لعلّ الغائب الأكبر عن الساحة الفنية الجزائرية خلال عام 2021، هو الممثل القدير صالح أوقروت الذي يواصل العلاج حاليا بإحدى المصحات المتخصصة في العاصمة الفرنسية باريس، حيث نُقل عبر طائرة خاصة، بعد أن أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بالتكفل العاجل بحالة "عاشور العاشر". رغم مرور أشهر على الإعلان عن مرض "صويلح"، إلا أنّ أخباره لا تزال متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبين الحقيقة والإشاعات إلا أنّ القاسم المشترك بين المنشورات، هو الدعاء بالشفاء لهذا الفنان الكبير الذي أسر القلوب واحتل مكانة كبيرة في قلوب الجزائريين كبيرهم وصغيرهم، على أمل أن يطل من جديد على معجبيه ويواصل إسعادهم وترجمة يومياتهم بحلوها ومرّها. سقط خبر معاناة الفنان القدير مع السرطان كالصاعقة على الجزائريين، خاصة وأنه تزامن مع رحيل الفنان المتمكّن والمتميز "النوري" (بلاحة بن زيان)، وهما وجهان متلازمان في سلسلة "عاشور العاشر"، وشكّلا، لموسمين، ثنائيا رائعا، ولا تحلو السهرات الرمضانية من دون أفعالهما وردودها؛ فالأول قامة فنية وإنسانية لا غبار عليها، والثاني شخصية عفوية وطيبة لا يختلف عليها اثنان، وكلاهما عميدٌ من أعمدة الفرجة والفرحة. نبأ مرض الفنان صالح أوقروت تداولته مواقع التواصل الاجتماعي بكثرة عندما كشف عن تشخيص 3 أورام سرطانية لدى "عاشور العاشر" بالجهاز الهضمي، والرأس والصدر، مناشدا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، التدخل لنقله للعلاج في الخارج، وهو ما استجابت له السلطات العليا في البلاد. وتوالت ردود الأفعال من مواطنين وشخصيات فنية وثقافية، أجمعت على أن صالح أوقروت هو "محبوب الجماهير" بلا منازع، متضرعين لله عز وجل أن يشفي نجمهم في هذه الأيام المباركة من الشهر الفضيل، وحملت تعليقاتهم على المنشور الذي كتبه أوقروت في صفحته الرسمية على "أنستغرام" الذي جاء فيه "ربّ إني مسّني الضر وأنت أرحم الراحمين"، وبلغت في ساعات قليلة أكثر من 3 آلاف تعليق، كل معاني المآزرة والمساندة والدعاء الجميل؛ ما ينمّ عن مكانة "صويلح" في قلوب الجزائريين، وحتى في محيطهم ويومياتهم؛ فخرجاته الإبداعية لا يمكن أن تُنسى، وإنسانيته سبقت أخباره، ومكانتُه بارزة لا يمكن أن تُمحى. تقاسم للألم وعرفان بالتميّز لم يتوان الرئيس تبون في الوقوف إلى جانب الأسرة الفنية والثقافية في مصابها الجلل، حيث تقاسم الألم معها في رحيل قامات الفن الجزائري على غرار الفنان القدير سعيد حلمي الذي اعتبره "واحدا من المشاهير الذين ساهموا بمواهبهم وإبداعاتهم في إثراء الإنتاج التلفزيوني والسينمائي على مدى سنوات طويلة، وتركوا بصماتهم الواضحة في عديد الأعمال الفنية الهادفة والراقية، واستحق بجدارة لدى جمهور المهتمين بالثقافة والفن في بلادنا، كل التقدير والاحترام". وعزى في وفاة قامة من قامات الفن الجزائري رابح درياسة، وغرد الرئيس عبر حسابه الخاص على تويتر قائلاً "تفقد الجزائر برحيل الأستاذ المرحوم رابح درياسة، أحد روافد الوطنية، وشعلة متّقدة، لعقود من خلال الأغنية الملتزمة، التي أبهجت أجيالًا، من الجزائريين"، وتابع "ووصلت إلى العالميًة". وبرحيل سيدة المقام الجزائري المطربة سلوى، بعث رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، برقية تعزية إلى عائلتها حملت مشاعر المواساة والأسى، واصفا الراحلة بأنها "صوت جزائري أصيل صادح بالحس الوطني". وكتب السيد الرئيس معزيا "تفقد الساحة الفنية اسما لامعا من ذلك الجيل الذي ارتقى بعطائه الفني، وأثرى الحقل الثقافي برصيد أصيل من الإبداع الراقي، المرتبط بتراثنا الموسيقي الثري المتنوع"، وأضاف "ونودّع بأسى وتأثّر بالغ مطربة من ذلك الجيل الذي حمل حب الوطن في الوجدان، وارتحل به إلى المحافل الدولية، فخورا بتميزه وعراقته". وبالنسبة للرئيس "كانت الفقيدة صوتا جزائريا أصيلا صادحا بالحس الوطني وإذ نودّعها بألم وأسى، أتوجه إليكم وإلى الأسرة الفنية والثقافية في بلادنا بأحر التعازي وأخلص مشاعر المواساة، داعيا المولى عز وجل أن يتغمد الفقيدة برحمته الواسعة، ويسكنها فسيح جناته، وأن يلهمهم الصبر والسلوان".