أسدل ليلة السبت إلى الأحد الستار على الطبعة الشرفية للمهرجان العالمي للسينما في الصحراء الغربية التي احتضنتها العاصمة الإسبانية مدريد على مدار يومين كاملين في رسالة دعم وتضامن مع عدالة القضية الصحراوية وحق شعبها في تقرير مصيره بكل حرية. وعرف المهرجان عرض العديد من الأفلام الوثائقية لمخرجين إسبان إضافة إلى أشرطة أخرى من إنجاز سينمائيين صحراويين تلقوا تكوينهم بالمدرسة السمعية-البصرية التي أسسها المهرجان العالمي للسينما "في صحراء" عام 2011 بمخيمات اللاجئين. كما عرف حفل الافتتاح الذي حضره حوالي 200 متابع، عرض الشريط الوثائقي "سلطانة حرة" الذي يدور حول النهب غير المشروع للثروات الطبيعية الصحراوية من طرف بلدان أوروبية بالتواطؤ مع نظام الاحتلال المغربي. وهو عمل يسلط الضوء أيضا على الإقامة الجبرية الجائرة المفروضة من طرف شرطة الاحتلال المغربية على الناشطة الصحراوية المعروفة سلطانة خيا وأفراد عائلتها منذ أكثر من عام. وقال المدير الوطني الصحراوي للسينما والمسرح بوزارة الثقافة الصحراوية تيبا شكاف، في حفل الافتتاح أن "خلق الثقافة بمخيم للاجئين يعد أكبر تحد". وفي أعقاب متابعة هذا الشريط الوثائقي تم عرض الأشرطة الوثائقية "ديليفري" والاحتلال" و«لا تعدو كونها حيتان" للإسبانية آنا سيما، حيث مثّلت هذه الأعمال أيضا ورقة نقاش بشأن الخيرات الطبيعية الصحراوية وعمليات نهبها من طرف شركات إسبانية وأوروبية، وذلك بمشاركة ناشطين وقانونيين وأكاديميين من الصحراء الغربية وإسبانيا والنرويج. وخص المهرجان تكريم الممثلة الاسبانية، بيلار بارديم، التي توفيت في جويلية الماضي بحضور سياسيين ورجال ثقافة، وهي التي كانت رافقت على الدوام قضية الشعب الصحراوي وكانت إحدى الأصوات المدافعة عن الحرية والكرامة وحقوق الإنسان في الصحراء الغربية. وهي أيضا والدة الفنان العالمي، خافيير بارديم، المعروف كذلك بوقوفه ضد الاحتلال المغربي للصحراء الغربية ومساندته غير المشروطة لحق الصحراويين في تقرير مصيرهم. وكانت بيلار، وهي من مواليد 1939، قد انتقلت رفقة نجلها خافيير في العديد من المناسبات إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين والتقت هناك الرئيس الصحراوي السابق الراحل، محمد عبد العزيز، كما استضافت المناضلة الصحراوية الشهيرة أميناتو حيدر في إسبانيا. وشاركت أيضا في مهرجان "في صحراء" الذي تقام دوراته العادية سنويا ومنذ 2003 بمخيمات اللاجئين وتعرض فيه أفلام تلقي الضوء على نضال شعوب العالم من أجل نيل استقلالها وعلى رأسها الشعب الصحراوي. ولم تتوان بيلار عن المساهمة أيضا في كل حملات دعم الشعب الصحراوي وجمع المساعدات له وهو المسار الذي انتهجه أيضا أبناؤها وخصوصا خافيير الذي أنتج في 2012 شريطا وثائقيا حول كفاح الشعب الصحراوي حمل عنوان "أطفال الغيوم.. المستعمرة الأخيرة". ويكشف هذا العمل تواطؤ بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا مع النظام المغربي في نهب ثروات الصحراء الغربية المحتلة. وحاز في 2013 جائزة "غويا" لأحسن فيلم وثائقي والتي تعد من بين الجوائز الوطنية الإسبانية الأعلى تتويج في السينما الإسبانية. وكان خافيير قد صرح قائلا لدى سؤاله عن سر اهتمامه بالقضية الصحراوية: "إنني أعرف هذه القضية منذ سنة 1969، تاريخ ميلادي، بفضل والدتي التي وجدتها عندما رأيت النور مناضلة إلى جانب الشعب الصحراوي"، وقد دعا مرارا إلى الوقوف إلى جانب الشعب الصحراوي المضطهد في تصريحاته لوسائل الإعلام الدولية. وشاركت بيلار في أكثر من 60 عملا مسرحيا وسينمائيا وحازت على الكثير من الجوائز في إسبانيا على غرار الميدالية الذهبية للاستحقاق الفني في 2008 والتي تعد أعلى التقديرات الفنية في إسبانيا.