اعتبر عبد الحميد مهري، أمس، القمة العربية المنتظر عقدها لدراسة الأوضاع في غزة واتخاذ موقف تجاه العدو الإسرائيلي، لن تستطيع فعل الكثير، لأنها تسعى إلى تسيير تداعيات الحصار والعدوان الإسرائيلي بدل الخوض في خلفيات القضية الأصلية• قال عبد الحميد مهري، الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي، والأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، إن "النقاط التي ستتدارسها القمة حسبما صرح به أحد المسؤولين العرب تتمثل في إيقاف العدوان، والرجوع للتهدئة والاتفاق عليها، مع إيصال ما يمكن إيصاله من المعونة للشعب الفلسطيني"، وهو ما وصفه بالطرح العجيب والمخيف لأنه "يقدم كحزمة متلازمة، والدخول في هذا المنطق يعني التسليم بأن الحصار ضد الشعب الفلسطيني هو عمل عادي، وما علينا سوى أن ندرس كيفية التعامل معه"• وأشار عبد الحميد مهري، الذي نزل ضيفا على حصة "في الواجهة" التي تذيعها القناة الأولى، إلى أن أية دولة تحترم نفسها ترفض أن تساند عملا ضد القانون الدولي، حيث قال "لا توجد شرعية دولية ولا شرعية إنسانية تجيز فرض حصار لتجويع الشعب الفلسطيني، كما أن معاهدة جنيف التي لا تزال قائمة تعمل على حماية المدنيين في حالة الحرب"• وفي رده على سؤال ل"الفجر" بخصوص رأيه في موقف السلطة الجزائرية من المسألة، طالب عبد الحميد مهري الحكومة الجزائرية بأن تكون أكثر وطنية والتزاما من الحكومات العربية الأخرى تجاه الأوضاع الراهنة في غزة، حيث قال إن "عليها تمثيل شعبها بما يتناسب مع تاريخه، خاصة وأن الجزائر عاشت تجربة تاريخية مماثلة، كما أن لديها ثقلا تاريخيا في القضية"• من جهة أخرى، أوضح مهري أن الهدف من الاجتياح الإسرائيلي لغزة يكمن في نقطتين "فالهدف البعيد هو تكييف المنطقة وفق الإرادة الإسرائيلية والأمريكية، والهدف القريب هو إزالة كل آثار، وكل أدوات المقاومة بفرض حلول وهمية على الشعب الفلسطيني والطمع في أن تتبناها كل الأقطار العربية"• وأضاف المتحدث أن المهم هو أن لا تسير الأنظمة العربية بهذا المنطق والمطلوب هو دعم المقاومة والاستمرار فيها• وأكد عبد الحميد مهري لدى تطرقه إلى موقف العرب من القضية، أن المواجهة العربية للاحتلال الإسرائيلي تضمنت أخطاء عديدة طيلة 50 سنة الماضية، وكشف أن أهم هذه الأخطاء يتمثل في كون العرب انتقلوا من خطأ "لا مفاوضات" والرفض المطلق لها، إلى خطأ آخر أشد عمقا وهو قبول المفاوضات "مهما كان لونها"• كما شدد على أن طلبات الاحتلال الإسرائيلي بوقف العدوان قبل المفاوضات يعني منذ البداية عدم وجود اتجاه جدي لحل المشكلة ولا للتفاوض، حيث أشار إلى أن التجربة التاريخية في حربي الجزائر والفيتنام أثبتت أنه يمكن الوصول إلى حل سلمي دون إيقاف القتال قبل المفاوضات• وفي سياق كلامه، أشار الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي، إلى أن هذا المؤتمر هو أول من قام بتحليل عميق للسياسة العربية تجاه القضية الفلسطينية، ونبه إلى أن اتفاقية أوسلو ستكون فاشلة منذ البداية• وقد حث مهري النخبة والقيادات الفلسطينية على مراجعة أخطائها وأخطاء العرب بصفة عامة في مواجهة القضية، ودعا إلى ضرورة توحيد الاستراتيجية في مواجهة الاحتلال•