توقفت عجلة التنمية على مستوى دوار أولاد فايد ببلدية وادي سقان الواقعة على بعد 50 كم من عاصمة ولاية ميلة، ولم تمتد أبعد من مرحلة الاستقلال، حيث لم ينعم سكان هذا الدوار سوى بالحرية التي تبقى منقوصة من مكملاتها الطبيعية، باعتبار أن المنطقة لازالت محرومة من كل ما يمكن أن يسمح بوصفها حياة عصرية، فالعزلة الخانقة لا زالت تضرب بنسجها على السكان وتكبل الحركة وتغلق عليهم كل المنافذ، لاسيما في الشتاء، فلنتصور معاناة سكان دون طريق وسط أوحال لا يمكن اختراقها شتاء حتى بالجرارات، وهنا يقص أحد السكان قصة عروس زفت لزوجها بعد العرس بأسبوع كامل، حين سمحت الظروف المناخية بذلك، وكم من حامل وضعت حملها في منزلها وكادت تفارق الحياة بسبب صعوبة الوضع وغياب قابلات لولا عجائز أنقذن الموقف، أما المشكل الآخر والذي يبقى أكبر دليل على أن الدوار لا زال لم ينعم بعد بالاستقلال الفعلي، فهي تتمثل في انعدام الكهرباء بالدوار، ومن يصدق أن في الجزائر مشاتي تستخدم الشموع والمصابيح الزيتية في سنة 2013 للاستنارة، وكم كان الموقف مؤثرا وأحد الشيوخ يتحدث واصفا حالة السكان من دون أجهزة كهربائية، فلا جهاز تلفزيون ولا ثلاجة، فالحياة بدائية في صورتها البشعة القبيحة التي تجعل بني آدم لا يختلف عن بعض المخلوقات في طريقة عيشه، وكم كان المنظر مقززا ونحن نقف على تلك الأشكال البدائية المختلفة التي تقوم عليها الحياة داخل الدوار. فالفقر باد على الوجوه والملابس والمنازل القصديرية والحيوانات التي لاتزال رفيقا ملازما لهم، فلا ماء ولا غاز ولا كهرباء. ويتحدث شيوخ الدوار عن الثمن الذي دفعه السلف خلال الثورة التحريرية، فهي منطقة مجاهدة وقد دفعت ما لا يقل عن 60 شهيدا، لكن سكانها اليوم والذين لا يقل عددهم عن 25 عائلة لا يعرفون طعما للحياة، ينتظرون التفاتة من المسؤولين الذين عمت أبصارهم عن هذه القطعة المحرومة من الجزائر..