* email * facebook * twitter * linkedin أمام انتشار فيروس "كورونا" في الجزائر، هل يقف المثقف الجزائري مكتوف الأيدي؟ أم أنه يقوم بمبادرات تصب في الصالح العام؟ وهل سيتأثر بهذا الوضع الاستثنائي ويعكسه على إبداعه، سواء كان في مجال الكتابة أو الرسم أو المسرح أو غيرها من الفنون والآداب؟ هي أسئلة طرحتها "المساء" على مجموعة من مثقفينا بمختلف مشاربهم، ومن مختلف ولايات الوطن، فكان هذا الموضوع. علي مغازي: أكتب كل يوم قصة جديدة قال الشاعر والروائي علي معازي، إنه يعيش بإحدى مناطق الظل؛ (مدينة الدوسن ببسكرة)، حيث الناس لا يستجيبون بسهولة للتعليمات الموصي بها، لأنها تمس سلوكات صميمية اعتادوا عليها منذ الصغر، (المصافحة المجانية، لمس الأشياء في الطريق أو داخل المحلات، استخدام الأدوات والأواني بشكل غير منظم...)، لهذا يجد صعوبة في الالتزام بالحد المقبول من الاحتياطات الصحية. أضاف أنه لا يخرج من البيت إلا للضرورة، كما أنه لا يقبل زيارات ولا يزور أحدا، لهذا السبب يتعرض لإحراجات كثيرة، يقول له البعض "أنت خائف من كورونا"، في حين يؤكد أنه ليس خائفا إنما محتاط فقط، فهو لا يريد أن يكون سببا في انتشار شيء سيء، كما يحرص على ألا يتعرض للسوء، إنها معادلة تنبه الجميع لمفهوم العيش المشترك. أضاف أيضا "أقول دائما إن الطريقة الذكية التي انتشر بها كورونا، هي ذاتها الطريقة التي يمكن أن نجابهه بها. إذا نجح كل واحد منا في إقناع شخص معين أن يلتزم بالحد الأقصى من شروط الوقاية لكن دون استخدام لغة التهويل والتخويف سيقوم ذلك الشخص بنقل عدوى الوقاية لشخص آخر، وهكذا تنتشر فكرة الحماية الذاتية بين الناس، وهو ما تعلمه وما يسعى إلى تطبيقه، ومع الوقت سيزول هذا الخطر ويصبح مجرد ذكرى، حينها يكون هذا السؤال؛ "هل تصرفنا خلال الأزمة بروح من البطولة أم كنا سلبيين؟ "بالنسبة لي، أريد أن أكون في الصف الذي يجابه "كورونا" اللئيم، وخلال ذلك، أكتب قصصا عن يوميات الناس في معركتها هذه، تقريبا.. أنا أكتب كل يوم قصة جديدة". ياسين سليماني: "كورونا" سيدفعنا إلى مراجعة الكثير من القيم "هجمت بشكل خاطف، كما تفعل الأعاصير والكوارث التي تذكر الإنسان بأنه قليل الحيلة، قاصر اليد، هكذا تسرب الفيروس إلى يومياتنا، بعدما كان يعيش في ضفة آسيوية لا نهتم بأخبار مشاكلها إلا نادرا"... هكذا بدأ الكاتب والناقد المسرحي ياسين حديثه عن فيروس كورونا الذي انتشر في العديد من دول العالم، مضيفا أن هذه الجائحة، كما أحب أن يسميها الكثيرون، لعلها تعيد ترتيب أولوياتنا في التعليم والصحة وتأسيس علاقة إيجابية أفقيا مع العالم والأشياء، بدلا عن علاقات وهمية عموديا مع ملفوظات ماورائية لم تثبت الوقائع والتجارب إلا فشلها. لعل الإنسان يأخذ بيد أخيه الإنسان بعيدا عن الطمع التاريخي في الاستحواذ الذي يستعيد شكل الاقطاعيين. ويضيف أيضا؛ "صحيح، لا يزال صاحب الخطاب التقليدي يحاول أن يجد لنفسه موطأ قدم في عالم يحتاج فيه الناس إلى رأي الخبير، وصحيح أن المرتزقة يوجدون في كل وقت.. إلا أن من الواضح أن هذا آخذ في التعري. وأوراق التوت تتساقط بشكل أسرع لتظهر سوءة هذا الخطاب". في المقابل، أكد سليماني عدم تأثير انتشار هذا الوباء شخصيا عليه، لأنه في الحالة العادية وفي الأوقات التي لا يعمل فيها، يحب الخلود إلى الراحة في البيت والاستمتاع بيوميات بسيطة عادية، مشيرا إلى أن المنخرط في العمل الثقافي كتابة ونقدا وقراءة، لن يجد صعوبة كبيرة في البقاء في بيته عدة أيام، كما أنه حاليا أمضى أكثر من أربعة أيام في البيت لم يخرج فيها إلا لمرتين بشكل سريع لأمر إلزامي، في حين أن الشيء المزعج حقا، أن أيام العطل كانت دوما مجالا سانحا للحركة والسفر، ولا يحدث عادة أن يبقى في المنزل وقتها. في إطار آخر، قال ياسين، إنه لم يندهش كثيرا من الرغبة المسعورة للكثير من الناس في اقتناء وتخزين السلع، فهذا كان منتظرا، مع التهويل الذي أحدثته بعض وسائل الإعلام وحالة الفزع التي أصيب بها الكثيرون، إلى الدرجة التي خاطر فيها البعض، فتحدثوا عن "نهاية العالم"!!!، مضيفا أن ثقته في هذا الوضع يحمس على مراجعة الكثير من القيم، علاقة الجزائري بالنظافة مثلا، "علاقتنا مع بعضنا، الخوف الذي أشاعه المرض على أنفسنا وعلى من نحب. وعلى البشرية كلها، علاقتنا ب«الكم" وبالحاضر ورؤيتنا للمستقبل... إنها فرصة ولو كانت مؤلمة، لنعيد اكتشاف الإنسان الذي غيبناه كثيرا". عبد القادر ضيف الله: أنا في حالة استنفار قصوى قال الروائي ورئيس "جمعية صافية كتو"، عبد القادر ضيف الله، إنه كمثقف وكاتب وإعلامي وفي معمعة هذه الحالة العالمية الاستثنائية التي نعيشها، جراء تفشي وباء كورونا في كل العالم، وإصابة أكثر من 90 حالة في بلدنا، ومنذ الأيام الأولى التي ظهرت فيها أول إصابة، وهو في حالة استنفار قصوى للبحث عن معرفة هذا الفيروس وطرق الوقاية منه، مضيفا أن أول الأشياء التي يقوم بها يوميا، هي توعية أبنائه في البيت وجعلهم يعرفون كل شيء عن هذا الوباء، وطرق الوقاية منه، كما يقوم على مستوى وسائل التواصل، بحث الناس على الوعي بخطورة هذا الفيروس، لأنه لاحظ سواء على مستوى المجتمع المصغر في مدينته عين الصفراء التابعة لولاية النعامة أو المحيطين به، أن الكثير منهم يجهلون خطورة الظرف والبعض لا يزال يستهزئ ويردد بأن لا وجود لفيروس كورونا، وبأن الأمر مجرد كذبة إعلامية، لهذا وجب الحذر واتخاذ إجراءات الوقاية، مثل التعقيم وغسل اليدين بمعقم كلما دعت الضرورة، مثل الخروج من البيت والعودة إليه. وفي نفس السياق، أكد صاحب رواية "زنزبار"، أنه كائن بيتوتي حتى قبل وجود هذا الفيروس، فهو لا يخرج كثيرا إلا للعمل أو الضرورة، وهذا ما يقوم به، حيث يستغل الفرصة في القراءة والتواصل مع طلبته، خاصة الذين يشرف عليهم في الماستر والليسانس لإتمام مذكراتهم، في جانب آخر، يتواصل صاحبنا مع السلطات المحلية ورؤساء بعض المؤسسات لتسجيل مستجدات التعامل والوقاية من هذا الداء، وهذا لصالح إذاعة النعامة باعتباره مراسلا لها. محمود عروة: بحكم أنني طبيب، أهتم كثيرا بالفيروس ذكر الروائي والشاعر محمود عروة، أنه طبيب قبل كل شيء، لهذا فهو يولي لانتشار فيروس كورونا أهمية قصوى، معتبرا أن المرحلة التي نعيشها حاليا مأساوية فعلا، كما يتبع تعليمات الوقاية، يتبعها مثله مثل أي مواطن، أي غسل اليدين وارتداء قناع وما إلى ذلك. إلا أنه وبسبب عمله، لا يمكنه الابتعاد عن المرضى، لهذا فهو يعمل بشكل يومي، وليس محصورا في البيت، كما أكد أنه يحمي نفسه قدر الإمكان بوسائل بسيطة، من خلال وضع الكمامة وغسل اليدين قبل وبعد كل استشارة، رغم أنه يعلم أن الخطر لا يزال موجودا. أما خارج العمل، فيبحث عن أحدث المعلومات المتعلقة بالكورونا، من خلال مشاهدة التلفزيون. ويضيف صاحب رواية "مشاعر تحت التخذير"، "بالطبع أقدم النصائح لأحبائي، لكن أعتقد أن الجميع على علم بها الآن، ويدرك خطر هذا الفيروس". بشير مفتي:نحن سواسية أمام الوباء اعتبر الروائي والناشر بشير مفتي أننا أمام الوباء، نصبح سواسية كأسنان المشط، فلا فرق بين المواطنين في مواجهة الوباء، مضيفا أنه "علينا فقط أن نطبق تعليمات الوقاية ونحافظ على سلامة أرواحنا، لأن الوباء هنا لا يفرق بين مثقف وغير مثقف أو بين غني أو فقير، فكلنا معرضون له ومن هذا الباب، يأخذ احتياطاته كغيره، لكن في المقابل، ربما على الصفحة الفايسبوكية التي نتواصل فيها افتراضيا مع بقية الأصدقاء والقراء بشكل عام، يحاول أن يؤكد على أن الوباء خطير للغاية، بنشر ما يمكن من فيديوهات تشرح ذلك، "مشيرا إلى أن ما يهمه بالدرجة الأولى، أن يستمع الناس لأهل الاختصاص، وهم الأطباء وعلماء البيولوجيا، أي الذين يملكون علما حقيقيا بالموضوع، وهم المؤهلون لشرح الوباء جيدا، ففي هذا الأمر يجب احترام التخصص. هذا من جهة، أما من الجهة الثانية، فيدعو إلى قراءة الكتب الأدبية والتشجيع على العودة إلى هذه العادة التي نسيها أغلب الجزائريين، خاصة أنه يفرض علينا البقاء في البيت، فبدل تضييعه في اللعب أو مشاهدة التلفزيون، القراءة أولى من غيرها، لأنها تزيد من معرفة الإنسان بنفسه والحياة وتعمق من وعيه بمشكلات الإنسان في هذا العصر. محمد ساري: الحجر صعب على العمال الموسمين قال صاحب رواية "لغيث" ومترجم العديد من الروايات الجزائرية، محمد ساري، إنه في هذه الظروف العصيبة لا يختلف المثقف عن غيره من المواطنين، معتبرا أن وسائل الإعلام، تقوم بوظيفتها جيدا في توعية الناس، كما أن حظ الأساتذة، مثلا، أنهم في عطلة، ويمكن قضاء يومهم في البيت مع الكتب والأنترنت ولا يعرضون أنفسهم للضرر. في المقابل، تساءل ساري قائلا "ماذا نقول عن العمال الموسميين الذين إن لم يشتغلوا، فقد لا يجدون مالا لشراء مستلزمات الحياة اليومية الضرورية؟ فالحجر قد يكون سهلا على فئة من المجتمع، لكنه صعب على فئات أخرى كثيرة. تصوري واحدا يشتغل سائق سيارة أجرة، هل سيركن سيارته ويبقى في البيت؟ وهل يضمن أن زبائنه أصحاء؟" وأضاف أن الأمر بالنسبة له سهل، لأنه في البيت محاط بكتبه وحاسوبه، يقرأ وينهي رواية بدأ كتابتها منذ شهور، كما يتفرج على التلفزيون ويخرج لفترة قصيرة من أجل شراء مستلزمات الحياة اليومية، علاوة على ممارسته للرياضة في فضاء قريب من بيته. نصح ساري الجميع بأخذ الحيطة وتطبيق التعليمات المعروفة من النظافة، وعدم الاختلاط مع الغير بقدر الإمكان، وإن شاء الله، تمر العاصفة بسلام. جهيدة هوادف: حوار للفن، وسيلة لتهدئة النفوس دعت الفنانة التشكيلية جهيدة كل الفنانين للتعبير عن تأثرهم بانتشار فيروس "كورونا"، من خلال وضع إبداعهم على صفحتها في "الفايسبوك"، في إطار ما سمته بحوار الفن، طيلة خمسة عشر يوما، وهي الفترة التي حددت لتقييم الوضع، وفي هذا قالت ل«المساء"، "إنها عاكفة في المنزل، مطبقة للتعليمات المتعلقة بالصحة،" وهو ما اعتبرته واجبا مدنيا خالصا، كما أشارت إلى أنها في العادة لا تخرج كثيرا من البيت، نظرا لكونها فنانة تشكيلية، مضيفة أن الفنان التشكيلي إما أن ينجز أعماله في ورشته، أو في البيت إذا لم يتوفر لديه فضاء خاص بالرسم، وأضافت جهيدة في نفس السياق، أنه باعتبار أن المواطن مطالب بالمكوث في البيت، ارتأت أن تتجه إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لتقوم بما اعتبرته واجبا مدنيا يتمثل في تقديم ما يمكن لتهدئة الأوضاع، والمشاركة في العمليات التحسيسية حول ضرورة الوقاية من الفيروس، وتوفير المعلومة الصحيحة، ودفع الآخرين إلى التصرف الصحيح قصد مواجهة هذه الحالة الاستثنائية، مؤكدة دور الفن في تحقيق كل ما سلف ذكره، لكي نخرج من هذه الأزمة بأقل عوارض ممكنة. خالد شنة: قد أنجز وثائقيا عن يوميات البساكرة في زمن "كورونا" وضع خالد شنة نفسه في الحجر الصحي، حسبما صرح به ل«المساء"، مشيرا إلى خروجه مرة واحدة في اليوم لقضاء حاجياته، ليعود بعدها مباشرة إلى البيت، أما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيحاول خالد تقديم النصائح والإرشادات، وبالضبط من خلال صفحة فتحها على "الفايسبوك"، شبيهة بالتالي فتحتها اللجان الشعبية للوقاية بالعاصمة، بغية توعية سكان بسكرة بخطر هذا الداء والوقاية منه، وتجنب كل الأمور الناقلة للعدوى، لهذا يرى مخرج الفيلم الوثائقي "ليلة النار"،أن على كل فنان الاجتهاد لخدمة أبناء منطقته بالدرجة الأولى، حسب مقامه وفنه وعمله، ولوكان ذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة أن هناك من يستهزئ بهذا الداء ولا يؤمن بخطورته. في هذا السياق، يفكر في توثيق يوميات سكان بسكرة في مجابهة فيروس "كورونا"، وهو ما يعتبره معركة حقيقية أمام عدو لا ترى بالعين المجردة، لكن سببا لوفاة أكثر من شخص، راجيا أن يتم النصر قريبا. عصام تعشيت:أحضر لمهرجان إيمدغاسن ولا فيلم عن "كورونا" تمنى عصام زوال هذا المرض الذي أصاب العالم في أقرب الآجال، مشيرا إلى أنه يقوم مع مجموعة من الفنانين بتتبع الإجراءات الوقائية التي أعلنت عنها الدولة، لهذا يقضي معظم أوقاته في غرفته، حيث يقوم بتتبع تطورات الوضع عبر الأنترنت، كما يقوم أيضا ببعض الأعمال التي تخص مهرجان إيمدغاسن السينمائي، من خلال إعداد كل ما يلزم من ملصقات وبرامج تخص المهرجان، ويهتم بالتوعية عبر صفحات "الفايسبوك"،وفيهذايرجوأنيقومالجزائريونبمايلزملتجنبخطرالإصابةبهذاالمرض. في المقابل، لا يحبذ مخرج الفيلم القصير الناجح "هيومن" أن ينجز عملا مناسباتيا، مضيفا "إننا لا نعرف أصلا ما هو هذا المرض، ومن أين أتى، وما هي تركيبته، في حين تحتاج الأفلام إلى بحث معمق ومعلومات دقيقة حول المرض حتى يتجسد الأمر مستقبلا، في حال اتضاح الأمور حول فيروس كورونا". عيسى حديد: حملات تحسيسية ميدانية حول خطر "كوفيد 19" ليست المرة الأولى التي يقوم فيها الفنان المسرحي عيسى حديد بعمليات تحسيسية على مستوى ولاية الأغواط، خاصة من خلال فرقته "المسرح الأخضر" التي تخصصت في حماية البيئة، عبر مجموعة من أطفال تقوم بعروض مسرحية وحملات تحسيسية حول أهمية حماية كوكبنا، لهذا لم يكن من الغريب أن تستمر نفس الفرقة في عمليات التحسيس، وهذه المرة حول خطر وباء كورونا، وفي هذا، أكد عيسى أهمية مثل هذه المبادرات التي تنوعت بين مقاطع فيديو، للحث من الوقاية من هذا الفيروس القاتل، والبقاء في المنازل، علاوة على توزيع مطويات بالتنسيق مع جمعيات حول نفس الموضوع، ووضع سلات المهملات في بعض أحياء مدينة الأغواط، والتوعية بأهمية النظافة.