تواترت نداءات رسمية وحقوقية على حتمية التعجيل في تعيين مبعوث أممي جديد إلى الصحراء الغربية ضمن مطلب فرض نفسه بقوة في الفترة الأخيرة في ظل خرق المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار ومحاولة إنكار حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. فبعد قرابة 19 شهرا من بقاء منصب المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي شاغرا بعد استقالة الألماني، هورست كوهلر شهر ماي 2019 بسبب العراقيل المغربية، أصبح من الملحّ اليوم وأكثر من أي وقت مضى سدّ الفراغ الذي تركه انسحاب الدبلوماسي الألماني والذي استغله المغرب بدعم من فرنساوالولاياتالمتحدة وإسبانيا لإخراج القضية الصحراوية عن إطارها القانوني كقضية تصفية استعمار. وبالنظر لأهمية المبعوث الأممي لاحتواء الوضع المتفجر في الصحراء الغربية، تواصل عدة دول وأطراف داعمة للشرعية الدولية الضغط على الأممالمتحدة وأمينها العام للتعجيل في إيجاد خليفة كوهلر. وهو مطلب رفعه مجدّدا وزير الخارجية الايطالي، لويجي دي مايو، الذي أكد بأن تعيين مبعوث شخصي أممي جديد إلى الصحراء الغربية "في هذا الوقت بالذات سيمثل تطوّرا مهما بشكل خاص لإعادة إطلاق العملية التفاوضية". وقال إن بلاده "تواصل المتابعة وعن كثب لقضية الصحراء الغربية وكل التطوّرات الأخيرة ذات الصلة" في إطار ما وصفه ب"الأهمية الاستراتيجية للمنطقة وللاستقرار الإقليمي في السياسة الخارجية لإيطاليا"، معتبرا أن "السبيل الوحيد" للتوصل إلى حلّ نهائي للنزاع "يمر حتما عبر الدبلوماسية". وبينما جدّد دي مايو التزام روما بدعمها الكامل للجهود التي تقودها المنظمة الأممية في هذا الجانب، فقد أكد مواصلة بلاده التعاون مع المنظمات الدولية المختصة ودعم أنشطة المساعدة الإنسانية التي يتم تنفيذها بشكل مستمر للاجئين الصحراويين في المخيمات. ونفس المطلب رفعته المناضلة من أجل حقوق الإنسان الفرنسية، كلود مانجين أسفاري التي أكدت على "الضرورة الملحة" لتعيين مبعوث شخصي أممي جديد إلى الصحراء الغربية. وأكدت عقيلة المناضل الصحراوي المعتقل نعمة أسفاري أن جبهة البوليزاريو "لطالما ظلت وفية لتوقيعها على اتفاق وقف اطلاق النار"، فقد حملت المجتمع الدولي مسؤولية مباشرة في تفجر الوضع في الصحراء الغربية بعد أن تخلى عن دوره كراع على المحافظة على الأمن والاستقرار العالمي. شدّدت الحقوقية الفرنسية التأكيد على أن "الحل الوحيد يكمن في تطبيق لوائح الأممالمتحدة واستئناف مسار التسوية في نفس الوقت الذي وصفت فيه اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالسيادة الوهمية للمغرب على الصحراء الغربية بأنه "عبارة عن مساومة". وندّدت أسفاري "بالانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان" التي تقترفها قوات الاحتلال المغربي بما جعل الأراضي الصحراوية المحتلة تتحول إلى "سجن في الهواء الطلق منذ جانفي 2014 حيث يتم طرد كل شخص متضامن مع الشعب الصحراوي"، مشيرة إلى أنه "تم إلى غاية اليوم طرد 280 شخص ينتمون إلى خمس عشرة بلدا على اختلاف مهنتهم منهم نواب أوروبيون وصحفيون، من دخول الأراضي الصحراوية". من جهتها جدّدت الحركة الدولية من أجل المصالحة "ايفور" مطالبة الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريس بتعيين مبعوث شخصي جديد له إلى الصحراء الغربية "بشكل فوري.. لدفع عملية السلام قصد التوصل إلى حل نهائي وعدم ترك الباب مفتوحا أمام تطوّرات سلبية مثل التي شهدتها المنطقة في الفترة الإخيرة". وطالبت الحركة، الأممالمتحدة بعقد "جلسة طارئة استثنائية لاتخاذ قرار آخر لتأكيد أولوية القانون الدولي ضد إعلان ترامب" القاضي بالاعتراف بالسيادة المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية المحتلة. ودعت في هذا السياق رئيس الولاياتالمتحدة المنتخب، جو بايدن إلى إلغاء هذا الإعلان والعمل على دعم مبادئ القانون الدولي كأساس لتسوية النزاعات الدولية. وذكر بيان الحركة الدولية من أجل المصالحة بأن الأممالمتحدة والمجتمع الدولي "قطعوا وعدا عام 1991 للشعب الصحراوي بتنظيم استفتاء لتقرير مصيره بحرية ونزاهة، إلا أنه وبعد 30 عاما لم يتحقق هذا الوعد". وتتواصل موجة التنديد بقرار ترامب الذي أكد بشأنه المجلس الوطني الصحراوي أنه "تجاهل من خلاله كل قرارات ولوائح الشرعية الدولية في الصحراء الغربية التي تجمع على عدم شرعية التواجد المغربي في الصحراء الغربية، خاصة اللائحة الصادرة عن الجمعية العامة الأممية رقم 37/34 لسنة 1979 والتي شكلت المرجعية والأساس لمواقف كل المنظمات والمحاكم الدولية". وأشار المجلس الصحراوي في بيان له، أمس، إلى أن "الموقف الذي عبر عنه ترامب يخالف أهم مبدأ من المبادئ التي بني عليها الدستور الأمريكي وهو مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير الذي أصبح من قواعد القانون الدولي الآمرة". كما اعتبر أن ترامب وبقراره "تجاهل المجهودات التي بذلتها شخصيات أمريكية مرموقة في إطار مساعي الأممالمتحدة لإيجاد الحلّ الذي يضمن ممارسة الشعب الصحراوي لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال"، مؤكدا أن "الشعب الصحراوي وحده هو صاحب السيادة الحصرية على الصحراء الغربية". ووجه المجلس الوطني الصحراوي نداء عاجلا إلى "الكونغرس الأمريكي بغرفتيه وإلى جميع البرلمانات في العالم لإدانة وشجب هذا الموقف الذي يجسد إرادة صريحة في إرجاع البشرية إلى قانون الغاب وإذكاء الحروب المدمرة وتعريض السلم والأمن الدوليين إلى كل المخاطر".