يحبس الأمريكيون أنفاسهم قبل أسبوع من مراسم تنصيب الرئيس المنتخب، جو بايدن في ظل تصاعد المخاوف من احتمال خروج أنصار الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب في مظاهرات مسلحة خلال الفترة التي مازالت تفصلنا عن موعد تنصيب الرئيس الجديد الأربعاء القادم. وتعيش الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ انتخابات الرئاسة في الثالث نوفمبر الماضي، على وقع توترات أمنية ومشاحنات سياسية كشفت مدى عمق الانقسام الذي تعيشه أكبر دولة في العالم بين مؤيدي ترامب ومناصري بايدن ضمن مشهد شكل الاستثناء في التاريخ الأمريكي المعاصر. وازدادت حدة التوتر منذ الاقتحام الدامي الذي شهده مبنى الكابيتول بالعاصمة واشنطن الأسبوع الماضي ووجهت فيه أصابع الاتهام للرئيس، دونالد ترامب بتحريض مؤيديه على العنف، إلى درجة جعلت الديمقراطيين يباشرون، أمس، عبر الكونغرس إجراءات عزله عن الحكم بتهمة التحريض على التمرد. وبالتزامن مع بدء مجلس النواب لإجراءات العزل، تحوّلت العاصمة واشنطن إلى مدينة أشباح يصعب للمتجول فيها التفريق بين المطاعم والمباني التي أغلقها وباء كورونا وتلك التي اضطرت لغلق أبوابها تحسبا لأي انزلاقات أمنية قد تعصف بالمدينة مع بدء العد التنازلي لتنصيب، بايدن رئيسا للولايات المتحدة. وتوقفت كل رحلات التلاميذ التي كانت تنظم من مختلف الولاياتالمتحدة لزيارة المباني الرسمية في العاصمة الفيدرالية وحتى منع الزيارات السياحية بما فيها تلك التي تنظم للأجانب، في حين تحوّلت محطات الميترو التي كانت تعج بالحركة إلى أماكن مهجورة وكأن سكان المدينة رحلوا عنها. ولم يبق في شوارع وساحات المدينة سوى قوات الأمن من الحرس الوطني التي طوّقت أهم المباني الرسمية وخاصة مبنى الكابيتول، مقر الكونغرس الذي عادة ما كان يشهد جموعا غفيرة تأتي لحضور حفل تنصيب الرئيس الجديد للولايات المتحدة في يوم احتفالي يلتئم فيه أنصار الديمقراطيين مع الجمهوريين، لكنه هذه المرة قد يتحوّل إلى مواجهات دامية بعد تحذيرات أطلقتها الشرطة الفدرالية الأمريكية من احتمالات أن يطال العنف حتى الرئيس بايدن يوم تنصيبه الأربعاء القادم. كما أحيط البيت الأبيض بسياج أمني على بُعد نحو 200 متر ونصبت شبكات معدنية بطول يفوق المترين بمحيط بعض المباني الفدرالية القريبة منه على غرار الخزينة العمومية، في حين احتلت سيارات الشرطة بإنذاراتها الضوئية الزرقاء والحمراء على مدار 24 ساعة أهم الشوارع والطرقات التي عادة ما كانت تعج بالحركة.وكان البنتاغون أعلن مؤخرا موافقته على نشر 15 ألف جندي من الحرس الوطني في المدينة لتأمين مراسم أداء اليمين الدستورية بعد أن كان شرع في نشر زهاء 6200 عسكري بعد أحداث الكابيتول الدامية في السادس جانفي الجاري. ويتوقع أن يصل هذا العدد بنهاية الأسبوع إلى 10 آلاف جندي يتم تدعيمهم يوم التنصيب بخمسة آلاف إضافية ضمن مسعى لتفادي حدوث أي انزلاقات أمنية محتملة وغير محمودة العواقب. ورغم كل المخاوف من إمكانية استهداف بايدن إلا أن هذا الأخير لا يزال من المتوقع أن يؤدي هو ونائبته، كامالا هاريس اليمين الدستورية أمام مقر الكونغرس، وهو الذي كان أكد في تصريحات سابقة أنه لا يخشى أداء اليمين أمام مقر الكونغرس كما جرى عليه العرف الأمريكي في تنصيب الرؤساء. وأمام تصاعد حدة التوتر طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أمس، جون بايدن بأن يدع العدالة تأخذ مجراها ضد دونالد ترامب، معتبرة بأن أي محاولة من قبل الرئيس المنتخب لقلب الصفحة من أجل توحيد البلاد ستكون ببساطة "خطأ فادح".وقال المدير العام للمنظمة الحقوقية غير الحكومية، كنيت روث إنه "يجب على بايدن تمكين المدعين العامين المحترفين للمضي قدما وتقديم أي جرائم تم ارتكابها إلى العدالة".