* email * facebook * twitter * linkedin ألح خبراء في المجال المصرفي أمس، على ضرورة مراجعة القوانين والنصوص التنظيمية التي تحكم القطاع المالي والمصرفي في الجزائر، بما يمكن من مرافقة السوق وتشجيعها وتنويع سلة منتوجاتها لتشجيع الاستثمار وتطوير الاقتصاد، لا سيما عن طريق مرافقة المستثمرين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتسهيل عمليات منح القروض. وأكد السيد رشيد سكاك، خبير ومستشار مالي دولي خلال الندوة التي نظمها منتدى التفكير والتشاور حول المؤسسات (كار) أمس، بفندق "سوفيتال" بالجزائر حول "عصرنة القطاع البنكي"، بأن هذا القطاع لا يزال متأخرا وبعيدا عن المستوى المطلوب، ولا يستجيب لحاجيات المتعاملين الاقتصاديين المحليين والأجانب، مشددا على ضرورة وضع استراتيجية واضحة لتطوير هذا القطاع وتوضيح الرؤية حيال المتعاملين المحليين والأجانب. واقترح المتدخل خلال الندوة التي نشطتها مجموعة من المختصين في المجال المالي مراجعة القوانين التي تحكم هذا المجال، بما يجعل السوق المالية أكثر انفتاحا، حيث أعاب على القوانين التي تسيير البنوك حاليا بأنها تكبح السوق الاقتصادية ولا ترافقها. كما دعا الخبير الدولي في سياق متصل، إلى مراجعة وتقوية الحكامة البنكية العمومية وتوسيع قائمة المنتوجات التي تعرضها البنوك، خاصة تلك الموجهة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي لازالت كما قال محدودة ولا تسمح بتطوير هذه المؤسسات التي يمكنها أن تلعب دورا مهما في إنعاش الاقتصاد الوطني، مثلما هو معمول به في الدول المتقدمة وبعض الدول الناشئة التي نوعت وطورت اقتصادها بفضل هذه المؤسسات. وبالمناسبة عبّر المتحدث عن أمله في أن يشمل قرار التخلي عن قاعدة الاستثمار 51/49 المقرر في مشروع قانون المالية لسنة 2020 قطاع البنوك، "من أجل تمكين الأجانب والخواص من الاستثمار في هذا المجال، بما يسمح بخلق المزيد من المنافسة وتنويع قائمة العروض والمنتجات التي تقدمها البنوك للمتعاملين الاقتصاديين والمواطنين". وانتقد السيد سكاك، قانون النقد والعرض الذي لم يعد حسبه يستجيب للتحولات الاقتصادية الجديدة، حيث "يكرس الاحتكار من طرف بنك الجزائر، ولا يسمح بالتفتح على البنوك الأجنبية"، مبرزا في سياق متصل، أهمية تدويل البنوك للتمكن من عصرنة النظام البنكي الجزائري. كما دعا نفس المتدخل إلى بعث آليات فعالة، تسمح بمراقبة الصرف ووضع سلطة حكومية معترف بها لضبط النظام المالي والبنكي. وتوقف المتدخلون في الندوة عند التأخر الذي يشهده القطاع البنكي والعراقيل التي يسببها للمتعاملين الاقتصاديين بسبب محدودية المنتوجات التي يقدمها والتطور الضعيف للخدمات المالية المتخصصة، بالإضافة إلى استمرار التعامل عن طريق السيولة وتأخر المعاملات الالكترونية، وكذا صعوبة الحصول على القروض البنكية، حيث لا تتجاوز قيمة القروض البنكية التي تمنح للمستثمرين 4812 مليار دولار بالنسبة للقطاع العام و4918 مليار دولار للقطاع الخاص، حسبما أكده الخبير المالي محمد نزيم بسايح. وبرأي المتحدث فإن أهم الحلول التي يمكن اعتمادها لمرافقة المستثمرين، تكمن في وضع منتجات بنكية تسمح بالتمويل القصير المدى لفائدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، موضحا أن القروض البنكية الممنوحة للقطاع الخاص لا تمثل سوى نسبة 24 بالمائة من مجمل القروض البنكية الممنوحة. ويرى المتدخلون في الندوة أن مشكل عدم استقرار القوانين التي تحكم المجال المصرفي والمجال الاقتصادي ككل، يبقى يشكل أبرز أسباب تخلف القطاع البنكي بالجزائر، ناهيك عن ضعف الوساطة البنكية وهيمنة البنوك العمومية. للإشارة ينشط بالجزائر 20 بنكا منها 6 بنوك عمومية والباقي عبارة بنوك أجنبية، فيما لا يوجد حاليا أي بنك جزائري خاص. وتعتبر البنوك الأجنبية المتواجدة بالجزائر ثاني أكبر مستثمر أجنبي بعد المؤسسات المتعاملة في قطاع المحروقات، حيث تحقق هذه البنوك الأجنبية رقم أعمال قدره 750 مليون دولار، 57 بالمائة منه عبارة عن فوائد، حسب الأرقام المقدمة في الندوة. ويبقى عدد البنوك بالجزائر، غير كاف لتطوير الاقتصاد والتكفل الأنجع بانشغالات المؤسسات والمتعاملين وكذا المواطنين، حسبما ذكره الخبراء والمختصون الذين أشاروا في هذا السياق إلى أن معدل الوكالات البنكية ببلادنا يقدر ب1489 وكالة لكل 25 ألف مواطن "وهو معدل ضعيف مقارنة بما هو موجود في باقي الدول بما فيها دول الجوار".