* email * facebook * twitter * linkedin يعرف سوق التوابل انتعاشا كبيرا بحلول الشهر المبارك، الذي يُعدّ مناسبة تبدع فيها المرأة في مطبخها لتحضير أشهى الأطباق وأطيبها. كما تضيف التوابل خلال هذا الموسم، اللمسة السحرية التي تصنع الفرق في الأطباق، وهو مزيج من إبداع النساء منذ القدم؛ مما يساعد على تقديم الطبق على أصوله. في جولة قادت "المساء" إلى بعض الأسواق الشعبية، تقرّبنا من بعض المحلات التي اختصت في بيع التوابل. وجهتنا الرئيسة كانت السوق الجوارية للحراش، التي تشهد إقبالا من طرف مختلف الشرائح المجتمعية نظرا للعرض المتنوّع للخضر والفواكه ومختلف اللحوم. ولقد انتشر في تلك السوق المغطاة عدد من المحلات الخاصة ببيع التوابل، والتي غطّت بعطرها على المكان، وطيّبت رائحة التوابل الأروقة. بداية، كان لنا حديث مع زبير بائع توابل في السوق، أشار إلى أن هذه الأيام تعرف ذروة في اقتناء التوابل لشهر رمضان المعظم، حيث قال إنّ روتين المرأة في تحضيراتها لشهر رمضان يتمثل في اقتناء مستلزمات المطبخ وديكور البيت لاستقبال هذا الضيف، ومن بين المقتنيات التي لا تفوّت شراءها قبل أن يحين الموعد. وأضاف أن الكثيرات حتى وإن كان لديهن مخزون من تلك التوابل، إلا أنهن يفضّلن اقتناء كمية جديدة منها، لاسيما أن الكثير من التوابل تفقد رائحتها القوية بعد فترة من حيازتها ما يُعرف ب "برودة" التابل، وهذا يُفقده طعمه أو يحوّله تماما ويجعله مرا. وأوضح البائع أن أكثر التوابل التي يتم اقتناؤها خلال هذه المناسبة، كلّ ما يرتبط بأشهر الأطباق المحضّرة بهذه المناسبة، على رأسها الطبق الرئيس الشربة أو الحريرة، التي تتطلب عددا من التوابل على غرار رأس الحانوت والكركم والفلفل الأحمر الحلو والكروية والفلفل الأسود والزنجبيل. وأضاف أنّ مختلف الأطباق لها توابلها الخاصة، فالإبداع في تغيير مكوناتها يحوّل الطبق ويخرجه عن أصالته، لأنّ كل طبق يتميّز بفضل تلك الخلطات التي تضاف إليه، وهذا ليس علما دقيقا، وإنما وصفات ابتكرتها النساء قديما واعتاد الفرد عليها، وأصبحت الوصفة ما هي عليه اليوم من خلال ذلك، فمثلا الاستغناء عن تابل معيّن أو تعويضه بآخر، يغيّر من الطبق حتى وإن كانت بعض التوابل ثانوية في طبق معيّن ويمكن التخلي عنها أو استبدالها، إلاّ أن توابل أخرى أساسية ولا يمكن الاستغناء عنها. وعلى صعيد ثان، كان لنا حديث مع بعض النساء المتجولات بالسوق، اللواتي أوضحن أن تقليد اقتناء التوابل قبيل الشهر الفضيل، عادة لا يمكن التخلي عنها، وهذا لحاجة المطبخ إلى تلك الخلطات. وفي هذا الصدد، قالت سهيلة إن نوعية التوابل هي التي تحدّد ذوق الطبق، فكلّما كانت جديدة كانت عطرة ولذيذة، وعليه من الأفضل اقتناء التوابل غير المطحونة، وطحن كميات صغيرة منها عند الحاجة، وبذلك نضمن بقاءها أطول بدون أن يتغير مذاقها. أما سهام فأوضحت قائلة إنّ التوابل من المكونات التي لا تستغني عنها المرأة، وهي نوع من بطاقة الهوية للمطابخ من ربوع الوطن، فكل منطقة تشتهر باستغلالها توابل أكثر من مناطق أخرى، مشيرة: "اليوم أصبح الاهتمام بهذا العالم كبيرا جدا؛ مما خلق أخصائيين، من بينهم رجال اكتسبوا خبرة من نساء كبيرات في السن لتعلُّم خفايا هذا العالم. وأصبح الاهتمام بتكوين خلطات جاهزة لكل طبق، لا يكلف المرأة التفكير في ما يجب استعماله، لاسيما الحديثات قي المطبخ واللواتي لا يفقهن أصول الأطباق، لتجد بذلك خلطة لكل طبق؛ مثلا توابل خاصة بالسمك، وأخرى بالشوربة، وللمشويات أو الفصولياء وغيرها. ولم يهمّش هؤلاء طبقا جزائريا شهيرا من تراثنا المتعلق بمطبخنا حتى تلك الأطباق المعقدة وصعبة التحضير؛ كالدوارة أو بوزلوف؛ حفاظا على ذوق الطبق وضمان نجاحه بالتوابل الصحيحة.