والنافع والذي يعود بالإيجاب على الفرد ومحيطه، أمر جيد، ودليل على تمتع الكثيرين بروح المسؤولية تجاه وطنهم، وغيرتهم عليه، واستعدادهم لتغيير الواقع، مشيرا إلى أنه آن الأوان كي يتغير تفكير المواطن، وأن يتحمّل المسؤولية ولا ينتظر السلطات أو جهات معينة للقيام بكل صغيرة وكبيرة، فأصل تلك النفايات بالدرجة الأولى هي المواطن الذي يضعها هنا وهناك دون مراعاة حق الطريق في النظافة، لذا يعدّ أيضا من واجبه إعادة حملها في هذه الأزمة، حتى تغرس لديه ثقافة بيئية، ويكون عنده وعي أكبر باحترام المحيط الذي يعيش فيه. أما "وسيلة" من مدينة تلمسان، فقد دعت عبر صفحتها إلى ضرورة تغريم كل من يرمي الأوساخ في الطريق وفي الأماكن غير المخصّصة لذلك، حيث وصفتهم بمجرمي الطرق، وأنّهم لا يقلون خطورة عن باقي المجرمين، باعتبارهم يشوّهون المنظر العام للمدينة، ويهتكون الصحة العمومية ويهددونها، موضحة أن بعض الدول صارمة في هذا المجال، حيث تضع البيئة في أولويات مخططاتها، على غرار سنغفورة التي تتمتع بالنظافة واستغربت لها كلّ الدول واتّخذتها قدوة لها، كأنها مدينة نموذجية في النظافة، لكنها لم تصل إلى ذلك، تقول وسيلة من خلال حديثها، إلا بفرض غرامات وقوانين صارمة تمس جيب المواطن للوصول إلى درجة الوعي الكافي. في هذا الصدد، قال الفايسبوكي خالد "لا يمكن القول بأنّ الجزائري لا يتمتع بالنظافة، والدليل على ذلك أنّ البيوت الجزائرية، قد تدهشك نظافتها بفضل ربات البيوت اللائي يسهرن على الأمر منذ زمن بعيد، إلا أن "الأنانية" هي السبب وراء انتشار الأوساخ، حيث أن كل ما يهم البعض؛ بيوتهم التي يزينونها ويريدونها في أبهى طلة، من حيث النظافة والرائحة الطيبة، ويلقون بذلك نفاياتهم إلى الشارع للتخلص منها دون مراعاة أهمية نظافة الحي، حيث يشعرون أن بيوتهم ممتلكاتهم الفردية، دون الشوارع والحي أو المحيط الذي يعيشون فيه، وهم على قناعة تامة بأن ذلك من مسؤولية جهات أخرى، على غرار مؤسسات التنظيف وغيرها، لكن هذا التفكير خاطئ ولا يحمل الصواب، وها نحن اليوم أمام ضرورة استغلال الوقت بدل الضائع لإنقاذ ما يمكن، ووضع حد لتفشي الأمراض التي قد تنتشر وقد تكون أخطر من وباء الكوليرا بسبب أطنان النفايات. على صعيد آخر، تولت بعد الصفحات المهتمة بالبيئة مسؤولية القيام بحملات التحسيس والتوعية بغية المشاركة في هذا النوع من الأعمال التطوعية مع شباب الأحياء، لتنظيفها ورفع النفايات منها، بشعارات مختلفة هدفها واحد وهو الترويج للنظافة، والقضاء على الأمراض والحشرات الضارة وكذا الحيوانات التي تشكّل خطرا على المواطن، مثل القوارض التي تجد أكوام الفضلات بؤرا لها تعيش فيها وتتكاثر من خلالها، حاملة فيروسات خطيرة وتنتقل بكل حرية في الشوارع. أكد أصحاب تلك الصفحات من الفضاء الأزرق، أهمية تبني هذه السلوكيات في تنظيف الشوارع ليس فقط في هذه المرحلة، حتى تبقى الأحياء نظيفة، لأن إهمالها لفترة قصيرة سيعيدها إلى سابق عهدها، حتى تصبح نظام حياة.