* email * facebook * twitter * linkedin عززت مصادقة البرلمان على مشروعي نص قانون الانتخابات المعدل والهيئة المستقلة لمراقبة وتنظيم الانتخابات، التوجه نحو تنظيم الاستحقاق الرئاسي، حيث توحي العديد من المؤشرات إلى وجود رغبة في تبني هذا الخيار الذي أعلنه نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح، عندما اقترح استدعاء الهيئة الناخبة اليوم 15 سبتمبر، مما يعني تنظيم الانتخابات قبل نهاية السنة الجارية، لتجنب الوقوع في فراغ دستوري من شأنه أن يعرض البلاد لمخاطر كبيرة ومصير مجهول. وبدا جليا أن هيئة الحوار والوساطة قد أخضعت بدورها مسار مشاورتها للفاصل الزمني، من أجل اللحاق بموعد تنظيم الرئاسيات في الآجال قبل نهاية السنة، تماشيا والتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، في ظل الدعوات المتكررة التي وجهها نائب وزير الدفاع الوطني للطبقة السياسية لتحديد موعد الانتخابات الرئاسية، تجسيدا للخيار الدستوري قصد حل الأزمة السياسية التي دخلت شهرها السابع. وكان تسليم رئيس الهيئة كريم يونس التقرير النهائي لنتائج مشاوراته لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح والمتضمنة التعديلات الواجب إدراجها في قانون الانتخابات وكيفية استحداث الهيئة الوطنية ثم موافقة الرئاسة على مقترحات الهيئة، قد عزز هذا المنحى في ظل العمل على تحقيق المزيد من الإقناع بضرورة الذهاب للانتخابات لوضع حد للأزمة السياسية. وقد وافقت الرئاسة على العديد من المقترحات، أبرزها إسقاط شرط الحصول على 600 توقيع فردي من أعضاء المجالس المحلية بالنسبة لمرشحي الانتخابات الرئاسية. ويندرج ذلك حسب المتتبعين في إطار سحب البساط من رموز النظام السابق ولتفادي عرقلتهم ترشح شخصيات كانت في القائمة السوداء. ومن أبرز الضمانات التي طالب بها الحراك الشعبي والمعارضة، والتي تم الاتفاق عليها بين الرئاسة ولجنة الحوار والوساطة، تشكيل سلطة وطنية مستقلة لتنظيم ومراقبة الانتخابات، تتمثل أبرز المهام الجديدة المدرجة في العملية الانتخابية، الإشراف على فرز الأصوات والإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية ومراجعة القوائم الانتخابية وتسلم ملفات المرشحين، بعد أن كانت تلك المراحل من اختصاص وزارة الداخلية، مما يعني أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون أول استحقاق رئاسي لا يمر عبر وزارتي الداخلية والعدل. يأتي ذلك في ظل انقسام الطبقة السياسية بالجزائر بين أولوية إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب الآجال على أن يتكفل الرئيس المقبل بالتعديلات المطلوبة للدستور وقوانين الانتخاب وغيرها. وبين انتخابات في أحسن الظروف، من خلال إعادة نظر شاملة في القوانين والآليات التي كانت متبعة في إجراء الانتخابات في عهد النظام السابق. وبذلك سيكون اسم الرئيس القادم مرهون بين إرادة الشارع وكلمة الصندوق في ظل المطالبة بتوفير الضمانات اللازمة لانتخاب رئيس يحظى بالإجماع قبل نهاية العام الحالي، حفاظا على مصلحة البلاد، لاسيما وأن الوضع الجهوي والإقليمي والدولي لم يعد يسمح بالمغامرة أو المقامرة. ومن باب الالتزام بمرافقة مطالب الشعب، فقد تعهدت المؤسسة العسكرية بإزالة كل الألغام المزروعة في طريق التغيير، لدحض كل المغالطات التي تحاول الإيهام بفتح جبهة أخرى ضد الشعب الذي يرفض كل رموز السلطة، حيث سبق للمؤسسة العسكرية أن استجابت لمطلب تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة يوم 4 جويلية الماضي إلى غاية توفير شروط النزاهة والشفافية أو الذهاب إلى حل سياسي توافقي، لحماية مطالب الشعب ومرافقته بتفعيل المادة السابعة من الدستور التي تمنح الشعب كامل السلطة لتقرير مصير البلاد. وينص القانون العضوي المتعلق بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، المصادق عليه على تحويل «كافة صلاحيات السلطات العمومية أي الإدارية في المجال الانتخابي إلى هذه السلطة» التي ستتمتع «بالشخصية المعنوية والاستقلالية المالية والإدارية وستعهد لها مهمة تنظيم العملية الانتخابية ومراقبتها والإشراف عليها في جميع مراحلها بداية من استدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية إعلان النتائج الأولية للانتخابات». وستتولى هذه السلطة كافة الصلاحيات التي كانت موكلة للإدارة العمومية في المجال الانتخابي بحيث ستشرف على العملية في كافة ربوع الوطن وخارجه، كما أنها تتمتع بميزانية خاصة لتسييرها واعتمادات موجهة للعمليات الانتخابية. وتقوم هذه الهيئة حسب النص القانوني المتكون من 54 مادة - بمسك البطاقية الوطنية للهيئة الناخبة وقوائم الانتخابات بالبلديات والقنصليات وكذا استقبال ملفات الترشح لرئاسة الجمهورية والفصل فيها، إلى جانب إعلان النتائج ومراقبة تمويل الحملة الانتخابية. وبخصوص القانون العضوي الذي يعدل ويتمم القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، فإن التعديلات الواردة تمحورت حول تحضير وتنظيم العمليات الانتخابية وكذا حيز خاص بالانتخابات الرئاسية. ومن أهم التعديلات التي جاء بها المشروع «إيداع شخصي» للتصريح بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية أمام رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بدلا من المجلس الدستوري، إضافة إلى اشتراط الشهادة الجامعية أو شهادة معادلة لها في المترشح. كما تم بموجب هذا النص تقليص عدد استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية إلى 50 ألف توقيع فردي بدلا من 60 ألف توقيع مع إلغاء التوقيعات الخاصة ب600 توقيع فردي للمنتخبين. وأمام هذه الخطوات المسجلة على مستوى الإطار القانوني، هل سنسجل بداية لإنهاء الأزمة السياسية في ظل التضارب القائم في موعد تنظيم الاستحقاق الرئاسي؟ وهل سيعلن رئيس الدولة عبد القادر بن صالح استدعاء الهيئة الناخبة اليوم 15 سبتمبر وفق ما اقترحه قائد الأركان؟ كل ذلك ستكشفه لنا الساعات القادمة، ليتحدد بالتالي مصير الأزمة السياسية ومعها مستقبل الجزائر المرهون بين مخاطر أمنية وسياسية واقتصادية وإرادة شعب في التغيير وفق شعار «يتنحاو قاع».