أكد رئيس المجلس الدستوري، كمال فنيش، أن مشروع قانون الانتخابات المعدل والمتمم يضمن "استقرارا أكبر وتوافقا أوسع"، ويحتوي على ضمانات إجرائية "تقدّم حلولا فعّالة للقضاء على الممارسات الفاسدة". وأوضح فنيش في قراءة عامة حول المشروع، الذي تم توزيعه مؤخرا على الأحزاب السياسية "يمكننا أن نفخر بكون العناصر الأساسية للتشريع الانتخابي محل تنظيم بقانون يتعلق بنظام الانتخابات والذي يضمن استقرارا أكبر وتوافقا أوسع"، مشيرا إلى أن وجود ضمانات إجرائية، مثل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات والمعايير القانونية والسياسية الجديدة التي يأتي بها المشروع، "تقدّم حلولا فعّالة ومتناسقة تستهدف القضاء على الممارسات الفاسدة، كما يقدم المشروع مجموعة من نظم الرقابة القادرة على ضمان شفافية الاستحقاقات وشرعية المؤسسات المنتخبة". وذكر بهذا الخصوص بأن "مختلف القوانين الانتخابية الصادرة في الماضي، أبانت عن جملة من التناقضات منها ما ولد نزاعات"، ما استدعى، حسبه، "إضفاء طابع التناسق على القواعد الانتخابية وضمان استقرارها قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة". وأبرز السيد فنيش، بالمناسبة، "إرادة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في تغيير القواعد السارية على الانتخابات السياسية لتفادي الانحرافات التي عرفتها بلادنا وذلك بتزويدها بقانون انتخابات قادر على أخلقة الحياة السياسية وإبعادها عن أي تأثيرات مادية،وهو ما من شأنه ضمان حرية الاختيار وبالتالي تعزيز الديمقراطية في الجزائر". كما أكد بأن القانون الجديد "يطمح إلى استعادة ثقة المواطنين في الحكام، حتى ينخرطوا أكثر في المسار الانتخابي لوضع حد للممارسات الانتخابية الماضية لاسيما من خلال المساواة بين الجنسين ومشاركة الشباب من أجل تعزيز دولة القانون والحكم الراشد في ظل الشفافية المطلقة". وبغية "تشجيع مشاركة أكبر" للمواطنين، لاسيما الشباب في النشاط السياسي- يضيف رئيس المجلس الدستوري- يوصى بمراجعة عدد توقيعات الناخبين (50) الواجب توفرها لدعم الترشيحات.. والتي لا تستجيب لشروط تزكية الترشح الواردة في ذات المادة". وأشار في ذات الشأن إلى "ضرورة أن يشكل الشباب ثلث القوائم على الأقل"، موصيا بمراجعة شرطي السن (على الأقل 23 للترشح للمجالس المحلية والتشريعية) والسلوك الحسن الواردين في الفقرة الثانية من المادة 182 وذلك لغياب ميكانيزمات قانونية واضحة تسمح بالتأكد من شرط السلوك الحسن". من جهة أخرى، اعتبر السيد فنيش بأن "شرط تحقيق المساواة بين الجنسين في تشكيل القوائم في المناطق التي تعرف مشاركة ضعيفة للمرأة، قد يؤثر سلبا على جودة الترشيحات"، معتبرا "من الحكمة إطلاق حملة إعلامية من أجل شرط نمط الاقتراع النسبي التمثيلي بقائمة مفتوحة". وبخصوص المرحلة الأخيرة من عملية الاقتراع، أكد رئيس المجلس الدستوري على أنه "يجدر عرض محاضر الفرز عبر الأنترنت بمجرد انتهاء هذا الأخير ورقمنة التوقيعات فيما يتعلق بالقوائم الحرة". كما أكد بأنه من "الملائم مراجعة الحد الأدنى للمعاملات المالية الواجب دفعها عن طريق الصك أو أي وسيلة تحويل أخرى والمقدر بألف دينار فقط". على صعيد آخر، شدّد السيد فنيش على وجوب أن تؤكد الدولة "تمسكها بأخلقة العمل السياسي، وترقية أداء منتخبي الشعب في إطار الشفافية، مكافحة الفساد، المساواة بين الجنسين، ومشاركة الشباب الجزائري"، حيث اعتبر في هذا الإطار، أن مشروع القانون يتضمن "معايير سياسية وقانونية جديدة" مثلما ورد في المادة 74 التي تنص بأنه "يمتنع كل مترشح أو شخص يشارك في الحملة الانتخابية عن كل خطاب كراهية وكل شكل من أشكال التمييز"، وذلك تماشيا مع ما ورد في ديباجة دستور أول نوفمبر 2020 . وحول عقلنة تنظيم الانتخابات، أكد فنيش بأن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات "تضمن تسيير ومراقبة جميع العمليات الانتخابية وعمليات الاستفتاء مثلما ورد في المادة السادسة من مشروع القانون"، مبرزا أن هذا الأخير "تضمن مجموعة من الأحكام الجديدة يتعلق بعضها بصلاحيات السلطة فيما يتعلق البعض الآخر بسيرها". وتابع بأن صلاحيات السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات تظهر "تصميم السلطات الجزائرية على تجسيد القطيعة مع الماضي" من خلال "إبعاد الإدارة عن المسار الانتخابي وفسح المجال أمام حق الرقابة المخول للمواطن والممارس من خلال السلطة". كما تطرق السيد فنيش إلى مختلف الجوانب التي تضمنها المشروع من بينها مراقبة وتتبع تمويل الحملات الانتخابية، الاقتراع النسبي على القائمة، لجنة مراقبة تمويل حسابات الحملات الانتخابية، ترقية حقوق المرأة والشباب إلى جانب الانتخابات الرئاسية، ليخلص إلى دعوة الأحزاب السياسية والمجتمع المدني للانخراط في "إثراء مشروع القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، الذي يجب أن يولد، حسبه، نقاشا عاما واستشارات مع الأطراف المتدخلة، مثلما أكده رئيس الجمهورية".