قدمت الدكتورة فيروز مامي زراقة، من الجزائر، ورقة بعنوان "الحقل السوسيو- انثروبولوجي عند بيار بورديو، من التأويل الفلسفي، إلى التفسير السوسيولوجي"، خلال أشغال مؤتمر جامعة فيلادلفيا الأردنية، الذي جاء بعنوان "الفلسفة في اللغة والفنون والعلوم الإنسانية"، واختارت الأستاذة هاجر بوزياني دراسة النظريات الفلسفية في تاريخ الثورة التحريرية الجزائرية. بالمناسبة، أشارت الدكتورة إلى أن الفيلسوف بورديو، سعى إلى فهم الحياة الاجتماعية، من خلال تعريفات متوازنة، تضع في اعتبارها البنى الثقافية والاجتماعية الموضوعية جنبا إلى جنب، الممارسات والخبرات التي تنشأ عن الأفراد والجماعات، وأضافت أن بورديو يتفق مع العلماء والفلاسفة، الذين يعتقدون أن الأنساق الرمزية هي أشكال رمزية، وهي أيضا أدوات لبناء الواقع، لكنه يقول، إن هذه الأفكار التي ترجع إلى كاسيرر، تؤكد على الوظيفة المعرفية للرموز دون الاهتمام بالسؤال الخاص بوظيفتها الاجتماعية. من جهة أخرى، ذهبت هاجر بوزياني، من الجزائر أيضا، لدراسة النظريات الفلسفية في تاريخ الثورة التحريرية الجزائرية، وتحدثت عن فلسفة نوفمبر التي تحولت إلى نموذج للثورات التحررية المعاصرة، آخذة بذلك البعد التاريخي الوطني والعالمي على حد سواء. هذا الإنجاز الذي قل أن نجحت فلسفة ثورية معاصرة في العالم الثالث، بصورة خاصة في تحقيقه، والذي أضفى على ثورة نوفمبر مثل تلك الأبعاد الوطنية والعالمية، هو نفسه الذي سيكون وراء تلك المشاكل التي لا تزال تعترض العديد من المحاولات الهادفة للتاريخ لهذه الثورة، ولتحديد خصائصها المميزة كذلك، ونظرا إلى صعوبة التمييز بين ما هو خاص من تلك الخصائص بالواقع الاستعماري الوطني الجزائري، وبين ما هو مرتبط بعملية انتقال العالم الثالث عامة، من مرحلة الاستعمار إلى مرحلة التحرر السياسي منه خاصة. كما قدم الباحثان داود جفافلة وسارة بن ريالة، خلال المؤتمر، ورقة بعنوان "نحو التأسيس لأخلقة المحتويات الرقمية العربية حسب ايتيقيا هابرماس"، وبعد نقد الواقع، يرى الباحثان أن هناك ما يدفع إلى محاولة تشخيص هذا الواقع، والبحث في سبيل التأسيس لإطار نظري عربي، كمنطلق اتصالي يدرس الممارسات الشبكية. اختتمت جامعة فيلادلفيا أعمال مؤتمرها، بتوصيات قدمها المشاركون، من أبرزها دعوة الباحثين والدارسين العرب إلى التوسع في إعداد البحوث العلمية، من منظور علاقة الفلسفة بالأدب واللغة والفنون والعلوم الإنسانية، ودراسة الأعمال الأدبية والفنية التي تتضمن رؤى معرفية وفلسفية، بما يساهم في التواصل معها وفهمها. وتعميق هذه الصلة المهمة التي تساهم في تعميق الأعمال الأدبية والفنية وتوسيع آفاقها. ودعوة الأدباء والكتاب والفنانين العرب المعاصرين إلى الاهتمام بالفلسفة، ناهيك عن توسيع أفق قراءتها، واستلهام أسئلتها لتنعكس على مشاغلهم الإبداعية ومضامين كتاباتهم، انطلاقا من أن الفلسفة أحد أبرز روافد الإبداع والفن العالمي. ودعوة المؤسسات التعليمية العربية في المستوى المدرسي ومستوى التعليم الجامعي، إلى توسيع المساحة المخصصة للفلسفة وثقافة الحجاج ومهارات التفكير بما ينعكس على تقوية صلة الأجيال المعاصرة بالفلسفة، بعيدا عن ثقافة التلقين والطاعة العمياء. للإشارة، شارك في أشغال المؤتمر عدد من الباحثين والجامعين، على غرار الدكتور سعيد الحيان من المغرب، الذي قدم رؤيته عن أثر التاريخانية على الفكر العربي المعاصر، متخذا من عبد الله العروي نموذجا لدراسته التي بين فيها تأثير التاريخانية على الفكر العربي المعاصر، خاصة عند المفكر المغربي عبد الله العروي، الذي قام ببناء مشروع فكري وفلسفي قائم على التاريخانية في بعدها الماركسي. ومن ليبيا، بحثت الدكتورة فوزية محمد علي مراد في نظرية التعاقب الدوري للحضارات في فلسفة فيكو، حيث وافقت ما يراه فلاسفة التاريخ في أن الرؤية الفلسفية للتاريخ المتضمنة في تفسيره وفهمه، لا تتضح في الغالب، إلا في عصور التدهور والانحطاط؛ فصعوبتها هي التي حفزت المفكرين والفلاسفة على تأمل معطيات التاريخ، ومن ثمة إدراك مسيرتها وقوانينها لمعرفة أسباب تدهورها وانحطاطها، ومحاولة استشراف المستقبل والتنبؤ بما سيحدث، رغبة منهم في تجنب صعوبات الحاضر. يعد هذا، السمة الرئيسية للفكر الفلسفي التاريخي في القرن العشرين. فيما ركزت الدكتورة هاجر العبيد، من جامعة طيبة، على أثر المركزية الغربية على فلسفة الاستشراق، مبين ما يقابل أن "الاستعراب" قديما في أوروبا، زمن ازدهار الحضارة العربية في الأندلس، يقابل مصطلح "الاستشراق"، وبالتحديد في الفترة من 1100 إلى 1500. وفي الجلسة الأخيرة التي أدارها الدكتور عصام نجيب، تحدث مجموع من الباحثين في موضوع الفلسفة وعلم النفس، بدأتها الدكتورة ليلى الشرقاوي من المغرب بورقة بعنوان "من الأصول والجذور الفلسفية، إلى نظريات وطرق العلاج الإنسانية"، بينت فيها أهم الأسس النظرية والمفاهيم المحورية في حقل ما بات يعرف بعلم النفس الإنساني أو الإيجابي. ومن مصر، بحثت الدكتورة إكرام محمد سكر، في تأثير الأدب الفلسفي لابن سينا عن النفس في الأدب العبري الوسيط، واستفاضت بالقول، بأن ابن سينا استطاع بما تركه من أدب علمي فلسفي، شرح من خلاله، فلسفته وآرائه عن النفس، أن يؤثر تأثيرا عميقا في الأدب العبري بالعصر الوسيط، والذي كان مركز ازدهاره في بلاد الأندلس خلال الفترة الممتدة من القرن العاشر وحتى الثاني عشر الميلادي، على وجه التحديد. من ناحية أخرى، وفي سياق آخر، بحث الدكتور يوسف عبده من الأردن، في تقنيات حجاجية في النص الفلسفي، ورأى أن هناك أنواعا وأشكالا عدة في الحجاج، كالقضائي والفلسفي والتداولي.. الخ. وكل نوع من هذه الأنواع "يستمد معناه وحدوده ووظائفه" من خصوصية الحقل الذي ينتمي إليه، وحتى نضبط هذه الدراسة، ونسيطر عليها ولا نبتعد عن المغزى الرئيس في هذه الورقات، فإنني سأصرف الحديث عن أنواع الحجاج الأخرى –على أهميتها– ونوجه الدراسة حول الحجاج الفلسفي، وهو الغاية من هذه الدراسة. أما الدكتور نصيف محسن الهاشمي، من العراق، فقد تلمس الإبداع الفلسفي للسيد محمد حسين الطباطبائي، من خلال برهان الصديقين، وأشار إلى أن الطباطبائي انتقد من سبقه من العلماء في تقرير برهان الصديقين، بأن برهانهم لا يعتمد في إثبات الواجب على شيء وراء الوجود، فإدخال الدور والتسلسل في بيان البرهان يضاد ذلك البرهان، ثم بين طريقته في إثبات اللَه سبحانه من دون أن يعتمد في إثباته على وسائط.