انطلق، أمس، العمل بالتسعيرة الجديدة لحقوق ركن السيارات بالحظائر التابعة لمصالح ولاية الجزائر، في جو ساده التوتر والانتقاد والمشادات والملاسنات، بين الزبائن وأعوان الحظائر، حيث تفاجأ الجميع بالزيادات التي تضاعفت بشكل وصفه البعض ب»الخيالي والمجحف». مرتادو الحظائر استغربوا هذا القرار المفاجئ الذي رفع سعر الخدمات، رغم غياب الخدمات اللائقة، وخلو الحظائر من كاميرات المراقبة والتهيئة. سادت أمس، حالة من التوتر والقلق في أوساط المواطنين، الذين قصدوا حظائر ركن السيارات الخمس التابعة لمؤسسة تسيير المرور والنقل الحضري لولاية الجزائر، وأكثرهم من عمال المؤسسات والهيئات الواقعة بوسط العاصمة، حيث لاحظنا بحظيرة «بيزي» بتافورة أن كل الوافدين تفاجأوا بالقرار، وكانت ردود أفعالهم متباينة، فهناك من راح يسأل العون عن سر هذه الزيادة، والعون يرد عليه بأنه لا يدري، وأنه مجرد عامل في هذه المؤسسة، وهناك من شدد اللهجة مع عون الاستقبال، وراح يتهم المؤسسة ب «الابتزاز»، في حين أن العديد من أصحاب السيارات، وقبل اقتطاع تذكرة الدخول، من الموزع الآلي الجديد، عاودوا الخروج من الحظيرة، وهم يشبعون الأعوان شتما، وينتقدون قرار هذه المؤسسة، الذي نزل عليهم كالصاعقة. المؤسسة تضع العمال في حرج ويجمع عمال الحظائر، الذين وضعتهم مؤسسة التسيير في «فم المدفع» كما يعبر عنه البعض، على أن العديد من الزبائن المعتادين على ركن سياراتهم منذ الصباح الباكر، لم يأتوا أمس، لكون تكاليف الركن التي كانت لا تتجاوز 200 دج لمدة 8 ساعات، تضاعفت لتصبح 400، حيث أقر السعر الجديد أن حقوق الركن للساعتين الأوليين يعادل 100 دج، بعدما كان 50 دج، ثم ارتفع منذ أكثر من سنة إلى 70 دج، وبعدها ارتفع سعر كل ساعة تلي الساعتين الأوليين، من 10 دج إلى 15 دج ثم إلى 50 دج، بمعني أن سعر ثلاث ساعات يعادل 150 دج و9 ساعات ب 450 دج، مما يثقل كاهل الزبائن، الذين سيدفعون شهريا مبلغا لا يقل عن 12 ألف دينار وحسب ملصقة الإعلان التي علقت بجهاز اقتطاع تذكرة الدخول، بمدخل الحظيرة، فإن سعر الاشتراك الشهري قفز من 4500 دج شهريا، إلى 7140 دج، أما الاشتراك عن طريق الحجز الشهري فوصل إلى 10 آلاف دينار. وفي هذا السياق، ذكر لنا أحد الزبائن أن مثل هذه القرارات لا تخدم العمال والموظفين، بقدر ما تخدم أصحاب المال، وكأن ولاية الجزائر - يقول أحدهم - أخلت المكان لصالح هذه الفئة، وهي معادلة يرها محدثنا غير صائبة، وأنها أفرغت من معناها «العمومي»، كما يتخوف بعض عمال حظائر ولاية الجزائر، من هذه الزيادات التي قد تقلل من استعمال الحظائر. الزبائن ينتقدون ويستغربون !! وأكد لنا بعض الزبائن، الذين بدت عليهم علامات عدم الرضا، أن هذه الزيادة ستخلخل ميزانياتهم الشهرية، فالعامل الذي يتقاضى راتب 40 ألف دينار، مثلا، سيدفع أكثر من ربع أجره نظير ركن سيارته، مما يجبره على ترك سيارته واتخاذ وسائل أخرى، تكون أقل تكلفة من جلب السيارة، واستعمالها وسط الزحمة المقلقة والمرهقة. وصرح لنا أحد المواطنين، الذي ضاق ذرعا من هذه الزيادة، ووقع في مشادات مع عون تسديد حقوق الركن، أن العديد من المواطنين سيلوذون بالفرار نحو الحظائر العشوائية وأرصفة الطرقات، مما سيزيد في تعقيد حركة المرور، وبرأيه، فإن مثل هذه القرارات لا تخدم إلا فئة قليلة، وستنعش الركن الفوضوي، الذي لم تجد له السلطات المحلية حلا، حيث صارت كل الشوارع والأزقة حظائر تدر أرباحا على أشخاص طفيليين يبتزون المواطنين في وضح النهار، ويحتلون أماكن عمومية، من دون أن يجدوا من يمنعهم، لاسيما أن مثل هذه النشاطات لا تدخل دينار لخزينة البلدية. ويعتقد بعض الزبائن أنه بهذا القرار، تتجه ولاية الجزائر نحو فرض المخطط الذي سطرته منذ سنوات، وهو إجبار أصحاب السيارات على ترك مركباتهم في ضواحي العاصمة، واستعمال وسائل النقل العمومية، لتخفيف الاختناق المروري بالعاصمة، خاصة في وسطها، حيث توجد أهم مؤسسات الدولة وإداراتها المركزية. الزيادة ... تشجيع للحظائر العشوائية وراح بعض من التقيناهم بحظائر العاصمة، يتساءلون عن القرار المفاجئ، الذي اعتبروه «تضييقا»، وأنه يزيد في تعقيد وضعية آلاف الموظفين بالإدارات والهيئات الواقعة بقلب العاصمة، وأنه لا يخدم البتة إلا أصحاب الحظائر العشوائية، بل يزيد من انتشارها. وأكد لنا مواطنون تعوّدوا على حظائر الولاية أنه كان من المفروض توفير عدد كاف من الحظائر، سواء بقلب العاصمة أو أطرافها، لتمكين أصحاب السيارات من ركنها، معتبرين أن القرار جاء في غير وقته، متوقعين أن آلاف المواطنين سيضطرون إلى تغيير وجهات الركن نحو الضواحي، ومزاحمة من كانوا يستعملون تلك الأماكن. ويطالب بعض من التقيناهم، مصالح ولاية الجزائر، باعتبار الحظائر مسيرة من طرف مؤسستها الولائية ذات الطابع الصناعي والتجاري «إيبيك» (مؤسسة تسيير المرور والنقل الحضري)، بإعادة النظر في الأسعار وتخفيفها، لتمكين المواطنين على اختلاف قدراتهم المالية من قضاء حاجياتهم وتسهيل مصالحهم.