احتفظ رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بنفس التشكيلة الحكومية التي خاضت معه البرنامج الرئاسي للعهدة الأخيرة، وذلك حرصا منه على مواصلة الجهود والبرامج التنموية التي تم الشروع فيها وتكريسا لمبدأ الاستمرارية الذي حمله الرئيس شعارا لحملته الانتخابية للرئاسيات الأخيرة. وذكر بيان رئاسة الجمهورية أمس بأن الإبقاء على نفس الطاقم الحكومي بقيادة الوزير الأول السيد أحمد أويحيى أملته الرزنامة الدولية للجزائر ومقتضياتها الداخلية، وذلك في إشارة إلى الحاجة الملحة إلى تعزيز المكاسب والإنجازات التي حققتها البلاد خلال السنوات الأخيرة في مجال إعادة الاستقرار الأمني والسياسي، وتتويجا للأشواط الهامة التي قطعتها بفضل السياسة الرشيدة المنتهجة من قبل رئيس الجمهورية في ميدان حماية وإنعاش الاقتصاد الوطني والبناء التنموي وإعلاء مكانة الجزائر بين الأمم. وإذا كان الإعلان عن التشكيلة الحكومية قد فاجأ العديد من المتتبعين الذين توقعوا تغييرات على تركيبتها انطلاقا من قراءات سياسية مختلفة، فإن البعض الآخر يعتبر خيار الرئيس تثبيت نفس أعضاء الحكومة المكلفة بالدرجة الأولى بتنفيذ برنامجه، خيارا منطقيا بالنظر إلى ما حدده من توجهات وبرامج لعهدته الرئاسية الجديدة، حيث اعتبر في مرات متعددة خلال خطابه الانتخابي الأخير بأن برنامجه يعد من أبسط البرامج الانتخابية، على اعتبار انه لا يحمل الجديد، سوى أنه يتوخى تكريس الاستمرارية في ما تحقق وتعزيز ماوصلت إليه البلاد من مكاسب. فبقدر ما يعكس الإبقاء على نفس الطاقم الحكومي (باستثناء السيد أبو جرة سلطاني الذي غادر الحكومة بناء على طلب منه)، إيجابية النتائج المحققة في إطار تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية خلال العهدتين الماضيتين، بقدر ما يؤكد أيضا إرادة الدولة وعزمها على المضي قدما وبوتيرة أسرع في استكمال الورشات المفتوحة والمشاريع الضخمة التي بلغت مستوى متقدما من التجسيد، ودعمها بالعمليات الجديدة التي حملها البرنامج الجديد لدعم التنمية الوطنية الذي رصد له الرئيس بوتفليقة غلافا ماليا تاريخيا بلغ 150 مليار دولار. ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار أن إقرار رئيس الجمهورية بالاحتفاظ بنفس الطاقم الحكومي، يمليه حرصه على تكليف كل وزير بإنهاء المهمة المسندة إليه في إطار تطبيق البرنامج الرئاسي، وتجنب الإخلال بمسار تنفيذ هذا البرنامج، لا سيما وأن قطاعات عديدة لا زالت تشرف على استكمال تجسيد برامج ضخمة وذات أهمية كبيرة في مسار البناء والتنمية الوطنية، من أجل وضع أسس التنمية وبناء القاعدة التي تنتعش من خلالها عوامل التوازن التنموي على مستوى مختلف جهات الوطن، على غرار قطاع الأشغال العمومية المشرف على إنجاز مشروع القرن المتمثل في الطريق السيار شرق - غرب، والمقرر استلامه في السداسي الأول من سنة 2010، قطاع النقل المكلف هو الآخر بإنهاء برنامجه الضخم المتضمن مختلف مشاريع النقل الحضري، كالمترو والترامواي، وقطار الضاحية، والمصاعد الهوائية، إضافة إلى مشاريع كهربة السكة، وإعادة تنظيم النقل الجوي، قطاع الموارد المائية الذي يعمل على استكمال برنامج انجاز السدود وتعميم محطات التحلية عبر مختلف جهات الوطن، وكذا تجسيد البرنامج الضخم لتحويل المياه من عين صالح على تمنراست، قطاع السكن الذي يسعى إلى إتمام البرنامج الذي يضم 1,5 مليون وحدة سكنية من مختلف الأصناف والانطلاق في برنامج المليون وحدة سكنية جديدة الذي أعلن عنه الرئيس بوتفليقة خلال حملته الانتخابية، بينما تواصل قطاعات الصحة وإصلاح المستشفيات، التربية الوطنية، التعليم العالي والبحث العلمي، المالية وإصلاح البنوك في برامجها المتعلقة بالإصلاحات الكبرى التي أقرها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ سنة 2000. ويبقى ملف تعميق المصالحة الوطنية وتعزيز الاستقرار الأمني والسياسي للبلاد، يشكل الملف الأكبر الذي يحتل أولوية انشغالات الرئيس ويحرص على تحقيقه بنجاح خلال عهدته الحالية، على اعتبار أن الأمن والاستقرار يشكل الأرضية التي ينبني عليها نجاح كل البرامج الأخرى.