مهري يدعو الدول العربية إلى تبني استراتيجية موحدة لمواجهة الاحتلال دعا الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي السيد عبد الحميد مهري أمس الإثنين بالجزائر العاصمة حكام الدول العربية إلى تبني استراتيجية واضحة وموحدة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. ودعا السيد مهري خلال حصة "في الواجهة" للقناة الأولى للإذاعة الوطنية الفلسطينيين وكل العرب إلى مراجعة أخطائهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتوحيد صفوفهم بتوحيد استراتيجيتهم. وأضاف أن هذا العدوان يتصل بسلسلة طويلة من الاعتداءات الإسرائيلية على فلسطين متوقعا أنه "لن يكون مع الأسف الشديد الاعتداء الأخير" وعليه من الضروري مواجهته بما يتطلبه أي "دعم المقاومة باستمرار". واعتبر أن "60 بالمئة من الاختلال في مواجهة إسرائيل هو نتيجة السياسة العربية وأن الاختلال المادي الوحيد يكمن في القوة العسكرية فقط لكن بقية عوامل الاختلال هي من صنع السياسات العربية". وفي هذا الصدد يرى السيد مهري أن تعديل ميزان القوى "يأتي عن طريق تعديل النظرة العربية للمشكل وتعديل سلوك السياسة العربية تجاه حل القضية الفلسطينية". وعبر عن أمله أن تفتح بشاعة الاعتداء الممارس ضد غزة أعين القادة العرب الذين اعتبر "صمتهم الماضي طيلة أشهر عديدة على حصار غزة هو الذي شجع الإسرائيليين على التنكيل بالشعب الفلسطيني". وخطأ العرب حسب السيد مهري يكمن في أنهم "انتقلوا من الرفض الكلي للمفاوضات إلى قبولها المطلق" مذكرا أن التجربة الجزائرية التي عرفت مثل هذا الطرح أكدت أنه من الممكن التفاوض دون إيقاف الكفاح المسلح لأن هذا حسبه "يدخل خللا على إستراتيجية المقاومة". ودعا بهذه المناسبة الفلسطينيين إلى الالتفاف حول إستراتيجية موحدة شاملة لمواجهة إسرائيل دون استبعاد أي وسيلة من وسائل الكفاح سواء المسلح أو السياسي أو التفاوض وغير ذلك. ومن جهة أخرى أوضح السيد مهري أن الهدف الاستراتيجي البعيد الذي تريد إسرائيل تحقيقه من خلال قصفها الأخير لقطاع غزة هو "تكييف المنطقة وفق الإرادة الأمريكية والإسرائيلية" أما الهدف القريب هو "إزالة كل آثار المقاومة وأدواتها لفرض حلول وهمية على الشعب الفلسطيني والطمع في أن تتبناها كل الأقطار العربية". وقال السيد مهري أن "الإمكانيات والوسائل المتاحة اليوم أمام حركة حماس لمواجهة العدوان تفوق 100 مرة الوسائل التي بدأت بها الثورة الجزائرية كفاحها المسلح" مضيفا أن مقاومة الضعيف للقوي تبدأ أولا بإيمانه القوي بحقه وبالاستمرار في المقاومة". وبعد أن اعتبر أن الخلاف بين الفلسطينيين هو "نقطة ضعف" في المقاومة الفلسطينية عبر عن أمله في أن يؤدي الاعتداء الحالي إلى توعية الفصائل الفلسطينية أن العدو الأول هو الاحتلال وأن يتركوا خلافاتهم جانبا. إن جوهر الخلاف بين الفلسطينيين -في منظور السيد مهري- يكمن في إستراتيجية مواجهة العدو فهناك من يريد حل المشكل الفلسطيني بالتفاوض ومنهم من لا يؤمن بالتفاوض ويريد الاستمرار في المقاومة المسلحة. وفي هذا الصدد أشار إلى أن هذا الوضع "لم تعرفه الجزائر خلال الثورة التحريرية لأن استراتيجية المقاومة لديها كانت عامة تشمل التفاوض السياسي والدبلوماسي وكذا الكفاح المسلح". في تقدير السيد مهري فإن الوحدة الفلسطينية "يجب أن تتجلى في وحدة استراتيجية مكافحة العدو وتبني المقاومة بجميع الوسائل" كما أن التفاوض "لا ينبغي أن يتعارض مع المقاومة المسلحة وتكون بذلك الخلافات الأخرى عديمة التأثير على المسيرة العامة". ودائما بمرجعية ثورة الجزائر أكد السيد مهري أن اختلاف التيارات لا يجب أن يكون عائقا في مسيرة التحرير مستشهدا بالثورة الجزائرية التي عرفت تيارات مختلفة توحدت في جبهة التحرير الوطني واتفقت على استراتيجية موحدة المواجهة. ودعا في هذا الصدد الفلسطينيين إلى الاستفادة من التجربة الجزائرية داعيا في هذا المجال إلى حوار بين أهم الفصائل الفلسطينية وبعض ممن بقي على قيد الحياة من مرحلة الكفاح المسلح الجزائري لفهم تجربة الجزائر. وأبدى معارضته لتحميل "بعض المسؤولين العرب" مسؤولية الاعتداء لحركة حماس باستمرارها للمقاومة بحجة أنها "استفزت إسرائيل" معبرا عن رفضه "المطلق" لهذا المنطق باعتبار أن تاريخ الجزائر "علمنا أن مثل هذا المنطق ينتهي إلى تبرير الاحتلال". وأضاف في نفس المجال أن إسرائيل "لا تحتاج إلى ذرائع وأخطاء لفرض وجودها ومكانتها في المنطقة بقوة". أما عن القمة العربية المرتقبة خلال الأيام القادمة فأكد السيد مهري أنها "لا تستطيع الكثير لأن ما يقع اليوم هو نتيجة لأخطاء في التحليل والممارسة السياسية في مواجهة قضية تهم كل العرب". وأبدى اعتراضه حول جدول أعمال القمة الذي اقترحه أحد "المسؤولين العرب" والمتضمن إيقاف الأعمال العسكرية من الطرفين والعودة للتهدئة وإيصال من المعونات للشعب الفلسطيني معتبرا أنه "تسليم بأن الحصار ضد الشعب الفلسطيني عمل عادي". ودعا الحكومة الجزائرية "التفريق بوضوح بين ما هو تضامن عربي وما هو تواطؤ وصمت على الأخطاء والمظالم" وأن تقف خلال الاجتماعات العربية القادمة "موقفا واضحا خاصة من الاتجاه الخطير الذي يسعى إلى قبول الحصار ومعاقبة السكان المدنيين وإدراج ذلك ضمن المواضيع التي تبحثها الجامعة وتبريرها بشكل أو بآخر". واعتبر في هذا الشأن أن "مسؤولية الجزائر أكثر من الدول التي لم تعرف الثورة" متوقعا في الأخير أن الصراع العربي الإسرائيلي مرشح للبقاء مدة طويلة.