أكد دكتور القانون الدستوري بجامعة الحقوق في الجزائر، موسى بودهان، ل"المساء"، أن مشروع تعديل الدستور حصن الثورة التحريرية ورموزها في عدة مواد، تمجد اعتزاز الشعب بتاريخه، وجسد المشرع ذلك في موعد تنظيم الاستفتاء الشعبي حول المشروع المصادف لغرة نوفمبر عيد الثورة، من أجل إعطائه الرمزية التاريخية التي تليق بنضالات الشعب الجزائري ووفائه لرسالة نوفمبر المجيدة. حسب بودهان، فقد وسع المشرع في التعديل المعروض للاستفتاء من دائرة الاعتناء بثورة وكل رموزها، ولعل اختيار غرة نوفمبر لتنظيم الاستفتاء الشعبي، لأحسن دليل على الاستمرارية على نهج رسالة نوفمبر. عدد الدكتور المواد الدستورية (القديمة والجديدة)، التي أدرجت في الدستور الجزائري على مراحل، بما فيها ما تضمنه التعديل الجديد، لتمجيد الثورة التحريرية ورموزها، ويتعلق الأمر ب"المواد 6، 11، 79، 80، 87، 90، 91، 139 و223"، التي تتمحور على "ضرورة حماية التراث الوطني بصفة عامة، ورموز الثورة التحريرية ومآثرها وتراثها التاريخي والثقافي بصفة خاصة". قدم بودهان شروحا قانونية ل"المساء"، عن المواد الممجدة للثورة ورموزها، إذ تنص المادة 6 مثلا، على "أن العلم الوطني والنشيد الوطني من مكاسب ثورة نوفمبر 1954، وعلى أنهما غير قابلين للتغيير"، لتضيف في فقرة أخرى "مواصفات العلم الوطني ومضمون النشيد الوطني ‘قسما' بتمام مقاطعه". وإذ تحظر المادة 11 في فقرتها الأولى على المؤسسات القيام ب"السلوك المخالف للخلق الإسلامي وقيم ثورة نوفمبر"، تدعو المادة 79 في فقرتها الأولى، كل مواطن لحماية وصيانة استقلال البلاد وسيادتها وسلامة ترابها الوطني وجميع رموز الدولة. أما المادة 80، فتنص على أن الدولة تضمن احترام رموز الثورة وذكرى الشهداء وكرامة ذوي الحقوق والمجاهدين، على اعتبار أن التاريخ هو الذاكرة والرصيد المشتركين بين كل الجزائريين فيما تشترط المادة 87 للترشح لمنصب رئيس الجمهورية شرطين أساسيين هما؛ إثبات المشاركة في ثورة أول نوفمبر 1954، إذا كان المترشح مولودا قبل جويلية 1942، فضلا عن عدم تورط الأبوين في أعمال ضد ثورة أول نوفمبر، إذا كان المترشح مولودا قبل التاريخ سالف الذكر. كما أدرجت المادة 90 الخاصة بأداء اليمين الدستورية للرئيس، وفاء للتضحيات الكبرى ولأرواح شهدائنا الأبرار وقيم نوفمبر الخالدة، وقضت المادة 91 في فقرتها العاشرة، بأن يكون تسليم أوسمة الدولة ونياشينها وشهادتها التشريفية لمستحقيها من المجاهدين والشهداء وذويهم، وجميع من عمل بإخلاص وصدق وتفان لصالح الجزائر وثورتها التحريرية المباركة، من قبل رئيس الجمهورية وحده دون سواه، كصلاحية خصه بها الدستور دون غيره، أي لا يجوز له التنازل عنها لأي كان، على أساس ما نصت عليه المادة 87 من هذا الدستور". أبت المادة 139 في فقرتها الواحدة والعشرين (21)، إلا أن تجعل تأطير حماية التراث الثقافي والتاريخي، وكذا المحافظة عليه (هكذا بوجه عام) اختصاصا معقودا للبرلمان يشرع فيه، وله وحده ذلك دون سواه (بقوة الدستور)، وبمعنى آخر، لا يتم التشريع في مجال حماية وصيانة التراث التاريخي والثقافي بوجه عام، وتراث الثورة التحريرية المباركة بصفة خاصة، إلا بقانون صادر عن البرلمان بغرفتيه (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة). وليس نصا تنظيميا (قرارا أو مرسوما تنفيذيا أو حتى مرسوما رئاسيا) تصدره السلطة التنفيذية. في السياق عينه، أشارت المادة 122، في فقرتها الثلاثين، إلى أن يكون إنشاء أوسمة الدولة ونياشينها وألقابها التشريفية، عملا تشريعيا من صلاحيات واختصاصات البرلمان بمجلسيه (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة)، دون أن يشاركه أو يقاسمه أحد في ذلك، إذ أن الأمر يتعلق بمجال لا يشرع فيه إلا البرلمان، بقانون صادر عنه بوصفه هيئة تشريعية دستورية مختصة. لتضيف المادة 223، أن العلم الوطني والنشيد الوطني من رموز ثورة أول نوفمبر 1954 المجيدة والجمهورية والأمة، هما من الثوابت المحصنة التي لا يمكن لأي تعديل دستوري أن يمسهما. على العموم، تكرس المواد الدستورية صلة الشعب بتاريخه، ووفاء أجياله لرسالة الشهداء، الذين ضحوا من أجل استقلال هذا الوطن المفدى.