أصدرت مؤسسة "صحاري العالم" التي يترأسها الدكتور شريف رحماني، كتابا جديدا تحت عنوان "دفتر الرحلات إلى الجنوب - وادي ميزاب"، من تأليف المهندس المعماري الإيطالي غويدو موريتي، وكتب مقدمة الكتاب مترجمة من النص الأصلي باللغة الفرنسية، الوزير الأسبق، شريف رحماني. بادرت مؤسسة "صحاري العالم" إلى نشر الأعمال الجميلة لغويدو مورتي "دفتر الرحلات"، قصد اكتشاف كنوز الصحراء الجزائرية. هذا الكتاب الرملي الجميل بمثابة دعوة مفتوحة على رحلة رحبة عبر الصحراء، انطلاقا من الطريق الوطني رقم "1"، حيث تتوالى المشاهد واللوحات الربانية ابتداء من وادي ميزاب. يعبر المسافر الضيف خاصرة جبال الأطلس الصحراوي، وجبال أولاد نايل وغيرها، ليرى بعينه إبداع الخالق ويمتع نفسه بكل جميل، ليصل إلى هدوء روحاني وسكينة مطلقة لا تتحقق إلا في الصحراء، كأنه في أرض الشعراء والحجاج والأنبياء... هناك أرض أخرى... بعد عبور مسيرة متعرجة، محفورة، منحوتة على الصخر، تنكشف شرفة فريدة من نوعها، صورة لافتة للنظر، إنها قمة الروعة. من ضمن ما جاء في الكتاب "وهنا تبدأ عند قدميك وتمتد إلى ما لا نهاية، مع ألوان المغرة الحسَية والغامضة، ومناطق الأزرق السماوي: دون الانتقال، تريَث...أنت في وادي ميزاب، في وسط كوكبة من الحواضر، مرصعة بالجواهر وفريدة من حيث هندستها الترابية والنباتية: إنها غرداية". يضيف "إن الوادي الساطع بالأخضر والأبيض يقابلنا بمنظر كأنه ضائع على هذه الأرض غير المضيافة، التي جُعلت بيدَي الإنسان مدينة الترحيب والسلام. ومع ألوانه الثرية، الساطعة، تخترقها الشمس وتُشبَع ما بالضوء، يُبدي الوادي مشهدا يأخد الأنفاس، حيث يضاف الأبيض إلى الأبيض والأخضر إلى الأخضر مع الأزرق السماوي كساتر خلفي... ومغرة للديكور. في قلب هذا المشهد السامي، فكَرت يد الإنسان التي صممت بحس رهيف مدن جميلة وهشة، متواضعة وغامضة، شاهدة على عبقرية الهندسة المعمارية ونفس تغذت بالروحانية: غرداية، بونورة، بني يزقن، مليكة، وأخيرا العطف، المحمية التي نتذكرها منذ بعض الوقت، وهي تحتفل بعامها الألف وبدخولها إلى الألفية". في الطريق إلى أقصى الجنوب، تقف متليلي الفخورة والمنيعة اللامعة ببحيرتها، والذي أدى تاريخها وشجاعتها إلى تكريس هذه المنطقة كواحدة من أجمل المناطق الصحراوية في العالم". يشير الكاتب إلى أن هذه المدن ثمرة الزمن والتوهم، حيث كان التكرار والتعوَد محظورين، وأمام كنز الهندسة المعمارية والجمال الأزلي، لا يمكن سوى موافقة كلام لو كربوزييه حين يقول "هنا ننظر ونحن منبهرين"، وبلد "الصيف الدائم"، كما يقول يوجين فرومونتان، شفاف كذلك ورائق وملون، حيث يطفو "جو أشقر يخفي الملامح". بعيدا عن ثرواتها، تبقى الصحراء مكانا للذاكرة الملموسة والروحية، من المعالم الثقافية، وموضوعا للمعرفة، والأناشيد والقصائد والتقاليد والروحانيات، هي مصدر عواطفنا والتعبير الذي لا ينضب من ماضينا المشترك وتنوعنا الغني. شهود الماضي يأخذون المعنى الكامل ويصبحون ذكرى بفضل تلك الدعامة الحية التي تتمثل في الكتابة، والتي أصبحت اليوم افتراضية. تسمح هذه الأماكن في التأمل والإعجاب والاحتفاء بالرجال والنساء الراشدين، الذين تكمن فيهم غريزة البطولة العتيقة وذكريات النبل الهوميروسي. للتذكير، فإن شريف رحماني سفير الصحاري والأراضي الجرداء (اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر)، ورئيس مؤسسة صحاري العالم، وعضو المنظمة الدولية "القادة من أجل السلام".