نزل الكاتب الأردني جلال برجس، ضيفا على الصالون الدولي للكتاب، حيث أجاب بالمناسبة على أسئلة الحضور في نشاط نظّم على شرفه وأداره الناقد مشري بن خليفة، حيث عبّر صاحب رواية "دفاتر الوراق" الحائزة على جائزة البوكر لعام 2021، عن سعادته الكبيرة لزيارة الجزائر، واعدا إطالة اقامته في هذا البلد العزيز على قلبه. انطلق الضيف في الحديث عن عدّة مواضيع في ردوده على أسئلة الحضور، فقال إنّه اختار أن تكون الشخصية البطلة لروايته، "وراقا" ردا على دعوات البعض في رقمنة كلّ شيء وإخضاع الإنسان لها، مضيفا أنّ ابراهيم كان مثقفا عاش بؤسا كبيرا وهو رمز لوضع الثقافة ليس في آخر اهتمامات دولنا بل خارجها تماما. وأكد برجس دور الرواية الاستشرافي، لهذا جعل من إبراهيم قاتلا فهل سيتحوّل المثقف في المستقبل إلى قاتل؟ وهل سيفقد دوره التنويري في مجتمعه؟ مضيفا أنّنا مقبلون على مرحلة أشدّ خطورة من التي نعيشها حاليا. أما عن فوزه بالعديد من الجوائز، فقال إنّه لا يملك بندقية يصطاد بها الجوائز، كما لا يفكّر في الجوائز حينما يكتب وإلاّ فإنّه لن يكتب نصا حقيقيا لكنّه سعيد بها لأنّها مكّنت كتبه من أن تترجم إلى لغات عديدة. وعن موضوع الترجمة، قال جلال إنّ الغرب يترجم لصنفين من الكتاب العرب، الصنف الأوّل الحائز على الجوائز والصنف الثاني الذي يكتب عن المواضيع التي تهمّ الغرب مثل احتقار المرأة والإسلام وغيرها. أما عن الرواية بصفة عامة فقال إنّها جنس أدبي غير ثابت ليست لها قوالب بل هي مبنية على لحظة شعورية متعلّقة بالكتابة وفكرتها. مضيفا أنّ العنصر المهم في العملية يتمثّل في تمتيع القارئ وادهاشه. وأضاف أنّ الرواية الحديثة أصبحت تستضيف أجناسا أدبية أخرى وفنونا مختلفة. كما أصبحت مصدر أرق للقارئ تدفع به إلى محاولة تغيير وضعه. بالمقابل أكّد وجوده في رواياته لكن بشكل مستتر. أما عن اهتمامه بأدب المكان، فقال إنّه يؤمن بأن يكون المكان في روايته بطلا من أبطال رواياته. وهو لا يقصد جغرافية المكان ولا تاريخها لكنه يهتم بالبعد الفلسفي حسب فلسفة استون باشلار. ورفض برجس أن يشرح أحداث رواياته للقارئ معتبرا أن الشرح في الرواية مفسدة بل يترك للقارئ فرصة التأويل. وقدّم في هذا الصدد مثالا بشخصية إبراهيم الذي تقمّص شخصية سعيد بدران في رواية "اللص والكلب" لنجيب محفوظ وهي الرواية التي كتبت في الخمسينات من القرن الماضي، وتقمّص إبراهيم نفسه الشخصية في رواية "دفاتر الوراق" التي كتبت العام الماضي وهو دليل على أنّ العالم العربي لم يتغيّر. كما تطرّق جلال برجس إلى عشقه للشعر الذي نما في قلبه منذ أن كان طفلا يعيش في قرية وكذا حينما كان يشتغل في الطيران الملكي في الصحراء. وقد بدأ في كتابة القصيدة العمومية ثم التفعيلة فالنثرية. وأكّد قدرة المثقف رغم الوضع المأساوي الذي يعيشه على أن يحمي نفسه من خلال الوعي فالثقافة هي الجبهة الأخيرة لحماية الإنسان.