منذ بضعة أسابيع مرت ذكرى المصادقة على حقوق الطفل.. وإسرائيل مازالت مستمرة في عدوانها ضد الشعب الفلسطيني لتحرم الطفل من حقوقه في العيش بسلام.. تهدم مدارسه، تقتل ذويه وتتسبب في سقوط مئات الشهداء الصغار ممن يواجهون عنف الأسلحة والمدفعية بالحجارة جراء حروب الكبار وأطماعهم! وفي العالم ككل، يعاني مئات الآلاف من الأطفال ويموتون جراء مختلف أشكال الإيذاء، ويعيش بعض الأطفال في ظروف قاسية: جروح، صدمات نفسية، مشردين داخل بلدانهم أو لاجئين خارجها، ذنبهم أنهم ضحايا صراعات مسلحة تذهب إثرها تعهدات الدول القاضية باتخاذ التدابير الممكنة عمليا لحماية الأطفال المتأثرين بنزاع مسلح هباء منثورا.. فهل هم حقا معنيون باتفاقيات حقوق الطفل، أم أن الهوة عميقة بين الحقيقة والغاية المنشودة الموقع عليها في أكبر مباني الأمم المتحدة؟ ماذا يقول أطفال فلسطين الذين يعيشون على وقع مجازر إسرائيلية جديدة في قطاع غزة، للذين وقعوا على اتفاقيات الطفل.. وماذا يقول المجتمع الدولي لأطفال فلسطين الذين يطالبون العالم كله بحقهم في وطن سلب منهم وأمن تغتصبه اعتداءات وحشية لتهددهم بمعانقة الموت في كل ثانية؟! كل أطفال فلسطين الذين يواجهون أبشع صور الهمجية والإجرام، هل سيؤمنون حقا بفاعلية الاتفاقيات التي اجتمع لأجلها قادة العالم، أم أنهم أدركوا مثلي أنها مجرد حلم جميل تعترضه على الدوام أطماع القوى الكبرى.. وأن الاتفاقيات لا تحل مشكلتهم الملونة بألوان الاحتلال والرصاص والمذابح؟! من غزة والقدس في الأراضي المحتلة إلى الصحراء الغربية والعراق.. أطفالنا يئنون من ألم النزاعات المسلحة.. وأتصور أيضا أنهم أدركوا مثلي بأن مأساتهم لا يمحوها حبر الورق.. وأنهم ربما بحاجة إلى رأفة قطط الأرجنتين الشاردة التي أوت مؤخرا صبيا ضالا يبلغ من العمر عاما لعدة أيام، بإبقائه دافئا وإطعامه من فتات الطعام مما أنقذه من الجوع والبرد القارس.. نعم ما أحوجنا إلى هذه الحيوانات التي أعطت درسا في الإنسانية للإنسان! وما أحوج صغارنا إلى حنان قطط لا شأن لها بأمور السياسة ولا حاجة لها في حروب سلب الأراضي وامتلاك العالم!