فتحت الجزائر مستشفياتها لاستقبال جرحى العدوان الصهيوني على سكان غزة، الذين من المنتظر أن يتم نقل العديد منهم لتلقي العلاج وإجراء عمليات جراحية استعصى إجراؤها في المستشفيات المحلية بسبب نقص الإمكانيات الناجم عن الحصار المفروض عليها منذ مدة، كما تقرر فتح حساب بريدي جار لجمع التبرعات المالية لدعم المتضررين من العدوان. وأعلن وزير التضامن الوطني والأسرة والجالية الوطنية بالخارج السيد جمال ولد عباس أمس عن خطوة جديدة في الدعم الموجه لنصرة سكان غزة، بعد عشرات الأطنان من المساعدات التي أرسلت الى القطاع عبر مطار العريش المصري. وذكر في تصريح صحفي بمطار بوفاريك العسكري أمس أن رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أصدر تعليماته بتقديم كل المساعدة الضرورية لسكان غزة سواء تعلق الأمر بإرسال مساعدات غذائية أو طبية أو إيفاد بعثات طبية إلى المنطقة للمساهمة في تخفيف الضغط على مستشفيات غزة، كما تقرر ضمن هذه التوجيهات تخصيص أسرّة لاستقبال الجرحى وكمرحلة أولية تم تخصيص 200 سرير في مستشفيات العاصمة وعنابة والبليدة، ويمكن أن يتم زيادة عدد الأسرة في حال ارتفع عدد الجرحى الوافدين إلى الجزائر لتلقي العلاج. وقال إن عدد الأسرة "مرشح للارتفاع كلما استدعت الحاجة إلى ذلك". وأوضح السيد ولد عباس أن عملية تجهيز 200 سرير تمت بالتنسيق مع وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات. وجاءت تصريحات الوزير لدى حضوره أمس بمطار بوفاريك عملية شحن مساعدات غذائية وطبية باتجاه مطار العريش المصري في إطار الحركية التي يعرفها الجسر الجوي الذي أمر الرئيس بوتفليقة بفتحه منذ الأيام الأولى للعدوان. وتم أمس بمطار بوفاريك العسكري شحن 61 طنا من العتاد الطبي والمواد الصيدلانية والمواد الغذائية إضافة الى سيارتي إسعاف مجهزتين بكافة مستلزمات التدخل الميداني. وترافق هذه المساعدات فرقة طبية مكونة من 10 أطباء متطوعين مختصين في طب الاستعجالات والعظام والعيون والأطفال على نفس الطائرة. وتتمثل المواد التي سترسل الى قطاع غزة الذي تواصلت به الغارات الإسرائيلية لليوم الثامن على التوالي في 10 آلاف كيس مصل و20 الف حقنة وأدوية ومضادات حيوية ومعدات خاصة بالتدخل السريع إضافة الى محطة لتصفية المياه ومولدات كهربائية. وأشرف على عملية الشحن وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بلخادم بحضور الناطق الرسمي باسم حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" السيد سامي أبو زهري. وقال السيد ولد عباس في تصريح صحفي أن هذه المساعدات الطبية جاءت بناء على طلب من الهلال الأحمر الفلسطيني الذي يقوم بتحديد كافة متطلباته وإرسالها للهلال الأحمر الجزائري الذي يقوم بدوره بتوفيرها له. ومن جهته أوضح السيد بلخادم أن موقف الشعب الجزائري "مطابق لموقف سلطته حيال ما يحدث في قطاع غزة" وأكد على "تجنيد كافة الوسائل لمساعدة الشعب الفلسطيني في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية". ويحتاج الشعب الفلسطيني في غزة حسب السيد بلخادم إلى دواء للتخدير ومستشفى ميداني وأدوية خاصة بالجراحة الحربية وكل المستلزمات التي تخص الفرق الطبية. وأضاف أن الجزائر على استعداد لإرسال مستشفى ميداني الى غزة واستقبال جرحى في المستشفيات الجزائرية مشيرا الى "أننا لا زلنا في انتظار القائمة الدقيقة لكافة الاحتياجات التي يطلبها الإخوة الفلسطينيون في غزة". وأشار إلى أنه بناء على تعليمات رئيس الجمهورية فإنه سيتم أيضا "إرسال -زيادة على ذلك- معدات وآليات متعلقة بالحماية المدنية خاصة بإخماد النيران ورفع الركام". ومن جهته أعرب السيد سامي أبو زهري عن ارتياحه الكبير وتقديره لهذه المبادرة الجزائرية مشيرا إلى أن "هذا الموقف ليس غريبا عن الجزائر وجاء ليبرهن مرة أخرى عن تضامنها الفاعل والثابت حكومة وشعبا مع الشعب الفلسطيني". وأكد على أن موقف الجزائر "موقف مشرف" بالنسبة للقضية الفلسطينية ودفاعها المتواصل على حقوق الشعب الفلسطيني مشيرا بالمناسبة الى اهتمام رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة شخصيا بإيصال هذه المساعدات إلى أهلها في غزة. وأكد أنه ينبغي بذل المزيد من الجهود لإيصال هذه المواد الى غزة مشيرا الى أن الصعوبات التي تعترض وصول هذه المساعدات إلى الأراضي المحتلة تتمثل أساسا في الإجراءات الإسرائيلية المتشددة وخصوصا إذا كانت هذه المساعدات آتية من دول شقيقة أو صديقة لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. ومن جهة أخرى واستجابة لطلبات العديد من المواطنين والمحسنين داخل الوطن وخارجه أعلن السيد ولد عباس أنه تم فتح حساب بريدي جاري باسم الهلال الأحمر الجزائري قصد جمع التبرعات المالية التي يتم تحويلها للفلسطينيين، واعتبر أن "لا حاجة اليوم لتقديم مساعدات عينية كالأغذية والأغطية لأن الدولة الجزائرية تكفلت كليا بتأمين وإيصال المساعدات الطبية والغذائية للفلسطينيين". وكانت الجزائر السباقة في إرسال مساعدات إنسانية إلى سكان غزة حيث كانت الى جانب السعودية وقطر أولى الدول العربية والإسلامية التي سارعت إلى إنشاء جسر جوي بينها وبين القطاع المحاصر منذ أكثر من عام، والذي يتعرض إلى عدوان منذ 27 من الشهر الماضي أمام صمت دولي. وتحظى عملية تنظيم وشحن ونقل المساعدات الإنسانية الى سكان غزة بمتابعة شخصية من طرف رئيس الجمهورية الذي يطلع حسب ما أكده وزير التضامن الوطني في وقت سابق على تقارير يتم إعدادها له. وتضاف المساعدات الجزائرية بمختلف أشكالها إلى التجند الشعبي والرسمي الواسع لنصرة سكان غزة، حيث عرفت الدبلوماسية الجزائرية نشاطا مكثفا، وشارك وزير الخارجية السيد مراد مدلسي في أكثر من اجتماع، وعرفت الساحة الوطنية تنظيم العديد من التجمعات والوقفات، وتمت برمجة تجمعات أخرى من طرف العديد من الحساسيات الوطنية خلال هذا الأسبوع.