رجعت عادة "تشمليث" من جديد إلى قرى وبلديات تيزي وزو بقوة بعدما أصبحت الحاجة إليها أكثر من ضرورة واستعجالية، نظرا للتدهور الذي طال البيئة والمحيط، حيث قرّر السكان الاستنجاد بها، من خلال برمجة حملات تطوعية لتنظيف المحيط وحماية البيئة، مسّت أغلب القرى والبلديات، فتوالت الدعوات لتنظيم حملات تنظيف الطرقات، المساحات الخضراء وتسريح مجاري صرف مياه الأمطار وغيرها من النشاطات التي تسمح بتحسين الوجه العمراني للقرى والبلديات. شرعت العديد من قرى وبلديات ولاية تيزي وزو منذ أشهر في حملات تنظيف الوسط الحضري والقروي، حواف الطرق، صرف وتنقية البالوعات وغيرها، إذ بعدما كان النشاط مكثفا خلال الصائفة لتفادي حرائق الغابات وتكرار سيناريو 2017، استمر سكان تيزي وزو على نفس المنوال من أجل ضمان إبقاء محيطهم نظيفا وكذا لتفادي تسجيل فيضانات، حيث تسارعت لجان القرى، الأحياء والسلطات المحلية لتنظيم "تشمليث"، التي كانت في وقت سابق تنظم من طرف العائلات لتنظيف أرجاء القرية وإعطاء وجه جميل لمحيط عيشهم، وهي العادة التي تخلى عنها السكان في وقت مضى، ليتقرر بعثها من جديد وإعادتها إلى الواجهة بفضل مبادرات شبانية، حيث قام متطوعون منهم بالإعلان عن تنظيم حملات تنظيف والدعوة إليها عبر وسائل الإعلام، فيما وجهت دعوات وأطلقت نداءات في شبكات التواصل الاجتماعي لدعم العملية، خاصة وأنّ الكثير من القرى والبلديات لديها صفحات على هذه المواقع، ويمكن الاطلاع على الأحداث وجديدها يوميا. ومست حملات التنظيف مسالك وطرقات القرى، والوسط الحضري للبلديات، الساحات العمومية، والمقابر والمنابع المائية، وكذا تنقية المجاري من الأوساخ المتراكمة وغيرها من المواقع التي سمحت بإعطاء وجه جميل للوسط الحضري والريفي، لاسيما وأنه بفضل هذه المبادرة تم غرس روح حماية المحيط من التلوث لترسيخ مبدأ النظافة، والقضاء على المصادر الملوثة للوديان والآبار. وفيما تقرّر مواصلة حملات التنظيف خلال عطلة نهاية كل أسبوع، اعتبر المواطنون الذين تحدثت "المساء" إلى بعضهم، أنّ القرى كانت في وقت سابق تقوم بعمليات التنظيف تحسبا للمشاركة في مسابقة "أنظف قرية" التي ينظمها المجلس الشعبي الولائي، غير أنه، حسبهم، تحولت العملية إلى "ظاهرة صحية" مست كل القرى وحتى البلديات، حيث أصبحت مسألة البيئة والنظافة إحدى أولويات واهتمامات السكان والمسؤولين على حد سواء، موضّحين أن احتضان القرى لعدة نشاطات وتظاهرات في عدة مناسبات من السنة، عزز من حملات التنظيف، التي بدورها سمحت بحماية القرى من حرائق الغابات، أولا ثم من الفيضان وكوارث طبيعية أخرى، خاصة في ظل استمرار تنظيف مجاري الصرف والوديان وكذا البالوعات، ما جعل قطرات المطر تذهب مباشرة إلى مجاريها دون أن تجرف الأوساخ، قارورات أو أكياس بلاستيكية، قد تتسبب في انسداد المجاري. مسابقة أنظف قرية... خلقت روح التنافس في تفس السياق، اعتبر أعضاء المجلس الشعبي الولائي، أنّ تيزي وزو وقراها يضرب بها المثل في النظافة، حيث تعرف منذ زمن بعيد بتنظيمها لمبادرة "تشمليث" التي تسمح بتنظيف كل أرجاء القرى، حيث أن حملات التنظيف أصبحت من يوميات المواطن بالولاية، توسّعت أكثر وتعزّزت بفضل تنظيم المجلس لمسابقة "أنظف قرية" التي أقرها الراحل رابح عيسات، وسمحت منذ إطلاقها بتخليص القرى من مشكل النفايات وتقليص عدد المفارغ العشوائية، الذي تحقّق بفضل تنظيف السكان لقراهم واستعادة روح التضامن والمساعدة السائدة بين سكان القرى عبر تجسيد مبادرات منها "التويزة". ويتم سنويا تنظيم هذه المسابقة، بغية تحفيز وتشجيع قرى أخرى على المشاركة وذلك بدفعها إلى القيام بحملات التنظيف وترسيخ ثقافة الحفاظ على البيئة والحدّ من مشكل تراكم النفايات بمختلف الأحياء. وفي المقابل، تحظى القرى الفائزة بجوائز مالية تستغلها في التنمية وتحقيق مطالب السكان، حيث أن هذه المسابقة خلقت، حسب أعضاء المجلس، روح المنافسة وأعادت بعث عادة التنظيف، من جهة في مسعى للفوز بأحد جوائز المسابقة ومن جهة أخرى تغيير وجه القرى للأحسن، حيث أن كل من يزور القرى الفائزة في المسابقة منها زوبقة، بومسعود، تيفردود وغيرها، يتأكد من أن المواطن أصبح واع بأهمية النظافة، وحماية البيئة والمحيط ليس فقط من التلوث لكن أيضا من كوارث طبيعية كالحرائق، الفيضانات وغيرها. ويؤكد أعضاء المجلس الولائي، أنّ خير دليل على ذلك عدد القرى المشاركة في المسابقة في طبعتها ال 6، الذي يقدّر ب 101 طلب استقبلته لجنة الصحة، النظافة وحماية البيئة التابعة للمجلس الشعبي الولائي بتيزي وزو والتي ينتظر الإعلان عن القرى الفائزة في 14 أكتوبر الجاري. وسمحت هذه المسابقة،حسب منظميها في تنظيف القرى وحماية البيئة، زرع روح التضامن مع تحسيس المواطنين بأهمية حب الطبيعة وإبقائها نظيفة، موضّحين أنّ الإقبال على المسابقة يتزايد سنويا، وهو ما يؤكّد، حسبهم، يقظة المواطنين ووعيهم بأهمية حماية البيئة وهو ما ساهم، أيضا، بشكل كبير في القضاء على المفارغ العشوائية، موضّحين أنّ الأمطار لا يمكن وحدها أن تشكّل في أغلبية الحالات فيضانات لو لم تكن هناك أخطاء إنسانية في ذلك، حيث أن البناء العشوائي على حواف الوديان ومناطق معروفة بالفيضانات، إضافة إلى نقص الصيانة وتنظيف الوديان النفايات التي تغمر حواف الطرق يمنع مرور الأمطار وإعاقة مسلكها لتأخذ مجرى آخر يؤدي إلى الفيضانات. ونوه المجلس بالدور الكبير الذي لعبته الجمعيات الناشطة في مجال حماية البيئة، التي أثبتت وأكدت عبر نشاطها، دورها في التحسيس ونشر الوعي في أوساط السكان حول النظافة وحماية البيئة والمحيط من خلال الدعوة وبشكل مستمر إلى تنظيم حملات التنظيف.