* email * facebook * twitter * linkedin اختار المخرج سليم حمدي في أوّل تجربة إخراج سينمائية في فيلمه "عرفان"، أن يثمّن دور المرأة خلال حرب التحرير، بسرد قصة واقعية بطلتها المجاهدة يمينة نعيمي في ولاية تيارت، التي طالما حلمت بتجسيد قصتها صورة وصوتا ليكتشفها الجزائريون، على غرار العديد من الأسماء التي بقيت في الظل رغم أنّها أعطت الكثير للوطن. يروي الفيلم قصتين مختلفتين أحداثهما غير مترابطة، وهما قصة الشهيدة فطيمة ودور المرأة خلال الحرب التحريرية، وقصة أختها يمينة التي أدت دورها الفنانة القديرة شافية بوذراع، والتي ظلت على قيد الحياة، تتمنى أن تحكي قصة أختها البطلة لجميع الجزائريين، وكذا قصة حفيدها أحمد وأصدقائه والشابة التي يحبها "مياسة". ورغم أن أحمد وأصدقاءه تعبوا من أجل إسعاد الحاجة يمينة وتحقيق رغبتها وتصوير شهاداتها حول أختها الشهيدة فطيمة ونقل تلك الشهادات للجمهور العريض سواء عبر شاشة التلفزيون أو في ساحة البلدية، إلا أنهم واجهوا عراقيل كبيرة منعتهم من تحقيق حلم الجدة. فبالنسبة للتلفزيون اعتبروا الفكرة ملغاة بالنظر إلى الصعوبة الكبيرة في الوصول إلى مسؤوليه وإقناعهم بالفكرة، وهنا يشير المخرج إلى حجم البيروقراطية التي يمارسها التلفزيون العمومي. أما بساحة البلدية فرغم ترخيص وزارة المجاهدين وموافقة رئيس البلدية، إلاّ أنّ رئيس مصلحة في البلدية ونظرا لعدم قضاء مصلحته الشخصية من وراء عرض الفيلم، سعى لوضع مجموعة من العراقيل لمنع العرض في ساحة البلدية، وتبخّرت مساعي أحمد ومعها أحلامه في الزواج والعمل والاستقرار، إلى أن تدخّل والد "مياسة" الذي أعاد له الأمل من جديد. الفيلم عُرض، أوّل أمس، لأوّل مرة بقاعة سينماتيك بعد مشاركة وحيدة في ختام مهرجان وهران للفيلم العربي في جويلية 2018. ويركّز هذا العمل السينمائي على نضال المرأة بمختلف أشكاله؛ من مرافقة الثوار في الجبال إلى تحدي الاحتلال في المدن إلى غاية مواجهة المجتمع في الحاضر. ويعكس أيضا الاختلال في القيم بين الماضي والحاضر في المجتمع الجزائري، خاصة في ما يتعلق بالمرأة، فهي كانت تحظى بحرية الاختيار والقرار، مثل فطيمة الممرضة التي قرّرت الالتحاق بالثوار، وساندها أهلها، وثمنوا قرارها، وأختها يمينة التي كانت تتنقل من مكان إلى آخر بدون أن يعاتبها أحد على غيابها عن المنزل، إذ كانت تقوم بأعمال فدائية وتنسق مع المجاهدين. وبهذا الشأن يضع المخرج مقاربة بين الفترتين، ففي الوقت الراهن تعيش المرأة الجزائرية تضييقا على خياراتها من خلال شخصية مياسة الشابة المحجبة التي تواجه ملاحظات عائلتها عندما تتأخر في العودة إلى البيت، فرغم أن والديها متفهمان لكنهما يأخذان بعين الاعتبار أحاديث الجيران وسكان الحي والمجتمع، ما جعل مياسة التي أدت دورها الممثلة مليكة بلباي، تسأل الحاجة يمينة عن سر تغير العديد من القيم في المجتمع، خاصة المتعلقة بحرية المرأة. وعقب العرض، تحدّث المخرج عن ظروف التصوير التي دامت سنوات منذ 2014، والتي أعازها لأسباب مالية وإدارية، ثم عرّج للحديث عن القيم التي حملها الفيلم، وأن الهدف من أطروحته هو المضيّ نحو ممارسة الواجبات، ومن ثم يمكن التوجه نحو الحقوق، ولا يفرَّق في ذلك بين رجل وامرأة، على حد تعبيره.