شهدت أسعار الخضر والفواكه خلال سنة 2021، التهابا في الأسعار فاق قدرات المواطن البسيط، أمام انهيار القدرة الشرائية التي عمقتها جائحة كورونا.. ولعل ما زاد الطين بلّة استهداف اللوبيات لبعض المواد الاستهلاكية واسعة الاستهلاك والتي يعتبرها المواطن البسيط قوته الأساسي اليومي، على غرار الحبوب الجافة والبطاطا التي صنعت الحدث بسنة 2021، خاصة فيما يتعلق بالبطاطا التي تعتبر سيدة مائدة كل العائلات الجزائرية البسيطة والفقيرة وحتى الميسورة. المتصفح لمواقع التواصل الاجتماعي في الأشهر الماضية، يقف على حجم التهكم والسخرية الذي أعقب الارتفاع غير المسبوق لأسعار البطاطا، والتي جعلتها تحصد عديد الإعجابات بفضل سعرها الجنوني، حيث وصفها البعض بالفاكهة الأرضية التي استعادت مكانتها بين الفواكه، فيما وصفها البعض الآخر ب"السيدة بطاطا" التي تجاوز سعرها فاكهة الموز وغيرها كثير من التعليقات التي تكشف عن مشاعر الغضب والأسف لما آل إليه حال المستهلك، في ظل مجتمع يتطلع إلى العيش في كنف الجزائر الجديدة. وفي المقابل اختلفت تفسيرات المختصين في الشأن التجاري حول الأسباب التي جعلت أسعار غذاء الزاولي مستهدف دائما وتلتهب فيه الأسعار بصورة دورية، ففي الوقت الذي أرجعه الاتحاد العام للتجار والحرفيين "إلى قلة الإنتاج وسوء التسيير في المخزون الذي لم يستجب للطلب الكبير على هذه المادة واسعة الاستهلاك، أرجعها البعض الآخر، إلى تخلي بعض الفلاحين عن زراعة هذه المادة بعد الخسائر التي تكبدوها في السنوات الماضية، وعدم إخراج مخزون البطاطا في الوقت المناسب وتوزيعها خارج الأسواق الرسمية، ما شجع اللوبيات على السمسرة فيها والتلاعب بالقدرة الشرائية للمستهلكين. وحسب عبد النور بوزار، رئيس اتحاد التجار لولاية البليدة، "فقد كان من الصعب فهم وضعية سوق البطاطا الذي أدى إلى التهاب الأسعار بشكل غير مسبوق، ففي الوقت الذي يؤكد فيه تجار التجزئة، بأن السلعة تباع لهم بأثمان غالية، يوضح' نجد في الأسواق بأن مديرية التجارة هي التي يفترض أن تتكفل بالرقابة وبالتالي الأمر بالنسبة للاتحاد غير مفهوم"، مشيرا إلى أن استهداف البطاطا كان بفعل اللوبيات التي تنتسب لجهات غير واضحة، ليتم التعامل معها بشكل مباشر الأمر الذي يجعل النقاش دائما موجها لأشخاص مجهولين يفتعلون الأزمات ويبقون المستهلك يعاني". وفي السياق أشار ذات المصدر بأن اتحاد التجار في هذا الإطار بذل مجهودات حثيثة للمطالبة بضبط الأسعار، غير أن اليد التي تعبث باستقرار الأسعار لم يتم محاربتها بعد والدليل الارتفاع المستمر في أسعار الخضر، يقول: "الأمر الذي جعلنا نعجز عن الكلام أمام التهاب القدرة الشرائية في المواد الاستهلاكية التي يعيش عليها "الزوالي" البسيط، لافتا إلى أنه رغم استقرار سعرها في حدود 700 دج لا تزال مرتفعة وتشكل عبئا على عاتق المستهلك البسيط". فيما أرجع مصطفى زبدي، رئيس منظمة حماية المستهلك، في تصريح سابق له الارتفاع غير المسبوق لأسعار البطاطا إلى احتكار أصحاب غرف التبريد لبعض المواد الأساسية، وهي التي كانت وراء التحكم في أسعار البطاطا الذي تطلب حسبه "الإسراع في إعادة النظر في تنظيم غرف التبريد والمخازن وهي الخطوة التي بادرت إليها وزارة التجارة، من خلال إطلاق حملة واسعة لإحصاء ومراقبة كل غرف التبريد والتخزين من خلال المطالبة بالتصريح بها لدى الجهات المعنية". من جهته أكد حسان منوار، رئيس جمعية الأمان لحماية المستهلك، بأن الإشكال الكبير الذي برز في منتج البطاطا وأرهق المستهلك بعدما أصبح عاجزا عن تأمين غذائه إلى غياب الخارطة الفلاحية، حيث نجد حسبه "الفلاح يغرس كما يشاء وكيف ما يريد، وكذا إلى غياب ضبط السوق الأمر الذي أحدث تذبذبا في السلسلة بين المنتج والمستهلك، وأدى إلى وجود الكثير من المتدخلين أغلبهم لوبيات هدفهم السعي إلى تحقيق الربح، وإحداث الخلل في العملية التجارية والتحكم في الأسواق، مؤكدا "بأن ارتفاع أسعار البطاطا راجع بالدرجة الأولى إلى الفراغ في ضبط السوق". يواصل منوار، قائلا: "مشكل السوق الاستهلاكية لا تزال على حالها، ولم تختلف على السنوات الماضية، والدليل أننا يقول ذات المصدر ففي كل سنة نسجل مشكلا في مادة استهلاكية معينة، منتج البطاطا ما هو إلا عينة من منتجات كثيرة أرهقت جيوب المستهلكين ما يعكس العشوائية في تسيير السوق، وأثر على رغبة المتعاملين الاقتصاديين وحتى الفلاحين في ممارسة النشاط، وحوّل المستهلك إلى مهلك بعدما أصبح يعاني من ضائقة استهلاكية على مدار السنة. هذه الأخيرة كنّا نشهدها في بعض المواسم فقط على غرار شهر رمضان أو في بعض المواسم الدينية".