* email * facebook * twitter * linkedin أكد الباحث الأكاديمي والكاتب أرزقي فراد، أمس، أن "الجزائر اليوم بحاجة إلى لم شمل كل أبنائها لبناء الوحدة الوطنية، وتجسيد دولة القانون بمفهومها النوفمبري وبكل مكونات هويتها دون إقصاء"، مشيرا إلى أن تحقيق هذا الهدف يحتاج إلى "قرار شجاع من الرئيس الجديد، المطالب باتخاذ إجراءات تهدئة للتوجه نحو بناء الوحدة الوطنية في إطار التنوع الثقافي والسياسي". وقال الدكتور فراد، خلال استضافته بمنتدى جريدة "المجاهد" للحديث عن النضال والرؤية السياسية لزعيم الثورة الراحل حسين أيت أحمد، في الذكرى الرابعة لوفاته أن الجزائر تعيش اليوم أزمة سياسية خطيرة، وهي بحاجة إلى لم شمل كل أبنائها مهما كانت اختلافاتهم وانتماءاتهم، بين مؤيد ومعارض للانتخابات الرئاسية الأخيرة، للحفاظ على الوحدة الوطنية، مقدّرا بأنه "حتى إذا كانت نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة 40 بالمائة، فهذا يعني أن الأغلبية من المواطنين المقدرة بنسبة 60 بالمائة لم تنتخب لأسباب معروفة"، الأمر الذي يستدعي حسبه "ضرورة لجوء الرئيس الجديد إلى اتخاذ إجراءات تهدئة لامتصاص الغضب الشعبي للتمكن من التوجه نحو المستقبل". وأوضح الدكتور فراد، بأن إجراءات التهدئة الواجب اتخاذها تتمثل في "إطلاق سراح معتقلي الرأي ومعتقلي الحراك، فتح وسائل الإعلام للرأي والرأي الآخر، فك الخناق والتضييق على المسيرات الشعبية السلمية وفك الحصار عن العاصمة أيام الجمعة". وفي تقديمه لملخص عن مذكرة الراحل حسين أيت أحمد، أشار المتحدث إلى أن "جزائر اليوم بحاجة إلى الاقتباس من النظرة السياسية لأيت أحمد، لبناء دولة قوية بدون إقصاء ولا تمييز"، مؤكدا أن الظروف التي نعيشها اليوم تدعونا للتخلي عما أسماه ب "التطرّف وخطاب الكراهية"، والتوجه إلى خطاب لم الشمل وفق ما يدعو إليه ديننا الحنيف الذي يبقى دين الدولة، ويحث على توحيد الصفوف وتجاوز العرقية. في سياق متصل، تأسف المتحدث من بعض الدعوات "التي نسمعها اليوم تدعو للعرقية، في الوقت الذي يحتاج فيه البلد إلى صوت الحكمة والإنصاف والسعي لبناء الوحدة الوطنية في إطار التنوع الثقافي والسياسي، مثلما كان يدعو إليه الراحل أيت أحمد". جنازة أيت أحمد استفتاء شعبي والتفاف حول رؤيته السياسية ويرى الدكتور فراد، أن الرؤية السياسية للراحل أيت أحمد "تبنّاها الشعب الجزائري ولقت إجماعا لديه" كونها كانت حسبه نظرة عقلانية تهدف لبناء دولة القانون والديمقراطية وفق بيان أول نوفمبر، "والدليل على هذا القبول الشعبي لما يمكن اعتباره "الاستفتاء الشعبي الواسع غير المباشر" حول هذه الرؤية السياسية في جنازة الراحل أيت أحمد في ديسمبر 2015، حيث حضر الجزائريون من كل مناطق الوطن للترحم عليه، معبّرين عن دعمهم وثقتهم في المشروع السياسي الذي كان يحمله". كما عبّر السيد فراد، عن أسفه لكون الظروف السياسية التي عاشتها البلاد لم تسمح بتجسيد هذه الرؤية السياسية في الميدان، غير أنه ذكر أن "الأوان لم يفت، إذ يمكن استدراك الوضع لتجسيد هذا المشروع بداية بالتصالح مع مكونات الهوية وطرحها في إطار تكاملي وليس تصادمي بطريقة الاعتدال والوسطية، من خلال الدعوة إلى الاعتزاز بكل مكونات الهوية الجزائرية بدون إقصاء، كما كان يرى الفقيد أيت أحمد، الذي أسس حزبا سياسيا (جبهة القوى الاشتراكية) للنضال السياسي، ومحاولة تجسيد دولة القانون بمفهومها النوفمبري وبأسلوب مسالم وديمقراطي". كما ذكر الدكتور فراد، في حديثه عن الراحل أيت أحمد، بأنه "كان رجلا سلميا ديمقراطيا ناضل من أجل الشخصية الجزائرية الأصيلة، التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة وتطرح مكونات الهوية في إطار تكاملي". وعرفت الندوة تقديم شهادات حول الراحل أيت أحمد، من قبل من عايشوه وعرفوه عن قرب أمثال رفيق دربه الوزير الأسبق الدكتور سعيد شيبان، الذي درس معه ببن عكنون بالعاصمة وكان زميله في الكشافة الإسلامية الجزائرية، حيث أكد بأن "أيت أحمد بالرغم من أنه كان تلميذا نجيبا ومتفوقا في صفه، إلا أنه قرر التخلي عن مقاعد الدراسة بعد نيله شهادة البكالوريا للالتحاق بالنضال وبعدها بالثورة التحريرية عند اندلاعها، حيث أكد له حينها بأنه يقسم على مواصلة النضال وتكريس حياته لنيل الاستقلال والدفاع عن الديمقراطية إلى أخر حياته.. وهو ما أوفى به". كما ذكر الدكتور شيبان، بأن أيت أحمد كان مولعا بالأمازيغية ومثقفا بالعربية والفرنسية وكان يدرس القرآن بالمدرسة القرآنية، قبل التحاقه بالمدرسة الرسمية بقريته، مضيفا بأنه "لم يجد أبدا إشكالا في الجمع بين الثقافة الأمازيغية والعربية والإسلامية، ولم يكن حائلا أو حادا عن أصله الأمازيغي". ودعا الدكتور شيبان، المؤرخين والمهتمين بالشأن التاريخي إلى كتابة هذه الشهادات لحفظها للتاريخ وتعريف الأجيال القادمة بها، حفظا لذاكرة الرجل الذي يعد زعيما من زعماء الجزائر وأبطال الثورة ساهم بفكره وجهاده في استقلال بلده، وناضل من أجل الديمقراطية والحرية طوال عمره. في سياق متصل طالب رئيس جمعية "مشعل الشهيد" محمد عباد، وزارة المجاهدين بنشر مذكرات الراحل حسين أيت أحمد، التي كتبها قبل وفاته، والتي روى فيها مختلف مراحل حياته ونضاله منذ طفولته، فضلا عن فترة التحاقه بالحركة الوطنية التي كان عضوا بارزا فيها، وصولا إلى الثورة التحريرية ودوره في مؤتمر الصومام الذي رسم معالم الثورة إلى غاية الاستقلال، وبعدها نضاله الدؤوب والمستمر من أجل الديمقراطية علاوة على مختلف المحطات الأخرى المهمة في حياته.