دعا منتجو الأحذية رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون التدخل من أجل إنقاذ هذه الصناعة التي صنعت مجد الاقتصاد الوطني لمدة 40 سنة بعد الاستقلال، مطالبين باتخاذ تدابير لمرافقتهم في اطار برنامجه الرامي الى إعادة بعث الإنتاج الوطني وتحقيق الإقلاع الاقتصادي ابتداء من هذه السنة. كما ناشد المنتجون الرئيس حماية المنتوج الوطني من "لوبيات" الاستيراد "التي ظلت خلال 20 سنة الماضية تستفيد من مزايا جبائية وضريبية جعلتها تغرق السوق بمنتوجات رديئة وغير صحية بأسعار منخفضة أضرت كثيرا بالمنتوج الوطني". في هذا الإطار، ناشدت اللجنة الوطنية لصانعي الأحذية رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون انطلاقا من سياسته الرامية لإعادة الاعتبار للصناعة الوطنية، التدخل وإسداء تعليمات لوزارة الصناعة من أجل إعادة بعث صناعة الأحذية التي عرفت تراجعا كبيرا منذ سنة 2001، "بسبب غزو الاستيراد الذي ينافس المنتوج الوطني المعروف بنوعيته الجيدة". وكشف السيد بن عمار مصطفى رئيس اللجنة ل"المساء" أن أصحاب هذه المهنة يعلقون آمالا كبيرة على رئيس الجمهورية الذي عبر عن نيته في بعث الاقتصادي الوطني ورفع حجم الصادرات خارج المحروقات، مشيرا إلى أن قطاع صناعة الأحذية قادر على تجسيد هذه الأهداف في حال تمكينه من ذلك، بالنظر إلى النوعية المعروف بها والتي تمكنه من بعث صناعة قوية قادرة على التصدير ومنافسة منتوجات البلدان الرائدة في انتاج الأحذية كما كان عليه الأمر سابقا. وندّد بن عمار بما سماه ب"التقارير الخاطئة" التي تصل الى وزارة الصناعة من طرف بعض المكلفين بإنجاز دراسات عن واقع هذه الصناعة، والتي تقدم، حسبه، صورة غير صحيحة عن قدرات الإنتاج الوطني للأحذية، واعتبار أنه غير قادر على الاستجابة لحاجيات السوق"، مطالبا في هذا السياق بتعين لجنة محايدة للتحقق من ذلك أو الجلوس إلى طاولة الحوار مع المنتجين، للتأكد من قدراتهم الإنتاجية والتزامهم بتوفير الكميات المطلوبة. وأشار محدثنا إلى أن المنتجين الحالين قادرون على توفير 80 مليون زوج من الأحذية سنويا، مذكرا بأن هذا القطاع كان يستجيب لحاجيات السوق بنسبة 100 من المائة في السنوات السابقة، قبل فتح الاستيراد، كما كان يعتبر القطاع الوحيد الذي لم يسبق وأن سجل ندرة أو نقص في الإنتاج بالرغم من الأزمة الاقتصادية التي عاشتها الجزائر في الثمانينيات. ومن بين أهم الاقتراحات التي توجهها لجنة صانعي الأحذية لحماية هذه الصناعة "مطالبة الدولة باتخاذ إجراءات لحماية المنتوج من المنافسة التي يفرضها الاستيراد، وذلك إما باتخاذ تدابير تمنع استيراد المنتوجات التي يمكن انتاجها محليا أو فرض رسوم وضرائب على الاستيراد". في هذا السياق انتقد السيد بن عمار بعض الجمعيات الوطنية التي اتهمها بالدفاع عن المستوردين على حساب الإنتاج الوطني، من خلال مطالبتها بإلغاء ضريبة الحق الزائد المؤقت على الاستيراد "دافس" التي تتراوح ما بين 30 و200 من المائة وتهدف إلى حماية المنتوج الوطني. وأضاف أن "لوبيات الاستيراد تضغط من أجل عدم إعادة بعث الصناعة الوطنية حفاظا على مصالحها"، مؤكدا أن المستوردين ومنذ 20 سنة استفادوا من امتيازات جبائية وجمركية سهلت عليهم الاستيراد العشوائي غير النوعي، مما جعلهم يسوقون منتوجاتهم الرديئة بأسعار منخفضة لتنافس بذلك الإنتاج الوطني، "عكس المنتجين المحليين الذين يستعملون مواد أولية من جلود وغيرها ذات جودة تجعل منتوجاتهم غالية الثمن مقارنة بتلك المستوردة". كما شدّد رئيس اللجنة الوطنية لصناعة الأحذية على ضرورة حماية المنتوج الوطني من خلال القيام بدراسة عميقة لحاجيات ووضعية السوق وفرض دفتر شروط صارم يضبط عملية الاستيراد للقضاء على الاستيراد الفوضوي وجعل المنتوج المستورد يخضع لمعايير الجودة والنوعية حماية لصحة المستهلك. وأضاف ممثل المنتجين أن سوق الاستيراد باتت تشهد فوضى كبيرة بسبب التحايل والغش على المستهلك، "فبعد المنتوجات الصينية الرديئة التي غزت المحلات التجارية، ها هي اليوم منتوجات تركية وإسبانيا تستهوي المواطن ظنا منه بأنها أحذية ذات نوعية، غير أن الواقع أثبت بأنها منتوجات مغشوشة موجهة خصيصا لسوق العالم الثالث ومنها الجزائرية..". وأوضح بن عمار بأن مصانع وورشات صناعة الأحذية قادرة على رفع التحدي والاستجابة لكل حاجيات السوق في حال دعمها وتلقي التمويل الكافي من البنوك وكذا مراجعة الرسوم والضرائب المفروضة عليها وزيادة الضرائب على الأحذية المستوردة لحماية المنتوج الوطني، مشيرا إلى أن الضرائب على المواد الأولية تتراوح حاليا ما بين 500 و600 دينار لكل زوج من الأحذية مصنع محليا. في حين أن بعض المتعاملين بإمكانهم بهذا السعر استيراد زوج من الأحذية قابل للبيع مباشرة. المطالبة بتمويل المؤسسات ومنح قروض لاستيراد المادة الأولية ومن بين المطالب الأخرى التي يرفعها أصحاب المهنة لإعادة بعث نشاطهم الذي تضرر وتراجع بسبب الاستيراد، استحداث بنك موجه خصيصا لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، باعتبار أن البنوك الحالية تقترح قروضا لتمويل العتاد فقط، في حين أن إشكالية منتجي الأحذية هي الحصول على قروض لاقتناء المواد الأولية. وذكر بن عمار أن عدد منتجي الأحذية تراجع بنسبة 80 من المائة حيث انخفض عددهم من 3500 منتج إلى 300 منتج، بسبب المنافسة غير الشريفة ونقص التمويل وارتفاع الرسوم على المواد الأولية. وفي معرض حديثه عن قدرة الصناعة المحلية للأحذية على تلبية حاجيات السوق الوطنية بأسعار تنافسية وجودة عالية والتوجه نحو التصدير، أشار محدثنا الى أن هذه القدرة تقارب 120 مليون زوج من الأحذية سنويا.