سعى مؤلف الكتاب سعدي بزيان في هذا الكتاب إلى انتقاء قائمة من الكتب التي أصدرها الفرنسيون عن »حرب الجزائر« طيلة ما يزيد عن نصف قرن، وبعض هذه الكتب لفرنسيين ذوي توجه شيوعي، وآخرين يساريين، وفيها كتابان عن »الحركى« وقد شاركت ابنة حركي فيها. كل هذه المؤلفات تلخص للقارئ الجزائري وجهة النظر الفرنسية إزاء ثورتنا التحريرية. هذه القائمة تساعد على الاقتراب مما كتب عن الثورة سواء من أنصارها أو خصومها، علما أن دور النشر الفرنسية لا تتوقف عن إصدار مثل هذه الكتب. وهكذا فإن الاستاذ بزيان يقدم قراءة لهذه الكتب والتعريف بها وبكتابها ومواقفهم من الثورة، وأكثر هذه الكتب لم تدخل الجزائر باستثناء بعض العناوين التي أعيدت طباعتها بالجزائر (دارالقصبة، الشهاب) وكلها تساعد الطلبة والباحثين في كشف ما تناوله الأجانب عن تاريخنا الوطني. يؤكد المؤلف أن الفرنسيين مصرون على استعمال بعض المصطلحات منها »أحداث الجزائر« أو »حرب الجزائر«، بينما يسميها الجزائريون بالثورة التحريرية، طبعا تحمل أغلبية تلك الكتب النظرة الفرنسية، لكن هذا لا يمنعنا من تصفح هذه الأعمال لنقدها وتقويمها، كما يتم الاعتراف بالمنصفين الفرنسيين ممن انتهجوا الموضوعية. في المدة الأخيرة مثلا صدر في باريس كتاب »لأنيي رايرغولد زايغر« وهو بعنوان »أصول حرب الجزائر 1940 - 1945 من مرسى الكبير إلى مجازر 8 ماي في الشمال القسنطيني«. الكتاب هو مجهود سنوات طويلة من العمل، يرتكز على شهادات ووثائق لم تنشر، وهو صفحة سوداء للتاريخ الاستعماري الفرنسي، علما أن هذه المؤلفة شاركت أيضا في كتاب »فرنسا الاستعمارية«. يضم الكتاب 378 صفحة، ترجم في الجزائر وعلقت عليه الصحافة الفرنسية بأنه "عمل ضروري لفهم مرحلة غير معروفة كثيرا، وهي مرحلة الحرب العالمية الثانية في الجزائر". »حرب الجزائر« في مجلدات منها مجلدات »إيف كوريير« المشهورة لتظهر مجلدات هنري علاق في 3 مجلدات هي »الجزائر من الجذور إلى الثورة«، و»من وعود السلام إلى الحرب المفتوحة« و»من مؤامرة 13 ماي إلى الاستقلال«. المجلدات تضم وثائق وصور هامة. كما توج هنري حياته الثقافية بإصدار »مذكرات جزائرية« وقد ترجمت إلى العربية. كما ظل كتاب »السؤال« مصدرا مهما - حسب المؤلف - لصور التعذيب التي مارسها جنرالات فرنسا في حق الشعب الجزائري، وأحرار فرنسا الذين ساندوا الجزائر، وقد كان هنري واحدا من شهود هذا الإجرام منذ أن عاش في الجزائر سنة 1939، وعمله في جريدة »ألجي- ريبوبليكان« (لسان الحزب الشيوعي الجزائري). كتاب آخر صدر مؤخرا عن »مصير الحركي وجذور المنفي« »لستيفان كلاديو« ودليلة كرشوش وهي ابنة حركي وصحافية وكاتبة تساند الحركى الذين تعاونوا مع فرنسا ضد أبناء جلدتهم، وتتباكى دليلة على الحياة القاسية لهؤلاء في فرنسا، علما أنهم »ضحايا« حسب ما تصفه وهي في هذا الكتاب تتجاهل الجرائم التي اقترفها الحركى ولا تذكرها. نقرأ في كتاب بزيان أيضا مقتطفات من شهادات ومذكرات كتبها جنرالات فرنسا لإعطاء صورة مشوهة ومزيفة عن جيش التحرير، بينما ترسم صورة معاكسة جميلة ومثالية عن الجيش الفرنسي، منها مثلا مذكرات السفاح »ماسو« والجنرال »رؤول سالان« الذي لم يكن يتصور أنه سيكون شاهدا على أفول الإمبراطورية الفرنسية. تضمن الكتاب بعض الأساليب التي انتهجتها فرنسا حتى في تأويل الآيات القرآنية لخدمة فرنسا »الأرض يورثها من يشاء« إضافة إلى إنشاء المكاتب العربية لمراقبة الجزائريين و»لساس« المكلفة بالحروب النفسية لتدجين السكان وإبعادهم عن جبهة التحرير، باعتماد سياسة الإغراء وغيرها من السياسات القذرة وقد استعمل هؤلاء شعارات وقحة تعكس روحهم الاستعمارية كشعار »أرضنا في الجزائر« أو »صحراؤنا« كما كتب الجنرال »سالان«. رصد الكتاب أيضا جانبا من حياة ديغول مع تاريخ الجزائر، إضافة إلى نشر مقالات عن الثورة في الصحافة الفرنسية وفي المجلات المختصة، كما سجل أهم التصريحات للشخصيات السياسية وللمؤرخين فيما يتعلق بتاريخ الثورة.