شدد البيان الختامي لمؤتمر "برلين 2" حول الأزمة الليبية، المنعقد أمس بالعاصمة الألمانية، على "ضرورة انسحاب كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا من دون أي مهلة واصلاح سلك الأمني ووضعه تحت سلطة ومراقبة مدنية موحدة". وأشار نص البيان الختامي الذي سلم لوسائل الإعلام إلى أن تركيا وهي واحدة من الدول التي تتواجد عسكريا في ليبيا، أدخلت بخصوص هذا الموضوع "تحفظًا" دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل أو يوضح طبيعة التحفظ الذي أدرجته أنقرة التي تربطها اتفاقية عسكرية مع حكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة بقيادة، فايز السراج. وكشفت وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، أمس، عن إمكانية مغادرة المرتزقة والقوات الأجنبية بلادها قريبا في ظل التقدم المحرز على مسار مفاوضات السلام الرامية لإنهاء الأزمة المستعصية في هذا البلد المضطرب. وأكدت المنقوش في ندوة صحفية نشطتها في ختام مؤتمر "برلين 2" على إحراز تقدم بخصوص باحتواء معضلة المرتزقة وقالت "نأمل أن ينسحب هؤلاء من الجانبين خلال الأيام المقبلة"، معبرة عن اعتقادها بأن ذلك "سيشجع ويعزز الثقة من الجانبين". وطغت مسألة المرتزقة واستمرار تواجد المقاتلين الأجانب في الأراضي الليبية على أشغال مؤتمر "برلين 2" وسط إصرار ليبي ودولي على ضرورة إيفاء الدول المتورطة في المعضلة الليبية بالتزاماتها التي قطعتها خلال مؤتمر برلين الأول شهر جانفي 2020 بسحب قواتها من هذا البلد. وافتتح وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، ورئيس حكومة الوحدة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، أمس، أشغال المؤتمر الذي عقد بمقر وزارة الخارجية الألمانية بالعاصمة برلين بمشاركة ممثلين عن 20 دولة ومنظمة دولية يعولون جميعهم على التوصل لرسم طريق هادئ نحو إجراء الانتخابات العامة المقبلة في ليبيا، دون تواجد المرتزقة والمقاتلين الأجانب والتدخلات الخارجية. وحددت الأممالمتحدة وألمانيا، أربعة محاور للمؤتمر في مسعى لحسم موقف المجتمع الدولي من الملفات التي لا تزال معقدة ودون تسوية وخاصة في هذه المرحلة الفارقة من خارطة الحل الأمني والسياسي قبل أشهر قليلة على موعد الاستحقاق الانتخابي. وتعلق المحور الأول بدعم الخطوات السياسية المتخذة في ليبيا والاستعدادات الخاصة بإجراء الانتخابات المقبلة. أما المحور الثاني فتطرق إلى "سحب القوات الأجنبية والمرتزقة" استنادا إلى بنود قرار وقف إطلاق النار، وخصص المحور الثالث لرهان توحيد المؤسسة العسكرية ومناقشة خطوات تشكيل "قوات أمنية ليبية موحدة"، وأخيرا التأكيد على الدعم الدولي لليبيا من أجل عملية السلام والاستقرار الداخلي. وفي كلمته الافتتاحية تحدث رئيس الحكومة الليبية عن المرحلة الحرجة التي لا تزال تمر بها بلاده من دون أن يمنعه ذلك من التأكيد أنه، رغم حساسية المرحلة إلا أن بلاده لن تعود مجددا للحرب والخلافات والعبث بثروات ليبيا. وقبيل انطلاق المؤتمر، طالب وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، بانسحاب كل المقاتلين الأجانب من ليبيا على اعتبار أن هذا الإشكال لا يزال يعد واحدا من أهم الرهانات لاحتواء الأزمة الليبية إلى جانب تحدي تنظيم الانتخابات العامة في موعدها المتفق عليه في 24 ديسمبر المقبل. وقال بلينكن في ندوة صحافية نشطها، أمس، بالعاصمة برلين رفقة نظيره الألماني هايكو ماس أنه "يجب تنفيذ بشكل كامل اتفاق وقف اطلاق النار المعلن عنه في 23 أكتوبر الماضي بما فيه انسحاب كل القوات الأجنبية من ليبيا". وانطلقت أشغال مؤتمر "برلين 2" حول ليبيا بمشاركة 15 دولة إضافة إلى أربع منظمات دولية بحضور ولأول مرة حكومة ليبية موحدة تمثل كل الليبيين. وضمت قائمة الدول المشاركة كل من ليبيا وتركيا والولايات المتحدةالأمريكية وروسيا والصين وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا وسويسرا والمملكة المتحدة. كما شملت أيضا تونس والجزائر والمغرب ومصر والإمارات. وشاركت في المؤتمر أربع منظمات دولية هي الأممالمتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، في حين تغيب عن اشغاله وزيرا خارجية الصين ورسيا وحضر ممثلان عنهما.