أكد المحلل السياسي، عمار رخيلة في تصريح ل«المساء"، أن العودة القوية للمجتمع المدني مهمة للمساهمة في النشاطات التنموية المختلفة وتقديم خدمة متعددة للمجتمع في إطار ما يعرف بالديمقراطية التشاركية، لاسيما حسبه في ظل هذا الركود الذي دخلت فيه الأحزاب السياسية وفشلها في إحياء برامج تستقطب اهتمام المواطن، لا فتا في سياق متصل إلى أنه بإمكان هذا المجتمع المدني أن يلعب دورا سياسيا مستقبلا، ويكون داعما لبرنامج رئيس الجمهورية. وعلق رخيلة في تصريح ل«المساء" على العودة القوية للمجتمع المدني إلى الواجهة في الفترة الأخيرة، لاسيما من خلال اللقاءات المتعددة التي عقدت على مستوى بعض الولايات ولازالت أخرى مبرمجة في الأيام القادمة، بالقول إن الخرجات التي يقوم بها الوزير المنتدب المكلف بالمجتمع المدني للجالية الجزائرية بالخارج، نزيه برمضان، تهدف أولا إلى تنظيم المجتمع المدني الذي لا يزال في المرحلة الأولية من التنظيم لا يرقى إلى مفهوم "المجتمع المدني كامل الأركان"، لاسيما وأنه حديث النشأة، مسجلا بالمناسبة، "وجود إرادة لدى السلطة لدعم هذه الحركات الجمعوية، حتى تكون رقما فاعلا في المستقبل وتلعب دورها الحقيقي ويجسد مفهوم الديمقراطية التشاركية التي بنيت عليها أعتى الديمقراطيات في العالم، وذلك من خلال الإسهام في البناء والتنمية الوطنية وتقديم قيمة مضافة في كل المجالات والتخصصات بالنظر لتركيبته المتنوعة". أما عن دواعي الاهتمام المتزايد بالمجتمع المدني، فيربطه الأستاذ عمار رخيلة بحالة الركود التي تعيشها الأحزاب السياسية وفشلها في استقطاب المواطن والتعاطي مع الأحداث بصفة عامة، لافتا في هذا السياق إلى أن الأحزاب السياسية جعلت مسافة بينها وبين برنامج رئيس الجمهورية، "بعدما قطع الرئيس صلته بالأفلان، ما جعل هذه الأحزاب تنغلق على نفسها وتدخل في مرحلة جديدة لم تعهدها في السابق"، وهو ما يفسر حسب محدثنا خروج مجموعة ما يعرف ب«قوى الإصلاح الوطني" في الأيام الأخيرة، والتي أعلنت دعمها لمساعي رئيس الجمهورية في محاولة لكسر السبات الذي طبع الحياة السياسية في الأشهر الماضية. وعن سؤال متعلق بإمكانية تحول المجتمع المدني إلى لجان مساندة سياسية وإخراجه من الإطار الجمعوي المرتبط بخدمة الفرد والاهتمام بانشغالاته كأولوية في نشاطه، قياسا بما حدث خلال النظام السابق، حيث كانت الجمعيات تلعب دورا سياسيا بامتياز، اعترف رخيلة بتحويل المجتمع المدني في العهد السابق عن أهدافه الحقيقية، "حيث كانت تحركاته السياسية تقابلها مطالب مادية بحتة، تصرف في شكل شيكات وأموال وامتيازات أخرى، حسب درجة الولاء والنشاط، فأصبحت بعض الجمعيات بالتالي "طفيليات تعيش على خزينة الدولة". في المقابل، يرى الأستاذ رخيلة أن "السلطة تحرص اليوم على التعامل مع مجتمع مدني جديد غير متورط في العمليات السابقة، لأن هناك سعى لتكريس نهج جديد من خلال رد الاعتبار للمجتمع المدني الحقيقي وتجاوز المجتمع الحزبي بكل تعقيداته وصراعاته والذهاب إلى مجتمع مدني مساهم ومنتج ومؤطر للعمليات التضامنية والاجتماعية والتربوية والثقافية والرياضية والتنموية، بصفة عامة في إطار ما يعرف بالديمقراطية التشاركية". ولتفادي تكرار ظاهرة تغول المجتمع المدني، ينصح رخيلة بأن تقوم السلطة بتقديم "تموين" وليس "تمويل" للمجتمع المدني، حيث ترافقه في عمليات الدعم بالوسائل والمعدات، "بعيدا عن نفخه بالأموال مثلما كان يحدث في السابق". وحول إمكانية لعب المجتمع المدني الجديد دورا سياسيا مستقبلا سواء من خلال دعم مشاريع رئيس الجمهورية أو المشاركة في الانتخابات، اعتبر المحلل السياسي أن الأمر "وارد جدا"، مضيفا بأن "المعطيات تشير إلى أن هناك توجها نحو التجسيد التدريجي المرتب لهذا المسعى عبر مراحل". أما عن الألية أو الإجراء القانوني الذي يتيح تجسيد هذا التحول، فسيتم حسب محدثنا من خلال عملية تأطير المجتمع المدني لنفسه في شكل حزبي وتنظيم نفسه بشكل يتيح له مستقبلا الترشح في قوائم انتخابية، متوقعا في هذا الصدد أن نشهد في المستقبل "عملية انتقاء لنشطاء المجتمع المدني الذين أثبتوا جدارتهم، في أحزاب جديدة ثم في قوائم انتخابية لتنشيط الفعل السياسي مستقبلا، والقيام بمهام التعبئة الانتخابية التي فشلت فيها الأحزاب التقليدية".