فلسطين المجاهدة مازالت تصنع التاريخ لأمتنا الإسلامية وتدير فصوله بكلّ استحقاقات النصر التي تبرمجها المقاومة في إستراتجيتها الجهادية، والشعر العربي التحم بالرصاصة وتخضّب بالدم وقال الكلمة التي استطاعت أن تكون بحجم التضحيات وقامات البنادق لتثمر إحدى الحسنيين الشهادة أوالانتصار. الشعر الجزائري من العيار الساخن لم يغب عن حرارة المعركة، فالشعراء احتضنوا القضية الفلسطينية بنفس الحرارة والصدق التي احتضنوا بها القضية الجزائرية في فصل خطابها المصادق عليه بدم الشهداء كالشاعر الكبير محمد العيد آل خليفة وشاعر الثورة مفدي زكريا، والكثير من الشعراء الذين واكبوا الجهاد الفلسطيني من أربعينيات القرن الماضي إلى المجازر التي ارتكبها "رومبو" الإسرائيلي في ذبح أطفال غزّة ونسائها ومدارسها ومساجدها ومستشفياتها تحت غطاء الدفاع عن أمن الإسرائيليين، حيث لم يخطر في بال بشر أنّ أطفال غزّة الرَضع هم بهذه القوّة التي تهدّد أمن إسرائيل. الشاعر الجزائري حمل فلسطين في قلبه وفي شريانه كما حمل قضية وطنه وكم يكون الشعر صادقا ورائعا إذا كان نابعا من نفس قاومت أشكال الظلم والقهر والسجن ودفعت الكثير من أجل الحرية، في هذا الشعر نسمع دويّ القنابل وقصف الطائرات وصرخات الجرحى وتدمير المنازل والمزارع وكلّ من يتحرّك على الأرض يتمّ إحراقه وإبادته، ولنسمع إلى الشاعر مفدي زكريا وهو يناجي أرض فلسطين: "أناديك في الصرصر العاتية وبين قواصفها الذارية وأدعوك بين أزيز الوغى وبين جماجمها الجاثية وأذكر جرحك في حربنا وفي ثورة المغرب القانية فلسطين يا مهبط الأنبيآ ويا قبلة العرب الثانية" إلى أن يقول: فلسطين والعرب في سكرة قد انحدروا بك للهاوية رماك الزمان بكلّ لئيم زنيم من الفئة الباغية وصب بك الغرب أقذاره رجس نفاياته الباقية والقصيدة طويلة وتؤكّد صدق الشاعر بل وانفجاره الشعري ساخطا عمن كانوا سببا في نكبة فلسطين ومأساتها القائمة إلى يوم الناس هذا.