يكاد يكون قطعة من الزمن المنسي؛ وكأن ساعة الزمن توقفت به منذ سنوات عديدة، ولا يكفي أن يطلق عليه فقط اسم منطقة ظل؛ فهي كلمة لا تلخص معاناة مواطنين يعيشون بعاصمة من المفروض أنها عاصمة للشرق الجزائري. هي قصة سكان يعيشون بدوار باب الطروش ببلدية ابن زياد بولاية قسنطينة، يؤكد سكانها أن لا شيء تغير بتجمعهم السكني منذ 60 سنة. أول مظهر تقشعر له الأبدان والجزائر تعيش سنة 2020 ويعيد لك صورة المعاناة خلال سنوات الثورة وبداية سنوات الاستقلال، العددُ الكبير من الأحمرة التي تتجول داخل وفي محيط دوار باب طروش. هي حيوانات أليفة، نفعت السكان في قضاء حوائجهم من جلب للماء والغاز وغيرهما، فكانت أنفع لهم من بعض المسؤولين الذين تعاقبوا على مناصب المسؤولية طيلة السنوات الفارطة، ولم يغيروا شيئا من لوحة فنية حزينة، أنهكتها السنون وعوامل الطبيعة. قرارات رئيس الجمهورية القاضية بتسليط الضوء على مناطق الظل، كشفت المستور، وعرّت الواقع، وألحقت العار بمسؤولين طالما تغنوا بدفع عجلة التنمية في المناطق المحرومة والمعزولة؛ صرفوا مئات الملايير في مهب الريح! فلم يغيروا أي شيء بهذه المناطق، تاركين المواطن يجابه الصعاب، ويتخبط في مشاكل الحياة لوحده بدون سند ولا معين، لتضيع حلقة الثقة بين المواطن والمسؤول. قرية دوار باب الطروش تعيش مفارقات عجيبة، فسكانها ورغم غنى المنطقة بالمياه الجوفية إلا أنهم يعانون من أزمة العطش، وأوفرهم حظا يحصل على الماء لمدة دقائق معدودة كل أسبوعين؛ إذ إن الدوار يتخبط في مشكل الماء منذ سنوات عديدة؛ إذ يتم جلب هذه المادة الحيوية على ظهور الأحمرة. ومن المفارقات أيضا، أن خزانا مائيا بحوالي 300 متر مكعب يقع بالقرب من المنطقة وعلى إقليم بلدية ابن زياد، لكنه يمد سكان بلدية سيدي خليفة بولاية ميلة، بالماء دون غيرهم. سكان دوار باب الطروش الحدودي مع ولاية ميلة، اعتبروا أن حظهم كان من حظ اسم المنطقة؛ حيث أكدوا أنه لا يوجد أي مسؤول استمع إلى معاناتهم؛ وكأنهم كانوا يخاطبون أصمّ. وعبّر السكان عن معاناتهم مع غياب النقل بسبب عزوف الناقلين عن العمل بهذه المنطقة؛ نتيجة اهتراء الطريق الذي لم يرمم منذ سنة 1982. يضاف إليه مشكل غياب التهيئة داخل المجمع السكني، وانعدام تام لخدمات البريد؛ ما يدفع السكان إلى التنقل إلى مقر البلدية الأم؛ من أجل إجراء عمليات بريدية أو الحصول على الأموال. وحسب سكان دوار باب الطروش، فإن منطقتهم تنعدم فيها مظاهر الحياة الكريمة، في غياب بسط ضروريات الحياة، مؤكدين أن الدوار يفتقد تماما للتجهيزات والمرافق العمومية؛ حتى إن الملعب الوحيد الذي يوجد بهذه المنطقة تدهورت حالته، وأصبح يصلح لكل شيء إلا لممارسة الرياضة والترفيه عن النفس بالنسبة للكبار أو الصغار. كما أن مشكل البطالة ضرب بقوة في القرية؛ حيث بات الشباب في رحلة بحث عن لقمة العيش خارج ولاية قسنطينة وخارج دوار باب الطروش، الذي لا يوجد به عيادة للعلاج. ويضطر السكان للتنقل على بعد 4 كلم إلى قاعة علاج بلدية سيدي خليفة بولاية ميلة. ورفع السكان الذين يفوق عددهم 1000 نسمة، مشكل الاكتظاظ بالمدرسة الابتدائية الوحيدة بالدوار. كما عبّروا عن استيائهم من صمت الجهات المسؤولة أمام تلوث مجرى الوادي العابر للدوار، والذي تسبب فيه، حسبهم، أحد المزارعين من ولاية ميلة، الذي يصب نفاياته الكميائية، هذا الأمر ساهم في موت العديد من الأشجار المثمرة للفلاحين في محيط الوادي. معاناة سكان باب الطروش ببلدية ابن زياد حركت جمعيات المجتمع المدني؛ حيث عرفت المنطقة خلال الأيام الفارطة، زيارة أعضاء المكتب الولائي للمنظمة الجزائرية لحقوق الإنسان، الذين استمعوا لانشغالات القاطنة، ورفعوا تقريرا رسميا إلى الجهات المسؤولة، وعلى رأسها المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي بعاصمة الشرق، حسب تأكيد المسؤول بالإعلام السيد زهير دغداق؛ علّ وعسى أن تتحرك في إطار توجيهات الجهات العليا للبلاد؛ من أجل التكفل بسكان هذه المناطق المحرومة.