يلتقي يوم غد بمدينة مانهاست الأمريكية الوفدان الصحراوي والمغربي في إطار جولة ثالثة من المفاوضات المباشرة بإشراف الأممالمتحدة الراغبة في إدخال حركية جديدة على النزاع الصحراوي ومحاولة إيجاد مخرج سلمي لأقدم قضايا تصفية الاستعمار في إفريقيا· ويُعد هذا ثالث لقاء من نوعه بين الطرفين منذ جولتي 18 و19 جوان و10 و11 أوت من العام الماضي واللتين انتهتا إلى نتيجة صفرية باستثناء توصل الجانبين إلى اتفاق لتحديد تواريخ الجولات التفاوضية· وباستثناء هذا الأمر والذي وصفه الأمين العام الأممي بان كي مون، بالإيجابي ويؤكد نية الطرفين في تحقيق تقدم، فإن جوهر القضية بقي على حاله بل أن تصريحات أعضاء الوفدين التي تلت الجلسات أكدت هوة الخلافات قبل أن يزيد المغرب من إتساع هذه الهوة بعد أن سعى بكل الطرق إلى إجهاض جولة يوم غد ومحاولة إيهام الرأي العام أن جبهة البوليزاريو تتحمل مسؤولية تعثر مفاوضات مانهاست· وبقي الموقف التفاوضي هو ذاته في نقطة البداية، طرف مغربي يسعى إلى فرض فكرة الحكم الذاتي على محاوريه على أنه الحل والبديل الوحيد الذي يجب أن تدور حوله المفاوضات وبين موقف صحراوي رافض لسياسة الأمر الواقع مؤكدا إلتزامه بما نصّت عليه الشرعية الدولية الداعية إلى إجراء استفتاء عام لتقرير المصير· وما زال موقف الجانبين رهين هذين الطرحين المتعارضين وهو ما دفع بالكثير من المتتبعين لهذه المفاوضات أن لقاء يوم غد لا يجب أن ننتظر منه الكثير إن لم نقل " لا شيء" وتجلى ذلك خاصة من خلال الحملة المغربية الأخيرة التي أعطت الإعتقاد أن الفشل سيكون النتيجة المنتظرة من هذه الجولة· ومازال المغرب يراهن على عامل الوقت لإجهاض جولات "مانهاست" للوصول إلى نتيجة الفشل هذه التي ستمكنه من الإبقاء على "الوضع القائم" خدمة لحسابات ذات علاقة مباشرة بالشأن الداخلي المغربي الذي أصبح رهين منطق الخطر الأجنبي والقضية الوطنية التي لا يجب التفريط فيها· وهو الأمر الذي لفت إليه الانتباه رئيس الوفد الصحراوي علي بايبا الذي أكد في تصريحات أخيرة، أن الرباط تسعى إلى فرض موقفها على الجميع وطرح مسألة الحكم الذاتي كخيار لا يمكن مناقشته ولكن فقط بحث آليات تنفيذه· وهذا الإشكال كاف ليكون سببا في نسف هذه الجولة وحتى الجولات القادمة في ظل سياسة الاحتقان التي يفرضها المغرب وفي حال بقيت الأممالمتحدة راعية هذه الجولات ملتزمة نوعاً من الحياد غير المقبول وهي ترى في المغرب يتجاهل جوهر المفاوضات وفكرة تنظيم استفتاء تقرير المصير· ولم يخف رئيس الوفد الصحراوي في تصريحه لصحيفة "صوت الأحرار" نهاية الشهر الماضي، امتعاضه من هذه القضية وقال أن منظمة الأممالمتحدة مقصرة في هذا الشأن وكان عليها أن تحدد بجرأة الطرف المعرقل لمفاوضات السلام ولم يستجب لكل المطالب من أجل حل النزاع· وتكفي هذه الملاحظة للقول أن الكرة الآن أصبحت بين أيدي الأممالمتحدة وأمينها العام بان كي مون شخصيا لوضع النقاط على الحروف بالنسبة للطرف المغربي الذي يريد بدعم قوى دولية فاعلة تكسير الإرادة الدولية لإنهاء أقدم قضايا الإحتلال في إفريقيا والعالم·