استوقفتني مشاهد التضامن هذه الأيام في كل مكان، وهذا الحدث جعل قلمي يتوجه إلى الأفئدة المتعانقة والأصوات المتعالية هنا وهناك ليبارك التفاتة عرب غيورين على عروبتهم .. فالظاهر منذ بداية العدوان هو أن موضوع الأحاديث في وسط العامة واحد تشكل فحواه القضية الفلسطينية، إذ أن الكيان الصهيوني المتغطرس الذي يعيث فسادا في الأراضي المحتلة أنسى المواطنين الجزائريين في هذه الآونة مشاكل حياتهم اليومية، فتحول الحديث من ازدحام الطرقات وغلاء المعيشة نحو موتى وجرحى غزة وآلة الموت الإسرائيلية. كل الأنظار مشدودة نحو مقاومة الديار المباركة التي تشتعل بأجساد رجال ونساء.. وفي الجزائر القلوب متآزرة مع غزة، وهي التي صدمها وأبكاها ما يبث من صور مرعبة يقطر القلب إثرها دما.. ويئن ألما أمام وقائع عملية إبادة سقط إثرها أزيد من700 شهيد لحد الآن في حرب غير متكافئة.. تبعث على الشعور بأننا نعيش في عصر الغاب. وبقدر ما يتواصل سقوط مئات الأطفال والكبار تحت انفجار القنابل، بقدر ما انفجرت روح التضامن في كل بقعة من بقاع العاصمة بصور مختلفة عمت إثرها الوقفات التضامنية وتعالت الأصوات المنددة بالتخاذل العربي، والمستنكرة لاستبداد كيان لا يعترف بالمواثيق الدولية. الكل عبر عن نصرته للشعب الفلسطيني على طريقته الخاصة بدءا بميلاد الجبهة النسوية لنصرة الشعب الفلسطيني، التجمعات وحملة التبرع بالدم تضامنا مع غزة، وانتهاء بالرسائل النصية القصيرة التي حثت على قراءة سورة الفتح لينصر الله سكان غزة.. وبين هذا وذاك خرج العديد من الشباب والطلبة الثانويين حاملين الأعلام في أجواء يغمرها الحماس والمطالبة بإغاثة شعب أعزل محاصر.. كما وضع آخرون الكوفية على أكتافهم ليقولوا بصمت لا للمجازر الإسرائيلية. من الجزائر إلى غزة جسور التآزر ممتدة لإيقاظ الضمير العربي من سباته.. فألف تحية لكل من يساند غزة بالمال، بالتنديد، بالدم أو حتى بالكوفية.. ففي نهاية المطاف عبر الجميع عن ما يجيش في صدورهم، وأكدوا على أن روح القومية العربية لم ولن تموت لأنها لن تسمح بشرق أوسط جديد في خريطة لا توجد فيها فلسطين.