هل ينجح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في مشروعه لتمويل جدار الفصل بين بلاده والمكسيك والذي جعل منه قضية جوهرية في عهدته الرئاسية رغم أنه أدخله في متاهة معركة قانونية وإجرائية مع أعلى الهيئات التشريعية والتنفيذية في بلاده؟. ذلك هو السؤال الذي يطرحه الأمريكيون في ظل استمرار القبضة بينه وبين نواب الكونغرس وبين حكام مختلف الولاياتالأمريكية. وكان الرئيس الأمريكي على وشك تحقيق رهانه بعد أن لجأ إلى فرض حالة الطوارئ التي يخوّلها له الدستور الفيدرالي الأمريكي للقفز على الرفض الذي أبداه نواب الكونغرس لمشروعه ولكنه وجد نفسه في نقطة البداية أمس، عندما عارض حكام 16 ولاية أمريكية مشروعه ووقفوا في وجهه برفع طعن أمام النائب العام لولاية كاليفورنيا، رافضين الاعتراف بقانونية ودستورية احتماء الرئيس ترامب بقرار الطوارئ الذي عادة ما يتم اللجوء إليه في الحالات الاستعجالية الطارئة كالكوارث الطبيعية الكبيرة أو الحروب المفاجئة. وشكل قرار حكام هذه الولايات صدمة حقيقية للرئيس الأمريكي الذي لم يكن ينتظره وسيجد نفسه بسببه في مواجهة متاهة معركة قانونية أمام العدالة الأمريكية والتي تؤكد كل المؤشرات أنه سيخسرها. واتهم حكام الولايات الستة عشر الرئيس ترامب بإدخال البلاد في أزمة دستورية على اعتبار أن اللجوء إلى فرض حالة الطوارئ انتهك مادتين دستوريتين، تخص الأولى الإجراءات الدستورية بينما تؤكد الثانية على صلاحيات مطلقة وكلمة الفصل لنواب الكونغرس في المصادقة على تمويل المشاريع العمومية. كما طعن رافعو الدعوى في قرار الرئيس اللجوء إلى حالة الطوارئ في وقت انتفت هذه الوضعية بخصوص مسأألة بناء الجدار، معتمدين في ذلك على تقارير أمنية وأخرى جمركية أجمعت كلها على تراجع الهجرة غير الشرعية عبر الحدود المكسيكية في السنوات الأخيرة إلى أدنى مستوياتها منذ 45 عاما. في نفس الوقت الذي اتهموا فيه وزارة الأمن الداخلي الفيدرالية بخرق قانون حماية البيئة بسبب عدم تقييمها للآثار البيئية الكارثية التي سيخلفها الجدار على ولايتي كاليفورنيا ونيو مكسيكو. وأكد حكام الولايات الثائرين على تصرف الرئيس ترامب أن كتابة الخارجية اعترفت بعدم وجود أي دليل على تسلل إرهابيين عبر الحدود الجنوبية باتجاه الأراضي الأمريكية في نفس الوقت الذي أكدت فيه تقارير أمنية فيدرالية على أن نزعة المهاجرين السريين لاقتراف جرائم في داخل التراب الأمريكي أقل بكثير من تلك التي يقترفها مواطنون أمريكيون ولدوا وترعرعوا في داخل الولاياتالمتحدة. وهي كلها أوراق سبق للرئيس الأمريكي أن رفعها في محاولة لإقناع نواب الكونغرس بحتمية إقامة هذا الجدار الذي قدرت تكلفة بنائه بأكثر 5 مليار دولار ولكنه فشل في مهمته وجعله ذلك يلجأ إلى مساومتهم بعدم التوقيع على قانون المالية الفيدرالي لسنة 2019 مما تسبب في أطول مدة إغلاق حكومي في تاريخ الولاياتالمتحدة شلت على إثره كل الهيئات الحكومية الأمريكية. وتزامن تحرك حكام الولايات المعنية بقرار الطعن مع قرار اللجنة القانونية في غرفة النواب التي أعلنت من جهتها عن الشروع في تحقيق برلماني فوري لمنع تجسيد قرار الطوارئ الذي يمكن الرئيس من إتمام مشروع هذا الجدار المثير للجدل والذي لا تنطبق عليه صفة الطوارئ على اعتبار أن المشروع بإمكانه أن ينتظر أمام حالات ومشاريع ذات أولوية للمجتمع الأمريكي. يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد أعلن يوم الجمعة الماضية إعلان حالة الطوارىء الوطنية في البلاد للتصدي لما وصفه ب«اجتياح" المخدرات والعصابات وتجار البشر والمهاجرين غير الشرعيين للحدود الأمريكية مع المكسيك، ضمن خطة لإبطال مفعول الرفض البرلماني وكاد ينجح في مشروعه لولا قرار حكام الولايات الرافضة.