* email * facebook * twitter * linkedin أصبحت النفايات الصلبة المنتشرة والمترامية عبر عدد من الأحياء بمختلف مخارج ومداخل مدينة أدرار، من أكثر المظاهر السلبية الملوّثة للبيئة بالولاية؛ ما أثار استياء السكان، الذين يطالبون بردع المتسببين، وتكاتف الجهود لمحاربتها. ويرى في هذا الصدد رئيس المكتب الولائي للمنظمة الوطنية لمكافحة التصحر وحماية البيئة بأدرار، أن هذه النفايات الناجمة في أغلب الحالات عن بقايا أشغال البناء، بدأت تأخذ أبعادا خطيرة في تفاقم التلوث البيئي، لتشمل مظاهر سلبية أخرى لا تقل ضررا عنها في البيئة. وأكد أن هذه النفايات المنتشرة بالخصوص عبر أحياء 500 سكن بتليليلان بالجهة الشرقية للمدينة إلى جانب أحياء أخرى، أصبحت تشوّه المنظر العام، ومقصد الكلاب المتشردة والحشرات الضارة، التي تشكل، بدورها، خطرا محدقا على الأطفال والصحة العمومية جراء الحرق العشوائي لتلك النفايات المنزلية. وفي السياق ذاته، تحدّث السيد مالكي عن مظهر آخر من مظاهر التلوث البيئي الذي أضحى مشهدا دائما بالوسط الحضري، المتمثل في انتشار الأكياس البلاستيكية التي تغزو الواجهات والأرصفة، خاصة بضواحي المدن، إضافة إلى تساقط أوراق وبلح النخيل المتواجدة بالساحات العمومية، وتحولها إلى بقع سوداء. ودعا المتحدث، بالمناسبة، إلى اتخاذ عدة إجراءات كفيلة بالحد من هذه المظاهر السلبية التي تشوّه المنظر البيئي؛ حيث يتحمل مسؤوليتها كل فرد في المجتمع؛ لأنهم يشتركون جميعا في العيش ضمن هذه البيئة؛ من خلال توجيه الخطاب الديني، وتوظيف النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تدعو إلى الحفاظ على البيئة وإطلاق الحملات التحسيسية بالأوساط التربوية والشبانية ومختلف الأماكن العامة. كما أبرز أهمية إلزام أصحاب ورشات البناء برفع النفايات الناجمة عن أشغالهم، وتكثيف الحملات التطوعية لإنشاء المساحات الخضراء وحمايتها حتى تكون فضاءات بديلة لهذه الوضعية المزرية في ظل تراكم النفايات الصلبة في محيط العديد من المؤسسات العمومية الشبانية والرياضية والثقافية والتربوية والتجمعات السكنية الجديدة بضواحي المدن، إلى جانب تشجيع الأنشطة الصناعية في مجال تدوير النفايات، وضرورة القضاء على الأكياس البلاستيكية واستبدالها بأكياس ورقية. خطوات عملية لحماية المحيط ومن جانبها، اتخذت مصالح البيئة بالولاية عدة خطوات عملية لحماية المحيط من مختلف مظاهر التلوث، سيما تلك الناجمة عن رمي النفايات الصلبة والهامدة بالوسط الحضري للمدن؛ من خلال توزيع ما يزيد عن 200 حاوية لجمع القمامة على عدد من الأحياء والمؤسسات العمومية، وتنظيم حملات تطوعية بمساهمة الشركاء لإزالة النفايات بمختلف أشكالها.واستنادا إلى مسؤولي القطاع، تبقى رهينة توفر الإمكانيات المادية الكافية التي تتطلبها مثل هذه العمليات وضرورة توفر عامل آخر لا يقل أهمية عن تلك الجهود الميدانية والذي يتمثل في التحلي بالوعي والحس البيئي لدى السكان؛ من خلال اضطلاعهم، بدورهم، بالتبليغ عن الإساءات التي يتعرض لها المحيط. وفي هذا الإطار، أفادت المصالح ذاتها بأنه بات من الضروري إيجاد وسيلة قانونية تلزم مؤسسات إنجاز المشاريع، بوضع النفايات الهامدة الناجمة عن تلك الأشغال بالحيز المخصص لها في مركز الردم التقني للنفايات، والذي مازال غير مستغل إلى حد الآن، عكس الأجنحة الأخرى المخصصة للنفايات المنزلية وغيرها. وفي خطوة منها لمراقبة النفايات بصفة مستمرة، عمدت المديرية الوصية إلى وضع برنامج لجمع النفايات يستهدف الشركات البترولية العاملة بإقليم الولاية، كُلفت بتنفيذه المؤسسة العمومية لتسيير مراكز الردم التقني للنفايات، التي تشرف، بدورها، على تسيير مراكز بالولاية، متواجدة بكل من أدرار ورقان وتيميمون. ويجري التفكير حاليا في تقديم مقترح للسلطات المحلية، لتسجيل مشروع لإزالة النفايات الصلبة بحي 500 مسكن تيليلان و800 مسكن وحي 140 مسكنا بمدينة الشيخ سيدي محمد بلكبير، وتحويل هذا الجيب العقاري إلى حديقة عمومية، بالإضافة إلى مشاريع قطاعية أخرى هامة يطلبها المواطن. وبدوره، اعتبر نائب المجلس البلدي مكلف بالبيئة وحركة الأسواق، أن مقاولات إنجاز المشاريع الكبرى تُعد المتسبب الرئيس في انتشار النفايات الصلبة بالوسط الحضري للبلدية، والتي لا تقوم بإزالة تلك النفايات الناجمة عن الأشغال، والمتراكمة بمحاذاة ورشات المشاريع بعد الانتهاء منها؛ مما تسبب في تراكمها بشكل رهيب. وطالب رؤساء لجان الأحياء بتفعيل دورهم للتجند مع مصالح البلدية ومساعدتها في مكافحة هذه الظاهرة السلبية؛ من خلال التبليغ وتعزيز الفعل التحسيسي بأهمية إيجاد بيئة نظيفة وسليمة. مراهنة على الحملات التطوعية وأشار ذات المنتخب إلى أن في ظل الإمكانيات غير الكافية لمصالح البلدية، فإن الأمل يبقى معلقا على البرنامج العام للحملات التطوعية لنظافة المحيط، التي يتم تنظيمها بصفة دورية منتصف كل شهر، تحت إشراف الولاية، وبمشاركة مختلف الهيئات العمومية التي كان لها أثر إيجابي كبير في إزالة كميات معتبرة من النفايات بمختلف أنواعها. ويرى أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة أدرار السباعي محمد، أن حماية البيئة تُعد من أهم الخطوات العملية الفعالة لتحقيق التنمية المستدامة؛ باعتبارها الرهان الأبرز لها، مشيرا إلى أن المظاهر السلبية المضرة بالبيئة بعد أن غدت واقعا معاشا وظاهرا للعيان بفعل التراكمات التي تشهدها الأوساط الحضرية لمختلف النفايات، أصبحت الآن مدعوة إلى تكاتف جهود الجميع بدون استثناء، لإنقاذ المحيط البيئي. وفي رأيه، فإن حماية البيئة ومحاربة الآفات السلبية المضرة بها تبدأ من الاستثمار في الفرد؛ باعتباره المتضرر الأول من تعرض البيئة للتلوث، إلى جانب اتخاذ إجراءات صارمة لحماية البيئة؛ من خلال تعزيز الرقابة في هذا المجال، وإشراك الفعاليات الجمعوية، وتفعيل أكبر لدور الإعلام الجواري في مجال البيئة، والعمل على تثمين الفضاءات المتواجدة بالمدن، وتحويلها إلى حدائق. كما تُستغل هذه الفضاءات لإقامة الأنشطة الترفيهية، خاصة تلك المتعلقة بالنوادي الخضراء التابعة للمؤسسات التربوية؛ قصد ربط علاقة حميمية بين الأطفال ومحيطهم البيئي؛ للتمكن من تنشئتهم منذ الصغر على احترام هذا المحيط وتعزيز الثقافة البيئية لديهم.