لم يتمكن عمر بلعطوي، مدرب مولودية وهران، من الصمود أمام ضغوط النتائج السلبية المتلاحقة لفريقه ومحيطه، وقرّر ترك منصبه فور نهاية مباراة المولودية بجارها اتحاد سيدي بلعباس، التي عرفت تعادلهما إيجابا (2 2). عاش بلعطوي أمسية سوداء، حيث لاحقته انتقادات الأنصار وشتائمهم حتى قبل انطلاق مباراة الجارين، وارتفعت حدتها بعد اللقاء، مطالبين إياه بترك المولودية، واستخلافه بزميله شريف الوزاني سي الطاهر، حتى إنه وجد صعوبة في مغادرة أرضية الميدان، حيث تحتّم عليه البقاء أكثر من نصف ساعة في كرسي الاحتياط، قبل أن يلتحق بغرف تبديل الملابس؛ أي بعد أن تدخلت مصالح الأمن لتفريق مجموعة من المناصرين كانت تنتظره لتشتمه، وربما قصفه بمقذوفات عند مدخل النفق المؤدي إلى غرف حفظ الملابس التي لزمها لفترة أيضا، معلنا من داخلها بحسرة، عن استحالة بقائه في العارضة الفنية للمولودية الوهرانية، ورافضا الإدلاء بأيّ تصريحات، ليتأكد في السهرة طلاق بالتراضي بينه وبين إدارة الفريق. وحتى إن لم يتفوّه بلعطوي بأيّ كلمة إلا أن مصيره بترك مولودية وهران كان سيلحقه إن عاجلا أو آجلا بعدما فشل في كسب ودّ الجالسين فوق المدرجات، الذين باتوا يرون فيه من أصحاب المآرب الخاصة ليس إلا، وانتفت عنه سمات ابن الفريق الذي يحبه ويُخشى عليه كل سوء. ويحاجج الأنصار عن سبب جفائهم تجاه صانع أفراحهم السابق، بهرولته إلى العودة إلى كرسي احتياط مولودية وهران، وقبوله عرض رئيسها أحمد بلحاج المدعو "بابا" لخدماته رغم خصامهما بشأن مستحقاته المالية، ووصوله فوق طاولة لجنة فك النزاعات التابعة للرابطة الاحترافية الوطنية، وما صاحب ذلك من اتهامات متبادَلة، بالإضافة إلى فشل الدولي السابق في التحكم في المجموعة، حيث عمّ التسيّب تدريباتها اليومية، فضلا عما يشاع عن تعوّد عدد كبير من اللاعبين السهر في الملاهي الليلية، ما انعكس سلبا على أدائهم فوق رقعة الميدان، فأضحوا لا يقدرون على مسايرة إيقاع أيّ مباراة، وتعدّدت إصاباتهم العضلية، وذلك أمر كان تنبّه له المدرب السابق المغربي بادو الزاكي، فتعامل معه بالصرامة اللازمة بدون أيّ اعتبار لاسم أو وزن اللاعب المخل بالانضباط والسير الحسن للمجموعة، ووقتها رفضت حاشية "بابا" ذلك بتواطؤ من بعض اللاعبين. وهاجمت التقني المغربي، وجرّت رئيسها وراء حججها الواهية، وتآمرت بطريقة أو بأخرى للتخلّص من بادو الزاكي، ونجحت في ما خطّطت له، لكن عنتريات هذه الحاشية عادت بالوبال على الفريق، فبات ضمن قائمة المهدَّدين بالنزول. وكان بلعطوي صرح عقب التعادل أمام شبيبة الساورة على ملعب "أحمد زبانة" دائما، بأنه مندهش من رد الفعل السلبي للأنصار على شخصه رغم جهوده في العودة بمولودية وهران إلى السكة الصحيحة، وأنه يتعرّض لمؤامرة دنيئة، ومستعد للرحيل إن كان هو السبب، والمشكل في الفريق. شريف الوزاني أولوية ونغيز حلّ ثان فور رحيل المدرب بلعطوي انطلقت التخمينات حول خليفته، حيث أشار مقربون من الرئيس "بابا"، إلى احتمال عودة شريف الوزاني سي الطاهر رغم ما يُعرف عن سوء العلاقة بين الرجلين، ووضع نبيل نغيز المقال مؤخرا من تدريب شبيبة الساورة، كخيار ثان. "داربي" باهت فنيا واحتجاجات واهية فنيا، لم يرق "داربي" الغرب إلى المستوى المطلوب، وظهر أن ما كان يهم الجارين هو النقاط الثلاث لا غير، وكان كل فريق أقرب إلى نيلها خاصة المولودية الوهرانية، لكنها تفاجأت بابن مدينتها المدافع البلعباسي مصمودي، يحرمها من التلذذ بالفوز في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع للقاء، بهدف شرعي مائة بالمائة، احتج عليه "الحمراوة" بقوة وبدون وجه حق على الحكم لطفي بوكواسة ومساعده، فكلّفهم ذلك طرد لاعب الوسط الشاب بن عمارة، وتسجيل اسمي مسؤول العتاد والكاتب العام عدة بوراس على ورقة المقابلة، بتهمة محاولة تعدّيهما على ثلاثي التحكيم. البطاقة الحمراء للأنصار أيضا حتى أنصار الفريقين استحقوا البطاقة الحمراء بعد تراشقهم بشتى أنواع المقذوفات، خاصة عقب الشوط الأوّل؛ ما استدعى من قوات الأمن إخراج أنصار اتحاد سيدي بلعباس؛ خشية تفاقم الوضع خاصة بعدما همّت مجموعة كبيرة من "الحمراوة" بتجاوز الخط الأمني واقتحام المكان المخصص للزوار في موقف يندى له الجبين، ولطخ الصورة الجميلة التي سبقت اللقاء بتكريم بعض الوجوه الرياضية التي صنعت أمجاد الفريقين، والوقوف دقيقة صمت على روح المصور الصحفي الزميل عبد الكريم بن حليمة، الذي فُقد في حادثة مأساوية على شاطئ البحر مؤخرا.