أكد مختصون في التجارة الخارجية على أهمية خلق توازن في الميزان التجاري بتنويع صادرات البلاد خارج المحروقات لتغطية أعباء فاتورة الاستيراد المرتفعة بالإضافة إلى تشجيع الإنتاج المحلي ووضع استراتيجية تصدير قوية تسمح بتسويق هذه المنتوجات للخارج. بلغت صادرات الجزائر خارج المحروقات خلال سنة 2008 ما قيمته 2 مليار دولار، ورغم أن هذه الصادرات عرفت ارتفاعا طفيفا مقارنة بالسنة الماضية، حيث لم تكن تتجاوز مليار دولار؛ فإنها تبقى قليلة وغير كافية مقارنة بفاتورة الاستيراد التي تجاوزت 35 مليار دولار خلال هذه الفترة، حيث تصدرت المواد الغذائية القائمة بهذا الخصوص. ولم تعرف صادرات الجزائر خلال هذه الفترة تنوعا مقارنة بالسنوات الماضية، حيث انحصرت في بعض المنتوجات الفلاحية، النفايات الحديدية، الفوسفات، وبعض المواد نصف المصنعة حسبما قاله ممثل عن الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية في ندوة نظمت بجريدة "المجاهد" أمس تمحورت حول ترقية الصادرات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى أن هذه الصادرات خارج المحروقات لا تمثل سوى 3 بالمائة من مجمل صادرات الجزائر، وهو ما يستدعي وضع سياسة تجارية قوية واستراتيجية فعالة للنهوض بهذا القطاع لترقية الصادرات خارج المحروقات ومن ثم للاستفادة من امتيازات اتفاق الشراكة الذي وقعت عليه الجزائر مع الاتحاد الأوروبي والذي يقضي إلغاء الرسوم الجمركية على المنتوجات التي تصدر لدول الاتحاد الأوروبي. من جهته؛ اعتبر السيد زعيم بن ساسي رئيس المجلس الوطني لترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن الجزائر تحتل موقعا جغرافيا استراتيجيا يسمح لها بتطوير تجارتها الخارجية كونها منطقة عبور ملائمة في البحر المتوسط تربط بين العديد من الأسواق الأوروبية المهمة، مما يتطلب التفكير في استغلال هذا الامتياز. وفي سياق آخر؛ أشار المتدخلون في الندوة إلى أن صادرات الجزائر من المحروقات كالبترول والغاز تبقى محدودة وغير كافية بالنظر إلى حجم الواردات مقارنة بالعديد من الدول النامية التي تسمح عائداتها من صادرات البترول بتغطية ما قيمته 50 بالمائة من فاتورة استيراد هذه البلدان لبعض المواد الأخرى. ولإحداث توازن في الميزان التجاري بين التصدير والاستيراد بات من الضروري البحث عن الحلول الملائمة للاستغلال الأنجع للإمكانيات التي تتوفر عليها البلاد لتطوير الإنتاج المحلي وبالتالي التخلي تدريجيا عن المنتوجات المستوردة خاصة ما تعلق بالمواد الغذائية من مواد فلاحية وصناعات غذائية، وكذا المواد الصيدلانية التي يمكن تعويضها بالعديد من الأدوية الجنيسة التي تصنع محليا والتي أثبتت نجاعتها. وفي هذا السياق طالب ممثلو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالإسراع بعقد الجلسات الوطنية للتصدير لدراسة المواضيع ذات العلاقة بتطوير وتشجيع الصادرات خارج المحروقات، ووضع استراتيجية لدراسة الأسواق الأجنبية للبحث عن الأسواق الملائمة لتسويق المنتوج المحلي، وذلك بعد مواجهة العراقيل التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والعمل على الوصول إلى صناعة منتوجات محلية تحترم المقاييس المطلوبة ومن ثم التصدي للمنافسة الأجنبية وذلك عن طريق تكوين الموارد البشرية. بالإضافة إلى المطالبة بتسهيل الإجراءات القانونية والادارية للتصدير وتسهيل عمليات منح القروض البنكية للمتعاملين في المجال وإلغاء العراقيل البيروقراطية لتوفير مناخ ملائم للاستثمار في المنتوجات الموجهة للتصدير.