تتواصل بالمكتبة الوطنية الجزائرية بالحامة، عملية جرد وتصنيف أرشيف الأفلام التابعة للسنيماتيك المركزية (متحف السينما)، التي انطلقت قبل أشهر، وأفرزت إحصاء عدد كبير من الأفلام الطويلة التي ستخضع في وقت لاحق للعزل والإحصاء. وحسب المشرف على العملية السيد نعمار محمد، فقد تم حتى الآن إحصاء 1500 فيلم خيالي طويل تمّ استقدامها من موقع "أ. بي. سي" الكائن بشارع "مولود بربال"، الذي يضمّ أرشيف الأفلام الطويلة. مشيرا إلى أنّ عملية الجرد هذه تعدّ المرحلة الأولى، حيث يتمّ خلالها أوّلا إخضاع الأفلام لاختبارين، يسمح الأوّل بالاطلاع على حجم إصابة الفيلم بفيروس "رائحة الخل" المعروف ب " syndrom du vinaigre" الذي من شأنه إتلاف الفيلم، أمّا الثاني فيسمح بعزل الأفلام التي صنعت بمادة "اسيتات" الخطيرة التي كانت الأفلام تصنع بها قبل 1954، وهي مادة سريعة الاشتعال بفعل ارتفاع درجة الحرارة، وخطرها يكمن - حسب المتحدث - في عدم إمكانية إخماد لهيبها حتى بحضور المطافئ، لذلك تمّ تعويضها بمادة "النيترات" خاصة بعد حادثة الحريق المهول الذي تسبّبت فيه بالسينيماتيك الفرنسية سنة 1959 وفي المكسيك سنة 1969. مشيرا إلى أنّ الجزائر تملك نسبة معتبرة من الأفلام التي صنعت بهذه المادة الخطيرة والتي سيتم عزلها وإحصاؤها في مرحلة لاحقة. وفي سياق متّصل، أوضح نعمار أنّ التقنيات التي تقوم باختبار "رائحة الخل" تمّ شراؤها من فرنسا، وتمّ تلقين كيفية استعمالها من طرف خبراء أجانب للمختصين من السينماتيك الذين يشرفون حاليا على العملية، وبعد انتهاء هذه العميلة يتمّ إرسال الأفلام السليمة والصالحة للعرض فقط في مرحلة ثانية إلى المكتبة الوطنية، حيث خصّص الطابق السابع - يقول المتحدث - بأكمله لتخزين هذه الأفلام بعد أن تمّ تجهيزه بالشروط الضرورية، لا سيما التهوئة. وعلى مستوى المكتبة الجزائرية يقوم السيد نعمار ومساعدوه، بإحصاء الأفلام وجردها وتزويدها بكلّ المعلومات الضرورية المتعلقة بعنوان الفيلم، اسم المخرج، جنسية الفيلم، سنة الإنتاج، الجهة المنتجة، معيار الفيلم 35 ملم، 16 ملم، مدة الفيلم، بالألوان/ بالأسود والأبيض، عدد النسخ، عدد العلب الخاصة بكلّ فيلم. ويتمّ إدراج كلّ هذه المعلومات في قاعدة معلوماتية أمريكية الصنع تم شراؤها من من فرنسا هي " FileMaker pro"، وستكون هذه القاعدة المعلوماتية بمثابة مرجع حقيقي لكلّ الباحثين والدارسين والمهتمّين بالفن السابع، كما سيتم في مرحلة لاحقة بعد اكتمالها، إدراجها في شبكة الانترنت لتكون مرجعا فاعلا لكلّ مهتمّ، خاصة بالسينما الجزائرية. وفي سياق حديثه، أشار السيد نعمار إلى أنّ عملية الجرد هذه التي تعدّ الأولى من نوعها منذ الاستقلال، سمحت له شخصيا باكتشاف العديد من الأفلام الهامة، التي لم يكن يظنّ أنّ الجزائر تملكها والتي تنتمي إلى الكلاسيكيات العالمية الكبرى. وفي سياق آخر، أوضح المتحدث أنّ هذه العملية ستلحقها عمليات أخرى، فبعد الانتهاء من الأفلام الطويلة الموجودة بموقع "أ. بي. سي" وبموقع "باب الوادي" الذي يضمّ أرشيف الأفلام الجزائرية، سيتم إحصاء الأفلام القصيرة والوثائقية التي تتواجد بشكل خاص في موقع البليدة، لكن هذه الأخيرة - يضيف السيد نعمار - تحتاج أوّلا إلى تغيير علب الأفلام التي تعرّضت للتلف، كذلك بالنسبة للموقع الكائن بالقرب من ولاية الجزائر، الذي يضم أرشيفا متنوّعا تعرضت فيه علب الأفلام لتلف شديد، ورغم ذلك فإنّ الأفلام مازالت سليمة، وهو ما أدهش حتى الخبراء الفرنسيين الذين قاموا بمعاينة كلّ الأرشيف الفيلمي خلال لقاء الخبراء الذي جمعهم بالجزائر نهاية السنة الماضية، في إطار التوقيع على اتفاقية التعاون في مجال السينما.